لقد أدنت لك البلد السحيقا

التفعيلة : البحر الوافر

لَقَد أَدنَت لَكَ البَلَدَ السَحيقا

فَهَل كانَت خُيولاً أَم بُروقا

وَهَل مَن قَلَّدَ الخَيلَ المَخالي

كَمَن جَعَلَ الشَكيمَ لَها عَليقا

سَرَت مُقوَرَّةً تَجلو الدَياجي

بِأَروَعَ يُلبِسُ اللَيلَ الشُروقا

أَثَرنَ عَجاجَةً خيلَت دُخاناً

وَخيلَ سَنا الحَديدِ بِها بُروقا

وَبارَينَ الرِياحَ لِكَسبِ نَصرٍ

رَجَعنَ حَوامِلاً مِنهُ وَسوقا

وَما لِمُمَلَّكٍ في العِزِّ حَقٌّ

إِذا لَم يَستَرِدَّ كَذا الحُقوقا

لَأَسرَعتَ اِنصِلاتاً وَاِعتِزاماً

وَفَخرُ السَيفِ أَن يُلفى دَلوقا

نُصِرتَ وَكُنتَ أَوفى الناسِ رِبحاً

أَوانَ تُقيمُ لِلهَيجاءِ سوقا

وَلاقَت طَيِّئٌ ضَرباً دِراكاً

أَطارَ طُلىً وَأَذرِعَةً وَسوقا

رَمَيتَهُمُ بِعَزمٍ لَو تَحَدّى

حَديدَ السُدِّ جاوَزَهُ مُروقا

وَعَزمٍ ناصِرِيٍّ بَثَّ فيهِم

فَيالِقَ غادَرَت هاماً فَليقا

وَظَنّوا العَزمَ ضَحضاحاً بَكِيّاً

فَكانَ لِحَينِهِم بَحراً عَميقا

وَقَد زَأَرَت أُسودُهُمُ فَلَمّا

دَنَوتَ غَدا زَئيرُهُمُ شَهيقا

وَوَلَّوا عَن حَريمِهِمُ فِراراً

فَكُنتَ بِصَونِ مَن تَرَكوا حَقيقا

وَلَولا أَن كَفَفتَ الجَيشَ عَنهُ

لَسيقَ مَعَ السَوامِ غَداةَ سيقا

فَأَلحَقتَ المَتالي بِالعَذارى

وَكَثَّرتَ الأُطَيفالَ الرَقيقا

وَلَو لَم تَقفُ رَأياً حَيدَرِيّاً

لَما أَوصَلتَهُم إِلّا العَقيقا

وَقَد وَرَدَت رِماحُ الخَطِّ مِنهُم

مَوارِدَ لَم تَدَع بِالقَومِ موقا

قَناً تَمضي مُصَمِّمَةً فَتَقضي

لِسَكرانِ الغَوايَةِ أَن يُفيقا

وَقَد صَدَرَت تَمايَلُ كَالنَشاوى

فَهَل سُقِيَت نَجيعاً أَو رَحيقا

أَتَيتَهُمُ بِما كَرِهوا نَهاراً

إِباءً أَن تُوافِيَهُم طُروقا

لَئِن وَجَدوا الثَباتَ لَهُم عَدُوّاً

لَقَد وَجَدوا الفِرارَ لَهُم صَديقا

لَقَد ذَكَروا عَلى جَرَشٍ طِعاناً

بِلوبِيَةٍ بَلَوكَ بِهِ خَليقا

وَما سَبَقوا الحِمامَ هُناكَ إِلّا

كَما سَبَقَ الحَمامُ السَوذَنيقا

وَلَو ثَبَتوا فُواقاً لِلمَواضي

وَلَم يَتَيَقَّنوا الخَبَرَ الصَدوقا

جَعَلتَ حَصى بِلادِهِمُ عَقيقاً

بِما سَفَكَت وَتُربَتُها خَلوقا

وَهَل في أَرضِهِم إِلّا فَريقٌ

يُحَدِّثُ بِالَّذي لاقى فَريقا

أَتَيتَ لِتَقتَضي حَقّاً مُبيناً

هُناكَ فَكانَ باطِلُهُم زَهوقا

أَبَت لَكَ أَن تُسامَ الخَسفَ نَفسٌ

إِلى غَيرِ الفَضائِلِ لَن تَتوقا

