الدَّولَةُ المَملُوكِيَّةُ أو السَّلطَنَةُ المَملُوكِيَّةُ (647هـ – 923هـ / 1250م – 1517م ) هي إحدى الدُول الإسلاميَّة التي قامت في مصر خِلال أواخر العصر العبَّاسي الثالث، وامتدَّت حُدُودها لاحقًا لِتشمل الشَّام والحجاز، ودام مُلكُها مُنذُ سُقُوط الدولة الأيوبيَّة، حتَّى بلغت الدولة العُثمانيَّة ذُروة قُوَّتها وضمَّ السُلطان سليم الأوَّل الديار الشَّاميَّة والمصريَّة إلى دولته بعد هزيمة المماليك في معركة الريدانيَّة
كانت العربيَّة هي اللُغة الأولى السائدة بين جميع أطياف الشعب في العصر المملوكي، أمَّا سلاطين المماليك فقد تحدثوا التُركيَّة كلُغةٍ أُم، والتُركيَّة المقصودة هُنا هي التُركيَّة القفجاقيَّة المُنقرضة اليوم. وعلى الرُغم من أنَّ المماليك البُرجيَّة كانوا شراكسة، فإنهم تحدثوا التُركيَّة كذلك كونها كانت لُغة أسيادهم المماليك البحريَّة، فلقَّنوهم إيَّاها بِمُجرَّد قُدومهم إلى مصر، فكان من نتيجة ذلك أن تترَّك هؤلاء لُغةً وثقافةً. من جهةٍ ثانية، فإنَّ الفترة التي عاشها العرب في ظل الدولة المملوكيَّة مع غيرهم من الأعراق كالتُرك والشركس والمغول والأرمن، أفضت إلى تأثُّرهم بِثقافهم هذه الأقوام مثلما تأثَّر هؤلاء بِالثقافة العربيَّة، وكان من نتائج هذا التأثير أن ألقت كُل ثقافة بِظلالها على الأُخرى فأوحت إليها ببعض الألفاظ والتعابير الاصطلاحيَّة التي كانت تنمو مع نُموِّ الأزمنة وتخضع لِتطوُّراتها، واستمرَّ بعضها صامدًا في مصر والشَّام إلى اليوم.
يُعدُّ عهد المماليك بداية دور الانحطاط في تاريخ الحضارة الإسلاميَّة، وكما شهدت حقبة المماليك عدَّة مُنجزات علميَّة وفكريَّة، وإنما بدأت الحضارة الإسلاميَّة في تلك الفترة تتراجع شيئًا فشيئًا. ففي حقل العلم كانت القاهرة ودمشق وحماة من أهم مراكز طب العُيُون في العالم، وقد أخرجت عددًا من الأطباء الأفذاذ الذين كانوا حُجَّة ومرجعًا في هذا العلم.
أمَّا في الأدب والتاريخ والدين فقد ظهر عددٌ من أعظم الباحثين وأغزر المُؤلفين المُسلمين، مثل ابن خلِّكان صاحب كتاب وفيَّات الأعيان في السِّير، وأبي الفداء صاحب كتاب تقويم البُلدان في الجُغرافيا، والسُّيوطي وابن خلدون والمقريزي، وابن كثير صاحب كتاب البداية والنهاية، وهم من أشهر المُؤرخين المُسلمين. وقد اشتهر بعضُ سلاطين المماليك بِتشجيع العلم وتكريم العُلماء وبِإنفاق المال بِسخاء على تأسيس المدارس وإنشاء المكتبات، ومن تلك الصُرُوح العلميَّة: المدرسة الناصريَّة ومدرسة قايتباي في القاهرة، والمدرسة والمكتبة الظاهريَّة في دمشق، والمدرسة القرطائيَّة في طرابُلس الشَّام. أيضًا أصبح الجامع الأزهر في العهد المملوكي جامعةً كُبرى تُدرِّس بها مذاهب أهل السُنَّة والجماعة الأربعة إلى جانب العُلُوم الأُخرى.
مؤلفون من حقبة المماليك: