لمن أينق يا سعد ترقل أو تخدي

التفعيلة : البحر الطويل

لمَنْ أيْنُقٌ يا سَعْدُ تُرْقِلُ أو تخدي

تُغَوّرُ في غَوْر وتُنْجِدُ في نَجْد

حَوَانٍ كأمثال القسيِّ سهامها

أَعاريب ترمي بالسّرى غرض القصد

لهم فتكاتُ البيض والبيض شُرَّعٌ

بأَغبر من وقع الحوادث مسوَدّ

صَوادٍ إلى وِرْد المنون وما لهم

من العِزِّ إلاَّ كلّ صافية الوِرْد

جحاجحةٌ شمُّ العرانين هُتَّفٌ

بكلّ بعيد الغور ملتهب الزّند

على مثل معوجّ الحنايا ضوامر

طَوَيْنَ الفيافي كيف ما شئن بالأَيدي

أقولُ لحاديها رُوَيْدَك إنَّها

بقايا عظام قد تعقَّفن بالجلد

زجرت المطايا غير وانٍ فسرْ بها

على ضعفها لا بالذميل ولا الوخد

أَلَسْتَ تراها في رسومٍ دوارسٍ

لها وقفة المأسور قُيّد في قيد

وما ذاك إلاَّ من غرامٍ تُجِنُّه

وما كانَ أنْ يَخْفى عليك بما تبدي

وإلاّ فما بال المطِيّ يروعُها

رسيسُ جوًى يعدو وداءُ هوًى يُعدي

وشامَتْ وميض البرق ليلاً فراعَها

سنا البارق النجيّ وقداً على وقد

وعاودها ذكر الغَميم فأصْبحَتْ

تلوذُ بماد الدَّمع من حرقة الوجد

فَسِيقَ إليها الشَّوقُ من كلّ وجهةٍ

وليس لها في ذلك الشوق من بُدِّ

وقد فارقت من بعد لمياءَ أوجهاً

يسيل لها دمع العيون على الخدِّ

وساءَ زمانٌ بعد أنْ سرّها بهم

فماذا يلاقي الحرُّ في الزَّمن الوغد

ويوشك أن تقضِي أسًى وتلهُّفاً

على فائت لا يستمالُ إلى الردّ

سقى الله من عينيَّ أَكناف حاجر

إذا هي تستجدي السَّحاب فما تجدي

ورَعياً لأيَّام مضتْ في عِراصِها

تُؤَلِّفُ بين الظبْي والأسَدِ الوَرْدِ

قَضَيْنا بها اللّذّات حتَّى تصرَّمَتْ

وكنَّا ولا نظم الجمان من العقد

سلامٌ على تلك الدِّيار وإنْ عَفَتْ

منازلُ أَحبابي وعَهْدُ بني ودِّي

فمن مبلغٌ عنِّي الأَحبَّةَ أنَّني

حليف الهوى فيهم على القرب والبعد

ذكرتُهُم والوجدُ في القلب كامن

عليهم كمُونَ النَّار في الحجر الصّلد

فهل ذكروا عهد الهوى يوم قَوَّضوا

وهل عَلموا أنِّي مقيمٌ على العهد

وما اكتحلت عينايَ بالغمض بعدهم

كما اكتحلت بالغمض أعينهم بعدي

وما رُحْتُ أشكو لو حَظِيتُ بقربهم

زماناً رماني بالقطيعة والصّدِّ

أما وعليّ القَدْر وهي أليَّةٌ

رَفَعْتُ بها قدري وشدتُ بها مجدي

لقد سدَّ ما بيني وبين خطوبه

فهل كانَ ذو القرنين في ذلك السّدِّ

أراني أسارير الزَّمان إذا بدا

وأَقبلَ إقبالَ الكريم على الوفد

ومنه متى حانت إليَّ التفاتَةٌ

فلا نحسَ للأيَّام في نظر السّعد

كريمٌ إذا استعطفت نائِلَ بِرِّهِ

وقد يعطف المولى الكريم على العبد

إذا شاءَ في الدُّنيا أراني بفضله

مشافهة ما قيل في جنَّة الخلد

وأَمَّنني إلى جَدواه يهدي عفاته

ولا ينكر المعروف بالقائم المَهدي

يلوحُ عليه نور آل محمَّد

كما لاح إفرندٌ من الصَّارم الهندي

يكاد يدلُّ النَّاسَ ضوءُ جبينه

على النسَب المرفوع والحسب المعدي

نتيجة آباءٍ كرامٍ أئمَّةٍ

هُداةٍ بأمر الله تهدي إلى الرُّشد

رُبُوا في جحور المجد حتَّى ترعرعوا

وفوق جياد الخيل والضمَّرِ الجُرْد

فلي فيهم عقد الولاء وكيف لا

ولم يخلقوا إلاَّ أَولي الحلّ والعقد

إذا ما أتى في هل أتى بعض وصفهم

قرأتُ على أجداثهم سورة الحمد

على أنَّني فيهم ربيبٌ وإنَّني

أعيشُ بجدواهم من المهد للَّحد

وما أَنا في بغدادَ لولا جميلهم

لدى منهلي عذبٍ ولا عيشة رغد

فبُورك من لا زالَ يُورثني الغنى

وذكَّرني أيَّام داود ذي الأَيدي

وهب أنَّه البحرُ الخضَمُّ لآملٍ

فهل وَقَفَتْ منه العقولُ على حدّ

له بارق الغيث المُلِثّ وما له

لعمر أبيك الخير جلجلة الرَّعد

وما أشبَهَتْكَ المرسَلات بوبلها

بما لك من جدوًى وما لك من رفد

أغَظْتُ بك الحُسَّاد حتَّى وَجَدْتَني

ملأتُ بها صدرَ الزَّمان من الحقد

سلِمْتَ أبا سلمان للناس كلّها

ولا رُوِّعَتْ منكَ البريَّة في فقد

ولا حُرِمَ الرَّاجون فيما تُنيله

مكارم تُسْتَحلى مذاقتُها عندي

فداؤك نفسي والأَنام بأَسرها

وما أنا من يفديك من بينهم وحدي

لتعلو على الأَشراف أبناء هاشم

وتقضي على علاّتها إرَبَ المجد

وما زلتَ مرَّ السّخط مسْتَعْذَبَ النَّدى

فآونةً تُجدي وآونة تردي

كأَنَّك شمسٌ في السَّماء وإنَّما

بضُرّ ضياء الشَّمس بالحَدَقِ الرُّمدِ

شَهِدتُ بأن لا ربَّ غيره

وأنَّ ندى كفَّيك أحلى من الشهد

لقد عادك العيد المبارك بالهنا

فبشّرته من بعد ذلك بالعَوْد

إليك فمُهديها إليك قوافياً

محاسن تروى لا عن القدّ والنَّهد

ربيب أياديك الَّتي يستَميحها

وشاعرك المعروف بالهزل والجدّ


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

يا ليلة في الليالي

المنشور التالي

ما غاب بدر دجى منكم ولا غربا

اقرأ أيضاً