بيض طوالع من خيام سود

التفعيلة : البحر الكامل

بِيضٌ طَوالعُ من خيامٍ سُود

رُفِعَتْ لطَرْفِك من أقاصي البِيدِ

لو مُزِّقَتْ لرقَعْنَها بذَوائبٍ

أو قُوَضَتْ لدعَمْنَها بقُدود

خِيَمٌ تَرى إن زُرتَها بفِنائها

آثارَ جَرِّ قناً وجَرِّ بُرود

تَلقَى أُسودَ الغِيلِ بين عِراصِها

صَرْعَى لأحداقِ الظِباءِ الغِيد

سَكْرَى اللّواحظِ ما يُفِقْنَ من الصِّبا

من كُلِّ هيفاءِ المُوَشَّحِ روُد

مَكْحولةٌ بالسِحْرِ منها مُقلةٌ

كُحِلَتْ لها عَيْنايَ بالتَسهيد

خالَسْنَ تسليمَ الوَداعِ وقد هَفا

بالرَكْبِ شَجْوُ السائقِ الغِرّيد

وتَنافَسَتْ أنفاسُها وشُؤونُها

فَنَثَرْنَ دُرَّىْ أدمُعٍ وعُقود

وكأنّهُنّ نَزعْنَ من أجيادِها

تلك العقودَ ونُطْنَها بخُدود

ومُعذَّبٌ لا البُعْدُ يُسليهِ ولا

في القُرْبِ منك تَجودُ بالموعود

فإذا نأَى أمَسى أسير صَبابةٍ

وإذا دنا أضحَى قَتيل صُدود

عجَباً من الطَّيفِ المُلِمِّ بفتْيةٍ

شُعْثٍ بأطرافِ الفلاةِ هُجود

والصبْحُ أوّلَ ما تَنفّسَ طالعاً

والليّلُ مِثْلُ حُشاشةِ المَجْهود

يُدْني مَزارَك والمهامِهُ دُونَه

ليس البعيدُ على المُنى ببَعيد

يا ليلةً طَرِب الفؤادُ لِذكْرِها

إن كنتِ مُسعِدةَ المَشوقِ فَعُودي

أنا مَن عَهِدْتِ وإن لَقِيتُ حوادثاً

حالَ الزّمانُ بها عنِ المَعْهود

في كلِّ يومٍ أستَجِدُّ مَطامِعاً

يأبَيْنَ عن دارِ الهَوانِ شُرودي

والرّأسُ قد طالَ اشتِعالُ مَشيبِه

منّى وآن له أوانُ خُمود

والشِّعْرُ مثْلُ الشَّعْرِ ليس بمنكَرِ التْ

تَبْيِيضِ بعدَ تَقَدُّمِ التّسْويد

ولَوِ انجَلَتْ عنّى غَيابةُ ناظري

لرأيتُ مَوضِعَ رُشْدِيَ المَنْشود

وزَهِدْتُ في دُنيا تَشُحُّ بنَيْلِها

وإذا سَخَتْ لم تُولِ غيرَ زهيد

وقَطَعتُ في طَلَبِ النّجاةِ عَلائقي

وأرى مَضاءَ السّيفِ في التّجْريد

مالي أُنافسُ كلَّ ناقصِ مَعْشَرٍ

يَزْورُّ دونَ الفَضْلِ ثانيَ جِيد

يُزْهى بصَدْرٍ حَلَّه من مجْلسٍ

أقْصِرْ فلستَ عليه بالمَحْسود

لو كان بالفَضْلِ التّقدُّمُ يُقْتَنى

ما كان لا في أوّلِ التَّوحيد

ولقد أطَعْتُ كما عَصيْتُ عَواذِلي

فغَنيِنَ عن عَذَلي وعن تَفْنيدي

وحَللْتُ من عُقْلِ المَطّيِ مُشيحةً

وشَددْتُ فوق سِراعهنّ قُتودي

في غلْمةٍ ذرعَتْ بهم عَرْضَ الفَلا

هُوجٌ تَلُفُّ تَهائماً بنُجود

وإلى صَفىِ الدّولةِ اصسطحَبا معاً

