لا أَتَّضِع إِلَيهِ
حَتَى يَلينَ لِضِرسِ الماضِغِ الحَجَرُ
وَلا أَقصُرُ الهَوى عَلَيهِ
حَتّى يُقَصِّر عَن غاياتِهِ القَدَرُ
وَلا أُحالِفُ قُربَهُ
حَتّى يُحالِفَ بَطنَ الراحَةِ الشَعَرُ
وَلا أُصالِحُ قَلبَهُ
حَتّى يُرى طائِراً مِن مائِهِ الشَرَرُ
فَكَم تَعَللَّتُ فيهِ بِالمُنى
وَذَلِكَ الصَفوُ قَد أَودى بِهِ الكَدَرُ
وَكَم دَفَعتُ الأَسى فيهِ بِالأَسى
وَلا مَرَدَّ لِما يَأَتي بِهِ القَدَرُ
وَكَم غالَطتُ فيهِ الحَقيقَةَ
وَالحَقُّ أَبلَجُ لا تَخفى لَهُ غُرَرُ
وَكَم عادَيتُ فيهِ النَفسَ الصَديقَةَ
بَصيرَةُ الحُبِّ أَلا يَنظُرَ البَصَرُ
فَكانَ في إِخفاءِ أَسراري
كَمَن دَبَّ يَستَخفي وَفي الحَليِ جُلجُلُ
وَفي حِفظِ وَدائِعِ أَخباري
كَما اِستَخزَنَ الماءَ المُرَوّقَ مَنهَلُ
لا جَرَمَ أَنّي دافَعتُ بِهِ الغَرام
كَما دافَعَ الدينَ الغَريمُ المُماطِلُ
وَذُدتُ قَلبي عَن ذَلِكَ المَرام
كَما ذادَ ظَمآنا عَنِ الماءِ ناهِلُ
فَوَزنُ هَواهُ الآنَ في عَيني
كَما طارَ في ساقي الرِياحِ تُرابُ
وَعُذرُ غَدرِهِ في مِسمَعي
كَما طَنَّ في لَوحِ الهَجيرِ ذُبابُ
وَحاصِل حُبِّهِ في قَلبي
كَما لاحَ في لَوحِ القِفارِ سَرابُ
وَقَد رَجَعتُ عَن مَحَلِّهِ
كَما رَجَعَ المَغبونُ بَعدَ بِياعِهِ
وَما كانَ مِثلي نازِلاً بِمِثلِهِ
وَلَكِنَّ دَهراً ضاقَ باعي بِباعِهِ