أَمّا أَبو بِشرٍ فَقَد أَضحى الوَرى
كَلّاً عَلى نَفَحاتِهِ وَنَوالِهِ
فَمَتى تُلِمُّ بِهِ تَؤُب مُستَيقِناً
أَن لَيسَ أَولى مِن سِواهُ بِمالِهِ
كَرَمٌ يَزيدُ عَلى الكِرامِ وَتَحتَهُ
أَدَبٌ يَفُكُّ القَلبَ مِن أَغلالِهِ
أُبلِيتُ مِنهُ مَوَدَّةً عَبدِيَّةً
راشَت نِبالي كُلَّها بِنِبالِهِ
حَتّى لَوَ اَنَّكَ تَستَشِفُّ ضَميرَهُ
لَرَأَيتَني في الصَدرِ مِن آمالِهِ
أَوَ ما رَأَيتَ الوَردَ أَتحَفَنا بِهِ
إِتحافَ مَن خَطَرَ الصَديقُ بِبالِهِ
وَرداً كَتَوريدِ الخُدودِ تَلَوَّنَت
خَجَلاً وَأَبيَضَ في بَياضِ فَعالِهِ
وَالقَهوَةُ الصَهباءُ ظَلَّت تُستَقى
مِن طَيِّباتِ المُجتَنى وَحَلالِهِ
مَشمولَةً تُغني المُقِلَّ وَإِنَّما
ذاكَ الغِنى التَزييدُ في إِقلالِهِ
وَمُلَحَّباً لاقى المَنِيَّةَ حاسِراً
وَالمَوتُ أَحمَرُ واقِفاً بِحِيالِهِ
فَكَبا كَما يَكبو الكَمِيُّ تَصَرَّفَت
أَيّامُهُ وَاِنبَتَّ مِن أَبطالِهِ
فَأَتى وَقَد عَرَّتهُ مُرهَفَةُ المُدى
مِن روحِهِ جَمعاً وَمِن سِربالِهِ
لَو كانَ يُهدى لِاِمرِئٍ ما لا يُرى
يُهدى لِعُظمِ فِراقِهِ وَذِيالِهِ
لَرَدَدتُ تُحفَتَهُ عَلَيهِ وَإِن عَلَت
عَن ذاكَ وَاِستَهدَيتُ بَعضَ خِصالِهِ