وَفْدان وَفْدُ عُلاً ووفْدُ سُعود

العيدُ والركْبُ الذين دنَتْ بهِم

من نُورِ غُرَّته بَناتُ العيد

فأتَوْه والمَسعودُ وافِدُ مَعْشَرٍ

قَدِمَ الرَّجاءُ بهِ على مَسْعود

أمسَوا وفوداً مُعتفِينَ وأصبحوا

من سَيْبِه وهُمُ مُناخُ وُفود

واستَمطَروا سُحُبَ المواهبِ من يَدِ

بَيضاءَ صِيغَتْ للنَدى والجُود

فَلْيَهنِه عِيدانِ أمَّا بَيتُه

من كُلِّ عيدٍ قد ألمَّ سعيد

عَجميُّ عِيدٍ تابِعٌ عَربيَّهُ

من بَعْدِ شَهْرٍ كاملٍ مَعْدود

مَلِكٌ جُيوشُ النّصرِ حيث سَما له

يسْرِين تحت لوائه المَعْقود

وإذا أزار الأرضَ جُنْداً أيقنَتْ

أنّ السّماءَ تُمِدُّه بجُنود

وإذا تَجّهَم فيه سِرُّ ضمائرٍ

ألقَى إليه سَناهُ سِرَّ غُمود

أمّا الخلافةُ فَهْي تَأْوِى عِزّةً

منه إلى رُكنٍ يَتيهُ شَديد

وَرِثَ السّيادةَ كابِراً عن كابِرٍ

فَسما بِمجْدٍ طارِفٍ وتَليد

لا كالّذي قَعَدتْ به أجدادُه

لُؤْماً وأنْهَضه اتِفّاقُ جُدود

أوفَيْتَ تاجَ الحَضْرتَيْنِ بهِمّةٍ

قطَعَتْ نياطَ الحاسدِ المَكْبود

ونَظمْتَ شَمْلَ المُلْكِ بعد شَتاتَهِ

وشَبْبتَ نارَ الجُودِ غِبَّ هُمود

وقَمعْتَ أعداءَ الهُدى فتَطأْطَأَتْ

أعناقُهم من قائمٍ وحَصيد

وقَهرْتَهم بعُلُوِّ جَدِّك كلَّهم

ومن العَناءِ عَداوةُ المَجْدود

ورفَعْتَ أعلامَ العلومِ فأهْلُها

يَغْشَوْن ظِلَّ رِواقِك المَمْدود

وألَوكَ من سِرّ القلوبِ وأوجَبوا

بالاجتهادِ هَواك لا التَقْليد

ورأوْك أكبرَ هِمّةً فَتَزاحَموا

من حَولِ حَوضِ نَوالِك المَوْرود

وإذا وجَدْتُ البحرَ كان مُحرَّماً

أن يُستباحَ تَيمُّمٌ بصَعيد

ولْيَهنِكَ المتَجدّدِان تَتابَعَتْ

بُشْراهُما بالنّصْرِ والتّأييد

عِيدانِ مِن عيدٍ أظَلّ مُبَشّرٍ

سَعْدٍ ومِن عَقْدٍ عقَدْتَ جَديد

رَصّعْتَ تاجَ عُلاكَ منه بدرَّةٍ

أعْيَتْ على هِمَم المُلوكِ الصِّيد

شَرَفيّة شَهدَتٌ علي خَلَفِيّةٍ

تَنْمِى على الإحصاء والتّعديد

فتَهنَّها نِعَماً تَفيضُ على الفتى

بينَ الأماثلِ بُردةَ المَحْسود

فاللهَ أسألُ أن يَزيدَكَ رِفْعةً

مادامَ يُوجَدُ مَوضِعٌ لمَزيد

حتّى إذا امتَنع المَزيدُ تَناهِياً

ألقَى المراسِيَ في قَرارِ خُلود


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

ألا ليت قلبي يوم أعلن وجده

المنشور التالي

بكر العواذل أن رأين خصاصتي

اقرأ أيضاً