ألم تر أن الدهر يكتب ما تملي

التفعيلة : البحر الطويل

ألم تَر أنّ الدّهرَ يَكْتبُ ما تُمْلِي

ويَتْبَعُ ما تَأتي من العَقْدِ والحَلِّ

وأنّ بني الآمالِ حَلْيُ بني العُلا

وأنّ ذوي الإفضال ذُخْرُ ذوي الفَضل

مُحيَّاكَ للسّارِينَ كالبَدْرِ في السَّنا

ويُمناكَ للعافينَ كالقَطْرِ في المَحْل

فيا شَمْسُ بل يا وَبْلُ هل أنت مُنقذي

ومُنقِذُ صَحْبي من يَدِ الشّمسِ والوَبْل

بحَدْباءَ إن نَوّخْتُ خرَّتْ لدى الفتى

صَريعاً وإن ثَوّرْتُ قامتْ على رِجْل

وليستْ بفَتْلاء اليدَيْنِ لدى السُّرى

ولكنَّها من نَسْجِ مُسْتَحكم الفَتل

من البُلْقِ يَعلو ظَهرُها هامَ أهلِها

وفي السَّيرِ تَعلو أظهُرَ الخيلِ والإبل

وتَصلُح عند النّاس للضَّرْبِ وَحدَه

فتُضرَبُ ما تَنفكُّ في الحَزْن والسّهْل

ومن عجَبٍ أنْ لم تَقُمْ قَطُّ قَوْمةً

إذا هيَ لم تُربَطْ بشَيءٍ من الشَّكْل

وأَعجَبُ من ذا الحالِ أنّ لرِجْلِها

مَفاصلَ أضحَتْ سهلةَ الفَصلِ والوصْل

ولا غَرو أن يَسخو بظِلٍّ نَحُلُّه

فتىّ جُودُه فَوقَ الورى سابِغُ الظِّلّ

ونحن أُناسٌ فرَّقَ الدّهرُ شَمْلَنا

وأنت امْرؤ معروفُه جامِعُ الشَّمْل

وهل عن سديدِ الحَضْرةِ اليومَ مَعْدِلٌ

لِمُلتَمِسِ الإحسانِ منا أو العَدْل

فلا تَحْدُو إلاّ إليه مَطِيَّتي

ولا تُلْقيا إلاّ بأبوابِه رَحْلي

فليس سَبيلُ الحَمدِ إلاّ إلى الّذي

يَحُلُّ من الآمال في مَجْمَع السُّبْل

فَداكَ امْرؤٌ إن زَلَّ منه لسانُه

بخَيرٍ تَلافَى زَلّةَ الوَعْدِ بالمُطْل

وكُلُّ بخيلٍ حالفَ البُخْلُ كفَّه

ولم يَدْرِ أنّ المالَ يُخْلَفُ بالبَذْل

رأيتُكَ تَشْري الحَمْدَ بالوَفْرِ جاهداً

وتَحْمي مَكانَ الجِدِّ في زَمنِ الهَزل

وتَستأثِرُ المُثْري وتُؤثِرُ مُقْوِياً

فيَهزُل في خِصْبٍ ويَسمَنُ في مَحْل

فلا سلَب الأيّامُ منك بَهاءها

فما أنت إلاّ حِليةُ الزَّمنِ العُطْل


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

قل لسديد الحضرة المرتجى

المنشور التالي

وجد الصبا للعاشقين رسولا

اقرأ أيضاً