يقولون في الإسلام ظلما بأنه

التفعيلة : البحر الطويل

يقولون في الإسلام ظلماً بأنه

يَصُدّ ذويه عن طريق التقدم

فإن كان ذا حقّاً فكيف تقدّمت

أوائله في عهدها المتقدم

وإن كان ذنب المسلم اليوم جهله

فماذا على الإسلام من جهل مسلم

هل العلم في الإسلام إلاّ فريضة

وهل أمة سادت بغير التعلُّم

لقد أيقظ الإسلام للمجد والعلا

بصائر أقوام عن المجد نُوَّم

وحلّت له الأيام عند قيامه

حُباها وأبدت منظر المتبسّم

فأشرق نور العلم من حَجَراته

على وجه عصر بالجهالة مظلم

ودّك حصون الجاهلية بالهدى

وقَوّض أطناب الضلال المخيّم

وأنشط بالعلم العزائم وابتنى

لأهليه مجداً ليس بالمتهدّم

وأطلق أذهان الورى من قيودها

فطارت بأفكار على المجد حُوَّم

وفَكّ أسار القوم حتى تحفّزوا

نهوضاً إلى العلياء من كل مَجْثَم

فخلَّوا طريقاَ للبداوة مَجهَلاً

وساروا بنهج للحضارة مُعلَم

فدَوَّت بمُستَنّ العلا نهضَاتهم

كزعزع ريح أو كتيّار عَيْلَم

وعمّا قليل طبّق الأرض حكمهم

بأسرع من رفع اليدَيْن إلى الفم

وقد حاكت الأفكار عند اصطدامها

تلألؤ برق العارض المُتَهّزِم

ولاحت تباشير الحقائق فانجلت

بها عن بني الدنيا شكوك التوهُم

وما ترك الإسلام للمرء ميزة

على مثله ممَّن لآدم ينَتمي

فليس لمُثْرٍ نقصُه حقَ مُعدِم

ولا عربيٍ بخسه فضل أعجم

ولا فخرَ للإنسان إلاّ بسعيه

ولا فضلَ إلا بالتُقى والتكرُّم

وليس التقى في الدين مقصورةً على

صلاة مُصلَّ أو على صوم صُيَّم

ولكنها ترك القبيح وفعل ما

يؤدي من الحُسنى إلى نيل مَغْنَم

فتَقوى الفتى مَسعاه في طلب العلا

وما خُصَّت التقوى بترك المحرّم

فهل مثل هذا الأمر يا لأولي النُهى

يكون عثاراً في طريق التقدّم

وإن لم يكن هذا إلى المجد سُلَّماً

فأيّ ارتقاءٍ بعدُ أم أيّ سلّم

ألا قل لمن جاروا علينا بحكمهم

رُوَيداً فقد قارفتم كل مأثمَ

فلا تنكروا شمس الحقيقة أنها

لأظهَرُ من هذا الحديث المُرَجَّم

عَلَوْنا وكنتم سافلين فلم نكن

لنُبدي إليكم جَفوة المتهكِّم

ولم نترك الحُسنى أوان جدالكم

وتلك لعمري شِيمة المتحلِّم

فلما استدار الدهرُ بالأمر نحوكم

كشفتم لنا عن منظر متجَهِّم

فلا تأمنوا الأيام أن صُرُوفها

كما هي إذ أودت بعاد وجُرْهُم


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

وضح الحق واستاقم السبيل

المنشور التالي

همم الرجال مقيسة بزمانها

اقرأ أيضاً

نفسي الفداء لمن أوده

نَفسي الفِداءُ لِمَن أَوَدُّه وَإِنِ استَحالَ وَساءَ عَهدُه مُتَفاوِثُ الحُسنَينِ يَث قُل رِدفُهُ وَيَخِفُّ قَدُّه كَمُلَت مَحاسِنُهُ لَنا…