لقد أعقبت بالبؤس منك وبالنعمى

التفعيلة : البحر الطويل

لَقَد أَعقَبَت بِالبُؤسِ مِنكَ وَبِالنُعمى

وَأَصبَحَ طَرفاً لا أَراكَ بِهِ أَعمى

سُقيتَ الحَيا مِن ظاعِنِ الثُكلِ قَد ثَوى

وَأَبقى رُبوعَ المَجدِ موحِشَةً عُتما

وَقَد كُنتُ أُمضيهِ عَلى الخَطبِ مُنصُلاً

وَآوي لَهُ رُكناً وَأَسري بِهِ نَجما

تَرَحَّلَ لَمّا أَن تَكامَلَ مَجدُهُ

وَلَيسَ كُسوفُ البَدرِ إِلّا إِذا تَمّا

لَقَد عاشَ رَغماً لِلحَواسِدِ وَالعِدا

وَماتَ عَلى أَنفِ النَدى وَالهُدى رَغما

وَكانَت لَيالي العَيشِ بيضاً بِقُربِهِ

فَقَد أَصبَحَت أَيامُنا بَعدَهُ دُهما

وَقَد كانَ يُعطي السَيفَ في الرَوعِ حَقَّهُ

وَيَرضى إِذا أَرواهُ في الشِركِ أَن يَظما

وَيُضحِكُ ثَغرَ النَصرِ في كُلِّ مَعرَكٍ

يُرى وَسطَهُ وَجهُ الرَدى عابِساً جَهما

وَكانَ إِذا الأَمجادُ ظَنّوا نَوالَهُم

لِمُستَمنَحٍ غُرماً رَأى بَذلَهُ غُنما

إِذا بَخَلوا أَعطى وَإِن أَحجَموا مَضى

وَإِن أَصلَدوا أَورى وَنارُ عَما

أَلا فَأتِيا بَطحاءَ لَبلَةَ فَاِندُبا

بِها مَصرَعاً غالَ الشَجاعَةَ وَالحِلما

وَأَجوَدُها تَندى الصِلادُ غَضارَةً

بِهِ وَيَفوحُ التُربُ مِسكاً إِذا شُمّا

وَما عُذرُ أَرضٍ أُشرِبَتهُ فَأَنبَتَت

نَباتاً وَلَم تُنبِت ذَكاءً وَلا حَزما

بَني فاخِرٍ أَمسَيتُمُ يَومَ فَقدِهِ

كَأَنجُمِ أُفقٍ فارَقَت بَدرَها التِمّا

ذَهَبتَ أَبا الحَجّاجِ لَم تُبقِ ذِلَّةً

وَأَبقَيتَ فينا المَجدَ وَالسُؤدَدَ الضَخما

فَرِزؤُكَ قَد عَمَّ البَرِيَّةَ كُلَّهُم

كَما كانَ فيهِم جودُ يُمناكَ قَد عَمّا

فَكَم حَلَّ في أَحشائِهِم مِنكَ مِن جَوىً

وَكَم حَلَّ في أَيديهِمُ لَكَ مِن نُعمى

وَخَلَّفتَ ثَكلى لا تَكُفُّ جُفونُها

بُكاءً وَلا تَندى جَوانِحُها غَمّا

تَنوحُ لَها الأَطيارُ في القُضبِ رِقَّةً

وَيُذري عَلَيها المُزنُ أَدمُعَهُ رَحما

عَلَيكَ سَلامُ اللَهِ مِنَ الرَدى

وَمادامَ فيكَ الدَمعُ دونَ العَزا خَصما

وَلاحَ أَصيلُ اليَومِ بَعدَكَ شاحِبا

وَريحُ الصَبا مُعتَلَّةً تَشتَكي السُقما


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

محا قدومك عنا الرعب والعدما

المنشور التالي

يلحى الزمان وما عليه ملام

اقرأ أيضاً