وليلة حالكة الإزار

التفعيلة : بحر الرجز

وَلَيلَةٍ حالِكَةِ الإِزارِ

مَدّتْ جناحاً كسوادِ القارِ

يَحْجُبُ عَنّا غُرّةَ النّهارِ

عَقَرْتُ فيها الهَمَّ بِالعقارِ

بِجِسمِ ماءٍ فيهِ رُوحُ نارِ

في مَجلِسٍ ضَمَّ بَني الفَخارِ

كَهالَةٍ تَضحَكُ عَن أَقمارِ

تَزَاحَمَتْ بِأَنْجُمٍ دَراري

مِن كُلِّ ذِمْرٍ في حِمَى الذِّمارِ

مُهينُ مَالٍ وَمُعِزُّ جارِ

يُسْقَوْنَ من ساطِعَةِ الأَنوارِ

كَثيرَةِ الأَسماءِ وَالأَعمارِ

أَعبَقَ مِن نَفحَةِ مِسْكٍ دَاري

أَرَقَّ في حُسْنٍ وَفي احمِرارِ

مِن ماءِ خَدٍّ راقَ في عجارِ

تَكادُ ذاتُ القرطِ وَالسِوارِ

وَالنَّغمُ الرَّطبُ على الأَوتارِ

إِذ أَسمَعَتنا نَغَمَ الهَزارِ

يَجري معَ الأَرواحِ في المجاري

حَتّى إذا ما غَنَّتِ القَمَاري

مُناغِماتٍ حِزَقَ الأَطيارِ

صَوافِراً وَالصُّبحُ في الأَسفارِ

قُمنا لِنَنفي عَرَضَ الخُمارِ

عَن جَوهَرِ الأَنفُسِ في الصَّحاري

بِكُلِّ طِرْفٍ سَلْهَبٍ مُطَارِ

مُوَجَّهِ الإقبالِ والإدبارِ

إِن بادَرَ السَّبقَ مَعَ المَجاري

طَارَتْ بِهِ قَوادِمُ النجارِ

يَتبَعُهُ كُلُّ صَيودٍ ضارِ

ظامي الضُّلوعِ ضامِرُ الأَخْصارِ

كَأنَّهُ في عُقدَةِ الزُّنَّارِ

بِأَعيُنٍ لَم تُغْضِ من عُوّارِ

كَالجَّمرِ بَينَ الهُدْبِ والأَشفارِ

تَكادُ تَرمي الصَّيدَ بِالشرارِ

كَأنَّما يُكَشِّرُ عَن جِمَارِ

يُعَقِّفُ الأَذنابَ لِلصُّوارِ

كَأَنَّها عَقاربُ القِفارِ

وَحاكِمٌ في الوَحشِ بِالتَّبارِ

أسْرَعُ من برْقٍ ومن إعْصَارِ

ولَحظَةِ الصَّبِّ على حذارِ

أَصفَرُ مِن لَونٍ جَنَى بَهارِ

كَأَنَّما صِيغَ مِنَ النّضَارِ

آسَدتُه وَالظَبيِ في نِفارِ

ما بَينَ جَثجَاثٍ إِلى عَرارِ

فَمَرَّ في غَيمٍ منَ الغُّبارِ

يُشْكِلُ منه أحْرُفَ الآثارِ

كَأَنَّما يَطلُبُهُ بِثارِ

ماذا يُريدُ الظَّبيُ بِالفِرارِ

مِنِ ابنِ ريحٍ في قَميصِ نارِ

وَهوَ مَعَ الإِجهادِ وَالإِضرارِ

يَحذِفُهُ بِيَرْمَعٍ صغارِ

حَذْفَ المُوَلِّي بِاليَدِ اليَسارِ

فَلَو تَرانا في انتِزاحِ الدَّارِ

في رَوضَةٍ كالغادةِ المِعطارِ

نَأكُلُ مِن صَيدِ أَبي العَقّارِ

وَنَشرَبُ الصَّهباءَ بِالكبارِ

ما كُنتُ إِلّا خالِعَ العِذَارِ


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

وزرقاء في لون السماء تنبهت

المنشور التالي

ورب صبح رقبناه وقد طلعت

اقرأ أيضاً