قضى نحبه الصوم بعد المطال

التفعيلة : البحر المتقارب

قَضى نَحبَهُ الصَومُ بَعدَ المِطالِ

وَأُطلِقَ مِن قَيدِ فَترِ الهِلالِ

وَرَوَّحتُ كاتِبَ جَنبي اليَمينِ

وَأَتعَبتُ كاتِبَ جَنبي الشِمالِ

فَدَع ضيقَةً مِثلَ شَدِّ الإِسارِ

إِلى فُرجَةٍ مِثلِ حَلِّ العِقالِ

وَقُم هاتِها مِثلَ ثَوبِ النُضارِ

وَمَوجِ البِحارِ وَطَعمِ الزُلالِ

جَزى اللَهُ عَنّي عَروسَ الدَوالي

وَلا أَخطَأَتها كُئوسُ العَزالي

بِما أَطعَمَت مِن لَذيذِ الثِمارِ

وَما أَلبَسَت مِن نَسيجِ الظِلالِ

وَما سَلسَلَت مِن مُذابِ السُرورِ

وَما خَفَّضَت مِن جِماحِ التَقالي

فَكَم زَخرَفَت جَنَّةً لِلعَذابِ

وَكَم رَفَعَت قَبَساً لِلضَلالِ

أُغالِطُ بِالكَأسِ حُكمَ الزَمانِ

فَيَومٌ عَلَيَّ وَيَومٌ بِها لي

وَجاءَت بِما في عُيونِ النِساءِ

وَمَرَّت بِما في رُءوسِ الرِجالِ

وَأَسلو الغزالَ بِها إِذ أَرى

بِكاساتِها دَمَ ذاكَ الغَزالِ

بِعَيشِكَ عُج بي إِلى مَعرَكٍ

يَقومُ بهِ أَيُّ حَربٍ سِجالِ

إِذا مَزَجَ الماءُ مِنها الكُئوس

مَزَجنا أَسِنَّتَها بِالنِصالِ

وَإِنِّيَ فارِسُ صَفِّ النِدامِ

فَكُن أَنتَ فارِسَ صَفِّ القِتالِ

تَجَلَّت عَنِ الناسِ صَرعى الضِرابِ

وَعَنّي وَلَكِن صَريعَ الدَلالِ

وَسَكرانَ كَرَّرَ مِن سُكرِهِ

زَمانٌ عَلى كُلِّ عَقلِ مُمالي

فَسُكرُ الشَبابِ وَسُكرُ الشَرابِ

وَسُكرُ الصُدودِ وَسُكرُ الوِصالِ

فَلا تَذكُرَنَّ عُهودَ الوِصالِ

فَعَهدي بِها وَاللَيالي لَيالِ

وَلَم أَبكِ عَهداً رَجاءَ الرُجوعِ

وَلَكِن أُحادِثُهُ بِالصِقالِ

بَعَثنَ اللَيالي ببأسٍ شَديدٍ

عَلَيَّ قَديماً فَجاسَت خِلالي

فَما جاءَ عَن مِعطَفي ذَمُّ جانٍ

وَلا جاءَ عَن جَوهَري ذَمُّ حالي

وَلَم أَستَغِث تَحتَ ظِلِّ الخُطو

بِ جَرجَرَةَ البُزلِ تَحتَ الرِحالِ

فَزاحِم عَنِ الجَلَلِ المُتَّقى

تُزاحِم بِمَنكِبِ عَودٍ جُلالِ

خَشُنتَ لِحالٍ كَشَوكِ القَتادِ

وَلِنتُ لِأُخرى كَشَوكِ السِيالِ

وَلَستُ لِساناً لِذُلِّ السُؤالِ

وَما زِلتُ صَدراً لِعِزِّ السُؤالِ

حَديثٌ يُنجّي فُروعَ السَحابِ

وَأَصلٌ يُناطي أُصولَ الجِبالِ

وَلي قَلَمٌ مِنهُ عَينُ الكَلا

مِ تَجري فَتَنظُرُ عَينَ الكَمالِ

يَراعٌ تَظَلُّ رِياضُ الطُرو

سِ مِنها مُوَشَّحَةً بِالظِلالِ

كَمِثلِ الوَقيعَةِ فيها الزُلالُ

يُسيغُ الوَقيعَةَ لي في الزُلالِ

