ذكراني عهد الصبا بسعاد

التفعيلة : البحر الخفيف

ذَكّراني عَهْدَ الصبا بسعاد

وخَوافي الجوى عليَّ بوادي

ورَواحي مع الهوى وغدوّي

لا عداها يوماً مصبُّ الغوادي

وبياض المشيب سَوَّدَ حَظي

عِنْدَ بيض المها سوادَ المداد

يا ابن وُدِّي وللمودَّة حقٌّ

فاقضِ إن شئتَ لي حقوق الوداد

وأَعِدْ لي ما كانَ من برحاء

كنتُ منها في طاعة وانقياد

يومَ حانَ الوداع من آل ميّ

فأرانا تَفَتُّتَ الأَكباد

تركوا عَبرتي تصوب وَوَجدي

في هياجٍ ومهجتي في اتّقاد

هلْ علمْتُمْ في بينكم أنَّ عيني

لم تذق بعدكم لذيذ الرقاد

لا أذوق الكرى ولا أطعمُ الغم

ضَ ولا تَنثني لطيفٍ وسادي

واللَّيالي الَّتي تَمرُّ وتمضي

ألَّفَتْ بين مقلتي والسُّهاد

كلّ يومٍ أرى اصطباري عنكم

في انتقاص ولوعَتي في ازدياد

قد أخذتم منِّي الفؤاد فردُّوا

في تَدانيكم عَليَّ فؤادي

وأعيدوا ما كانَ منَّا ومنكم

وليَكُنْ ما جَرى على المعتاد

أينَ عهدي بهم فقد طال عهدي

فسُقي عهدهم بصَوب عِهاد

فمرضي في هواك زادني سقاماً

فَلَعلِّي أراك في عوَّادي

فَدموعي على هَواك غزارٌ

وفؤادي إلى رضابك صادي

يا عَذولاً يَظُنُّ أنَّ صلاحي

في سُلُوِّي وذاك عينُ فَسادي

أنا فيما أراه عنكَ بوادٍ

في هيامي وأنتَ عنِّي بواد

إنَّما أعينُ الظِّباء وما يج

هل منها مصارع الآساد

ما أراني من القوام المفدَّى

ما أراني من القنا الميَّاد

ولحاظٍ كأنَّهنَّ بقلبي

مُرهَفَات سُلَّتْ من الأَغماد

أيُّ قلبٍ عذَّبته بصدودٍ

ودُنُوٍّ نَغَّصَتْهُ ببعاد

لم يُفدْني تطلُّبي من ثِمادٍ

أبتغيه ورقَّةٍ من جَماد

ما لحظي من اغترابي وما لي

موُلعٌ بالاتهام والإِنجاد

ويَدُ البين طالما قَذَفَتْني

غُرَّةً في دكادك ووهاد

وتَقَلَّبْتُ في البلاد وماذا

أبتَغي من تَقَلُّبي في البلاد

ليتَ شعري وليتني كنتُ أدري

ما مرامي من النوى ومرادي

وببغدادَ من أُحاولُ فيها

أشْرَفُ الحاضرين في بغداد

وهو عبد الرحمن نجلُ عليٍّ

عَلَويُّ الآباء والأَجداد

التَّقيّ النَّقيّ قولاً وفعلاً

والكريمُ الجوادُ وابنُ الجواد

رفعَ اللهُ ذِكره في المعالي

من عَليِّ العُلى رفيع العماد

شَرَفٌ باذخ ورفعةُ ذكر

رَغِمَتْ عندها أُنوفُ الأَعادي

هكذا هكذا المكارم تروى

والمزايا من طارف وتلاد

ساد بالعلم والتُّقى سيّد النا

س فخاراً للسَّادة الأَمجاد

يَقتَني المالَ للنَّوال وإنْ كا

نَ لَعَمري فيه من الزهّاد

شرح اللهُ صدْرَهُ فأرانا

في سَواد الخطوب بيض الأَيادي

كم رَوَتْنا الرُّواة عنه حديثاً

صَحَّ عندي بصحّة الإِسناد

وأَعَدْتُ الحديثَ عنه فقالوا

ما أُحيلى هذا الحديث المعاد

فَيُريني حلاوة الجود جوداً

وأُريه حَلاوةَ الإِنشاد

عَلِمَ اللهُ أنَّه في حِجاهُ

مُفْرَدُ العَصْر واحدُ الآحاد

صَيْرَفِيُّ الكلام لفظاً ومعنًى

من بصير بذوقهِ نقَّاد

يعرف الفضل أهْلَهُ وذَووه

وامتياز الأَضداد بالأَضداد

إنْ تغابَتْ عنه أُناسٌ لأمرٍ

أَو عَمَتْ عنه أعينُ الحسَّاد

فكذاك البياض وهو نقيٌّ

مُبْتلى في نقائه بالسَّواد

يا بني الغوث والرُّجوع إليكم

حينَ تعدو من الخطوب العوادي

يكشف الله فيكم الضُّرَّ عنَّا

وبكم نَقْتَفي سَبيلَ الرَّشاد

كيفَ لا نستمدُّ من رُوحِ قوم

شُفَعَاء لنا بيوم المعاد

رضيَ الله عنهم ورضوا عنه

خيار العباد بين العباد

فولائي لهم وخالص حبِّي

هو ديني ومذهبي واعتقادي

فعلى ذلك الجناب اعتمادي

وإلى ذلك الجناب استنادي

فضلكم يشمل العُفاة جميعاً

ونداكم للصادر الوَرَّاد

إنَّ لله فيكم كنز عِلْمٍ

ما له ما بقيتم من نفاد

إنْ حدا هذه القصائد حادٍ

فلها من جميل فِعلك حادي

وعليكم تملي القوافي ثناءً

عطراتِ الأَنفاسِ في كلِّ ناد

وإذا ما أردْتُ مدحَ سواكُم

فكأنِّي اخترطت شوك القتاد

ربحت فيكم تجارة شعري

لا رماها في غيركم بالكساد

أنا في شكركم أروح وأغدو

فأنا الرَّائح الشكورُ الغادي


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

لله منزل جابر من منزل

المنشور التالي

متى يشتفي هذا الفؤاد المتيم

اقرأ أيضاً

لماذا ؟

عجبتُ لهذهِ الدُّنيا ولا أخفيكُمُ عَجَبي فكَم من مَذهَبٍ فيه وكم فيها مِنَ الشُعَبِ يناقضُ بعضُها بعضً تحيّرُنا…