ما إِن عَلِمنا وافياً مِنَ البَشَر
مِن أَهلِ أَمصارٍ وَلا مِن أَهلِ بَر
وَلا عَلى عِدّانِ مَلكٍ مُحتَضَر
أَوفى مِنَ المُنجي حُيَيّاً بِالقَدَر
وَعاصِماً سَلَّمَهُ مِنَ الغَدَر
مِن بَعدِ إِرهانٍ بِصَمّاءِ الغَبَر
حِوالَ حَمدٍ وَائتِجارَ المُؤتَجِر
وَذِمَّةَ الوافي وَبُرءاً مِن خَفَر
وَالعِلمَ أَنَّ الجَريَ جارٍ بِالخَبَر
وَأَنَّما الأقوامُ أَجسادُ الحُفَر
فَأَصبَحا بِنَجوَةٍ بَعدَ ضَرَر
مُسَلَّمينِ مِن إِسارٍ وَأَسَر
بارِئَةً أُمّاهُما مِنَ العَبَر
مَرزُوقَتي رَوحٍ وَنَومٍ عَن سَهَر
سَيباً وَنُعمى مِن إِلَهٍ ذي دِرَر
وَعَصفَ جارٍ هَدَّ جارُ المُعتَصَر
لا جَأنَبٌ وَلا مُسَقّىً بِالغَمَر
وَلا ضَعيفٌ عِندَ تَعسيرِ العَسَر
وَلا عَييّ بِأَجارِيِ اليَسَر
مُهَذَّبُ العودِ قَذورٌ لِلقَذَر
صافي النِحاسِ لَم يُوَشَّع بِكَدَر
وَلَم يُخالِطُ عودَهُ ساسُ النَخَر
إِذا المُلِمّاتُ اِعتَرَينَ بِالزَوَر
أَجلَينَ عَنهُ أَصلَتيّاً لَم يُضَر
تَجَلِّيَ الظَلماءِ عَن وَجهِ القَمَر
لَمّا رَأى تَلبيسَ أَمرٍ مُؤتَمَر
حَيرانَ لا يُبرئُهُ مِنَ الحَيَر
وَحيُ الإِلَهِ في الكِتابِ المُزدَبَر
غَيَّر عَن أَضيافِهِ أَوفى الغِيَر
وَلَم يُوَرِّع هَمَّهُ تَحتَ السَحَر
أَعضادُ بُنيانِ النيافِ المُجتَدَر
مُظاهِراً بِحَجَرٍ عَلى حَجَر
مِن عاتِقِ الجِصِّ وَمَلبونِ المَدَر
فَهو مُعالى السَمكِ صَعبُ المُقتَسَر
وَكَم قَتَلنا مِن قَتيلٍ مُشتَهَر
شافي الأُحاحِ أَو بَعيدِ المُشتَغَر
جَرَّت عَليهِ وَهوَ نائي المُزدَجَر
جَرائِم الأَقوامِ تَرمي بِالشَرَر
فَاِن يُعَقِّب دَرَكٌ عَلى ثَمَر
يُبرِئُ داءً أَو يَقي إِحدى الكُبَر
فَلَم يَكُن يُنكِرُ فيما لَم يُعَر
حَملَ المِئينَ والمئين وَالغُرَر
مِن جورِ أَيدينا خَلا قَتلِ الثُؤَر
حَتّى تَسَدّاهُم عَلى هَولِ الحَذَر
بَينَ الجِهارِ وَالسِرارِ المُستَسِر
بِمِخدَرٍ مِنَ المَخادِرِ ذَكَر
يَهُذُّ رُومِيَّ الحَديدِ المُستَمَر
عَنِ الظَنابيبِ وَأَغلالِ القَصَر
هَذَّكَ سُوّاقَ الحَصادِ المُختَضَر