سلكت دروب المخافات

التفعيلة : حديث

دع الصبح والليل يختلفان

سنبقى هنا عندما يفنيان

فلم يخلق الناس للموت فاعلم

وإن غرت الموت عنا الأماني

سلكت دروب المخافات حتى

تردد ظلاي أن يتبعاني

فظلي صباحاً وظلي مساءً

إذا سرت قاما فما يمشيان

فقلت اصحباني فإني وحيد

فسارا معي وهما خائفان

قد التصقا بي فبتُّ كتاباً

وباتا غلافين ينطبقان

فأصبحت في جوف ظلَّيَّ سراً

فلم يكتماني وإن كتماني

كراية نصر ببال أسير

فلم ينشراني ولم يطوياني

وأصبحت ظلاً تدثر ظلاً

غموضي وضوحي ولغزي بياني

شفيف تردى رداءً شفيفاً

هواء وماء له قدمان

وزل عن الظهر ذنبي اللحوح

وزل عن الكتف الكاتبان

ولم تثق الروح في الجسم ستراً

فلو شف بعد بدت للعيان

أنا كل شيء ولا شيء فاعلم

وما لي مكان وكلٌ مكاني

وما لي جسم ولي كل جسم

كما تأخذ الخمر شكل الدنان

وذرة رمل ودرة بحر

وهاتان واحدة لا اثنتان

أنا شهوة بالفتى قتلته

ولم يدر أنهما شهوتان

فتى وفتاة بغير الذي

في الكتاب المقرر يمتحنان

وكل رقيب على العشق أعمى

ولو راقب العاشق الثقلان

وتعرق من أذنيها قليلاً

فتجري على نحرها قطرتان

تسيلان عن جانبي عنقها

ثم في أول الصدر تتحدان

فيبصر في النحر سلسلتين

ويجهل أيهما من جمان

وينظر للسقف إن لمحته

وفي باله النهر والرافدان

وتخشى من العشق كالوحش لكن

ترى العشق وحشاً كثير الحنان

أنا قبلة أغضبت كل قاض

ولا تحتويها عقود القران

وإني هما بعد فض الحشود

وقد سال فوق الرصيف الدمان

أنا من يموت ويحيا مراراً

غيابي حضوري وخوفي أماني

وإني الخيال الذي لا يطال

ولكن تمر عليه اليدان

تمر عليه اليدان أليفاً

كما تمسحان بعرف الحصان

وليس حصاناً ولكن براق

ولا تدريان بما تلمسان

وقد درتا غير أنهما

بعد ما تدريان بما تدريان

أنا الماء والطين والريح والنار

والموت والبعث والصيحتان

أنا الأذنان وما تسمعان

أنا الناظران وما يبصران

أنا قول موسى لجانبي البحر

لما هوى بعصاه اعذراني

وبسمته إذ رأى الجانبين

وقد مر بالناس يعتنقان

أنا يد عيسى ورأس لعازر

والزيت والطيب والمريمان

يدان يقيمان ميتاً

يظن العساكر أنهما توثقان

لمست الصليب بكفي فأبدى

كساءً من الرند والأقحوان

وأصبح لي صاحباً في الكنائس

لم أفترق عنه منذ التقاني

رداي الأليف يجيء الرغيف

فأكسره وله الكسرتان

أنا صخرة القدس تلحق

ظل البراق ليرتفعا كالأذانِ

ولا يصغر الجسم مهما تعالى

ولا يصغر الظل بل يكبران

أنا القدس إذ ملئت أنبياءً

ترحب بالمضري اليماني

ونحو السماء معارج شتى

تصاعد عاليةً كالأغاني

معارج ألف لألف نبي

وألف براق وألف عنان

أنا السيد الحبر والولد الغمر

والماء والخمر يمتزجان

أنا الند والضد والهزل والجد

لا يعقد القد حول بناني

وإني هدوء الشوارع يلهي

الطواغيت عن موتها المتداني

وإني امتلاء الشوارع يوماً

بما تشتهي من وجوه حسان

تراني لعمرك في كل يوم

وتحسب أنك لست تراني

أنا أنت يا سامعي قم لندرك

ثاراتنا رغم أنف الزمان


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

زمانكم

المنشور التالي

مقام عراق: الإله والعنزة

اقرأ أيضاً