وَكُتبٌ يَفيضُ بِأَرجائِها

يَمينُ الجَدا وَلِسانُ الجِدالِ

تَقَدَّمَها الشَكلُ مِن فَوقِها

كَمِثلِ السِهامِ أَمامَ النِضالِ

وَكَم تُرِّبَت وَاِنبَرَت لِلعَدُوِّ

كَوَثبِ الشَرارِ وَهَدَّ الجِبالِ

فَيَأطِرنَهُ مِثلَ أَطرِ القِسِيِّ

وَيَبرينَهُ مِثلَ بَريِ النِبالِ

بما في بَراثِنِ أُسدِ الغِياضِ

وَما في جُفونِ ظِباءِ الرِمالِ

وَكَم قد كَسَونَ عَواري ظُباً

وَكَم قد سَلَبنَ عَواري عَوالي

تَبسَّمُ عَن مُطمِعٍ مُؤيِسٍ

بَدِيِّ المَنارِ صَفِيِّ المَنالِ

عِنانٌ تَناوَلَ ما رامَهُ

بِشَدِّ الحِضارِ وَحَلِّ العِقالِ

تُكَلِّلُ أَفلاكَ قِرطاسِها

شُموسٌ شَوامِسُ عِندَ الزَوالِ

فَلا أَقصَرَ النَومُ غَيرَ الطِوالِ

وَلا حَسَمَ الداءَ غَيرَ العُضالِ

وَرَفِّه عَلَيكَ فَأَدنى السُؤا

لِ يَأخُذُ مِنِّيَ أَعلى النَوالِ

وَأَمّا عَدُوّي فَلا نِمتُ إِن

تَسَرّاهُ في النَومِ طَيفُ الخَيالِ

وَما راعَ سَمعي رُغاءُ الفُحولِ

فَكَيفَ يَروعُ ثُغاءُ السِخالِ

حَديثٌ كَما طَنَّ خافي الذُبابِ

وَقَدرٌ كَما طارَ عافي الذُبالِ

وَإِنَّ القَماءَةَ أَخفَتهُمُ

فَخَفّوا فَما خَطَروا لي بِبالِ

وَلا غَروَ لَو ضَلَّ مَن قَد هَدَيتَ

ضَلالُ الدَليلِ دَليلُ الضَلالِ

سَيَكفي عَلى الرَسمِ في مِثلِهِ

أَواخِرَكُم مَن كَفاني الأَوالي

وَما رِبحُ أَحسَنتُ إِلّا لِمَن

غَدا يَشتَري القَولَ مِن رَأسِ مالِ

وَكَم قيلَ عَن قائِلٍ إِنَّهُ

وَإِنَّ وَإِنَّ وزادَ التَغالي

فَجِئتُ إِلى مائِهِ غَيرَ آلٍ

فَلَم أَرَ في قَفرِهِ غَيرَ آلِ

رَجاءٌ يُشيرُ بِشَدِّ المَطِيِّ

وَيَأسٌ يُشيرُ بِحَطِّ الرِحالِ

وَحالٌ لَها حِليَةٌ بِالحَديثِ

تَغُرُّ وَمَحصولُها غَيرُ حالِ

وَصَدِّيَ عَنك صُدودُ العِتابِ

وَصَدُّكَ عَنّي صُدودُ المَلالِ

إِذا كُنتَ مالي الَّذي في يَدي

فَإِنِّيَ مالٍ إِلى غَيرِ مالِ

نَبا سَمعُ صَبري عَلى وَعدِهِم

فَلا تَختَدِعهُ بِقيلٍ وَقالِ

وَلَجتُ مِنَ اللُطفِ سَمَّ الخِياطِ

وَأَشكو مِنَ الحَظِّ ضيقَ المَجالِ


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

صبرت على استبطاء عاقبة الصبر

المنشور التالي

عد العتاب فما أعدت عتابا

اقرأ أيضاً

عقدوا شعورهم عمائم

عَقَدوا شُعورَهُمُ عمائِمْ ونَضَوْا جُفونَهُمُ صوارِمْ بِيضٌ ذوائِبُهُم ذوا بِلُهُمْ وأَعْيُنُهُمْ لهاذِمْ حَرَسوا رياضَ جمالهم منها بأَمثالِ الأَراقِمْ…