وَمَحمِيَةٌ أَبَت إِلّا اِنتِقاماً

وَقَهراً إِذ أَبَوا إِلّا فُسوقا

وَإِن قَطَعوا طَريقاً بَعدَ هَذا

فَقَد عَرَفوا إِلى الحَتفِ الطَريقا

وَإِن لَزِموا المُروقَ وَذا مُحالٌ

فَقَد عَرَفَت دِماؤُهُمُ المُريقا

أَبَيتَ سِوى صَريحِ العِزِّ غُنماً

وَغَيرُكَ غانِمٌ غَنَماً وَنوقا

شَنَنتَ عَلَيهِمُ شَعواءَ أَبقَت

لِكُلٍّ مِنهُمُ قَلباً خَفوقا

سَتُنسي راعِيَ النَعَمِ الحُداءَ ال

حَنينَ وَراعِيَ الشاءِ النَعيقا

وَإِن غادَرتَ صَبرَهُمُ أَسيراً

فَقَد غادَرتَ رُعبَهُمُ طَليقا

تُزاحِمُهُم إِذا سَلَكوا فَضاءً

فَكَيفَ بِهِم إِذا سَلَكوا مَضيقا

وَإِن ضاقَت بِلادُ اللَهِ جَمعاً

بِفَلِّهِمِ فَعَفوُكَ لَن يَضيقا

وَإِنَّكَ لَو مَنَعتَ الدَهرَ شَيئاً

لَأَضحى عَن تَناوُلِهِ مَعوقا

وَكُنتَ إِذا عُلىً بَعُدَت مَنالاً

إِلى غاياتِها أَبَداً سَبوقا

أَرى اِسمَ المَلكِ مُشتَرَكاً مُشاعاً

وَمَعناهُ بِغَيرِكَ لَن يَليقا

وَكَم جاوَزتَ في طَلَبِ المَعالي

طَريقاً ما وَجَدتَ بِهِ رَفيقا

فَياذا الصَدرِ يَزدادُ اِتِّساعاً

إِذا ما اِزدادَ صَدرُ الدَهرِ ضيقا

وَقَتكَ مِنَ الرَدى أَرواحُ قَومٍ

مَتى بَخِلوا بِها بَخِلوا عُقوقا

تَخِذتَ صَلاحَ حالِهِمُ صَبوحاً

وَصَفحَكَ عَن مُسيئِهِمُ غَبوقا

فَلَو مُنِيَ الزَمانُ بِما تُعاني

لَما كانَ الزَمانُ لَهُ مُطيقا

أَدامَ اللَهُ أَيّاماً جَنينا

بِضافي ظِلِّها العَيشَ الأَنيقا

وَزادَ اللَهُ قَدرَ أَبي عَلِيٍّ

وَإِن رَغِمَت أَعاديهِ بُسوقا

فَما أَمَّ العِدى إِلّا مُشيحاً

وَلا قَصَدَ الوَغى إِلّا مَشوقا

فَدامَ أَخاً شَقيقاً لِلمَعالي

وَدُمتَ لَها أَباً بَرّاً شَفيقا

رَأَيتُكَ دَوحَةً طالَت فُروعاً

وَطابَت مَنبِتاً وَزَكَت عُروقا

فَحَبسٌ ذا الثَناءُ عَلَيكَ إِنّي

وَجَدتُكَ في مَحَبَّتِهِ عَريقا

لَقَد شَجِيَت بِكَ الحُسّادُ غَيظاً

فَلا بَرِحَ الشَجى تِلكَ الحُلوقا

وَلا عَرِيَت رُبوعُكَ مِن مَساعٍ

قَضَت لَكَ أَن تَفوزَ وَأَن تَفوقا


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

بإحرازك الفضل الذي بهر الخلقا

المنشور التالي

كلانا إذا فكرت فيه على شفا

اقرأ أيضاً

ألم يكن أشد قوم رحضا

أَلَم يَكُن أَشَدَّ قَومٍ رَحضا سَرّاءَهُم وَالأَخبثينَ رَكضَا إِذ رَكَضُوا وَالأَضعَفينَ قَبضا حينَ أَطالُوا في الأُمورِ المَخضا ثُمَّ…