أصبحت أوسعهم لوما وتثريبا

التفعيلة : البحر البسيط

أصبحت أوسعهم لوَماً وتثريبا

لما امتطَوْا غارب الإفراط مركوبا

وألهبت منهم الأهواء جاريةً

إلى التفرٌّق اُلْهْبا فألهوبا

وأرسلوهنّ مُرخاةً أعِنّتها

يُوغِلن في الأمر إحضاراً وتقريبا

فأرهجوا الشرّ حتى أن هَبْوَتَه

مَدّت سُرادقها في اللوح مضروبا

راموا الصلاح وقد جاءوا بلائحة

خرقاء تترك شمل الشعب مشعوبا

قد كلّفوا شططا فيها حكومتهم

وخالفوا الحزم فيها والتجاريبا

عَدُّوا النصارى وعدوا المسلمين بها

ونحن نعهدهم طرّاً أعاريبا

قد حكّموا الدين فيها فعي مُعربَة

عمّا يكون لدعوى القوم تكذيبا

من مبلغ القوم أن المصلحين لهم

أمسوا كمن لبِس الجِلباب مقلوبا

ما بالهم وطريق الحق واضحةٌ

لا يسلكون إلى الإصلاح مَلحوبا

أفي مصالح دنياهم وهم عرب

جاءوا على حسب الأديان ترتيبا

ما ضرّهم لو نحَوْا في الأمر جامعةً

تنفي الكنائس عنها والمحاريب

لكنهم أمة تأبى مشاربهم

إلا التعصب للأديان مشروبا

قد حاولوا الحق واشتطّوا بمطلبه

حتى بدا وجهه كالليل غِربيبا

قد يطلب الحق طيّاش فيُبطله

ما كل طالب حقّ نال مطلوبا

قاموا يُريدون إصلاحاً فقمت لهم

استنطق الشعر تأهيلاً وترحيبا

ورحت أحتثّهم حدواً بقافية

غازلت في صدرها الآمال تشبيبا

حتى إذا مخضوا آراءهم ظهرت

للناس زُبدتها ثأياً وتخبيبا

ساروا وسرت فكان السير مختلفاً

يرمي لوَجهين تشريقاً وتغريبا

كانوا أحقّ البرايا مطلباً فغَدوا

من أبطل الناس في الدنيا مطاليبا

راموا انشقاق العصا بالشَغْبِ ملتهباً

والحقد مضطرماً والضِغن مشبوبا

إني لأبصر في بيروت قائبةً

للشَرّ مُوشِكةً أن تُخرج القُوبا

أو أكرة من دناميت إذا انفجرت

فنارها تنسف الشبان والشيبا

وقد رأيت أناساً واصلين بها

وهم بباريز مِلْبارود أنبوبا

وآخرين بمصر يطلبون لها

تفرقعاً يجعل المعمور مخروبا

ويترك الناس في دهياءَ مظلمة

يَرتدُّ منها بياض الشمس حُلبوبا

قل للعُرَيْسيّ والأنباء شائعة

والصحف تروي لنا عنه الأعاجيبا

علام تعقِد في باريز مؤتمراً

ما كنت فيها برأي القوم مندوبا

وهل تعمّد حقي العظم فَعلته

لما نمى خبراً للطان مكذوبا

إذا راح يستنجد الافرنج منتصفاً

كأنه حَمَل يستنجد الذيبا

خافوا التذبذُب في أعمال دولتهم

من أن يجُرّ على الأوطان تخريبا

وكان خوفهم حقاً لو أنهم

لم يعدِلوا عن طريق الحق تنكيبا

لكنهم جاوزوا نهج الصواب إلى

وادي تُهُلِك فاستقصوا به الحُوبا

ولم يُبالوا بما أبدَوْا من جَنَف

أن يُمسي الوطن المحبوب محروبا

فهم كمن فرّ من قَطر يُبلّله

ثَم انْتحى السيل أو جاء الميازيبا

لو كان في غير باريز تألُّبهم

ما كنت أحسبهم قوماً مناكيبا

لكنّ باريز ما زالت مطامعها

ترنو إلى الشام تصعيداً وتصويبا

ولم تزل كل يوم من سياستها

تُلقي العراقيل فيها والعراقيبا

هل يأمن القوم أن يحتلّ ساحتهم

جيش يدُكّ من الشام الأهاضيبا

يا أيها القوم لا يغرُركم نفر

ضجُّوا بباريز إفساداً وتشغيبا

جاءت رسائلهم بالشرّ مغريةً

تفتن في المكر أُسلوباً فأسلوبا

فطالعوهنّ بالأيدي مطالعةً

تسطو عليهن تمزيقاً وتأريبا

أن يصدُقوا أنهم لا يلبسون سوى

محض النصيحة في الدعوى الجلابيبا

فسوف يقرع كل سِنّةُ ندماً

ويُسبل الدمع في الخدين مسكوبا


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

هي المنى كثغور الغيد تبتسم

المنشور التالي

خاض الدجى وظلام الليل مختلط

اقرأ أيضاً