تفردت بالمجد دون الأمم

التفعيلة : البحر المتقارب

تَفَرَّدتَ بِالمَجدِ دونَ الأُمَم

وَحُزتَ مِنَ العَزمِ ما لَم يُرَم

فَما لِحَديثٍ أَتى في العُلا

حَديثٌ وَلا لِقَديمٍ قَدَم

وَفي كُلِّ يَومٍ ثَناءٌ يَسيرُ

وَمَجدٌ يَخُصُّ وَجودٌ يَعُمّ

سَلَكتَ إِلى نَيلِ ما رُمتَهُ

سَبيلاً لِغَيرِكَ لَم يَستَقِم

وَقَد أَعجَزَ الناسَ هَذا الصُعودُ

وَما بَلَغَت مُنتَهاها الهِمَم

وَلَو لَم يَكُن لَكَ إِلّا الفَعالُ

لَأَغناكَ عَن فَخرِ خالٍ وَعَمّ

عَلى أَنَّ مَعشَرَكَ الضارِبو

نَ هَبراً حِيالَ حِيالِ النِعَم

هُمُ القَومُ يَبلُغُ مَولودُهُم

مَدى الحِلمِ قَبلَ بُلوغِ الحُلُم

إِذا خوشِنوا فَبِحارُ الرَدى

وَإِن حوسِنوا فَبِحارُ الكَرَم

وَلَو لَم يَكُن لَهُمُ مَفخَرٌ

سِواكَ لَقالَ الوَرى حَسبُهُم

وَفي رَوضِ أَيّامِكَ المونِقاتِ

تَنَزَّهَ طَرفُ المُنى فَلتَدُم

فَقَد ضَحِكَ الدَهرُ عُجباً بِها

وَما كانَ مِن قَبلِها يَبتَسِم

أَنَرتَ لَيالِيَ أَهلِ الشَآمِ

وَكانَ نَهارُهُمُ مُدلَهِمّ

وَبَيَّضتَ بِالعَدلِ سودَ الوُجوهِ

وَسَوَّدتَ بِالأَمنِ بيضَ اللِمَم

أَبى حَلُّ سَيفِكَ عَقدَ العِدى

لِعَقدِ الخِلافَةِ أَن يَنفَصِم

فَلِلَّهِ جِدُّكَ ماذا بَنى

وَإِقبالُ جَدِّكَ ماذا هَدَم

وَلِلَّهِ سَيفُ عَلِيٍّ فَكَم

أَشَمَّ المَذَلَّةَ أَنفاً أَشَمّ

لَوَكَّلتَ طَيّاً بِطَيِّ القِفارِ

وَلَو لَم تَرُم مُلكَهُم لَم يُرَم

وَفَرَّقتَهُم فِرَقاً في البِلادِ

فَهَل كانَ عَزمُكَ سَيلَ العَرِم

فَإِن شَرِكوا الرومَ في شِركِهِم

فَما رُزِقوا الحَظَّ مِن مُلكِهِم

عَلَيهِم مِنَ اللَعنِ أَضعافُ ما

عَلَيهِم وَلَيسَ لَهُم ما لَهُم

فَلا يَأمَنوا نُصرَةَ المُشرِكينَ

فَعِندَهُمُ فَوقَ ما عِندَهُم

عَجِبتُ لِمُنهَزِمٍ عائِذٍ

بِمُنهَزِمٍ مِن يَدَي مُنهَزِم

وَمِن مُسلِمٍ خانَ إِسلامَهُ

وَيُظهِرُ لِلشِركِ رَعيَ الذِمَم

لَقَد عَدِموا الرَأيَ فَاِستَنصَروا

طَرائِدَ مَن ذَلَّ في نَصرِهِم

فَهَب آلَ يونانَ لَم يُخبَروا

فَأَبناءُ قَحطانَ مَن غَرَّهُم

وَما يَقبُحُ الجَهلُ مِن جاهِلٍ

كَما يَقبُحُ الجَهلُ مِمَّن عَلِم

وَقَد أَطمَعَ القَومَ إِهمالُهُم

فَعاثوا وَأَغراهُمُ حَينُهُم

فَرُد أَرضَهُم في جُيوشِ الإِمامِ

لِتُنسِيَ ما فَعَلَ المُعتَصِم

وَوَفِّر بِقَسطونَ قِسطَ النُزولِ

بِصَحرائِها فَالمُسيؤونَ هُم

فَقَد طالَما نَزَلوا بِالرَقيمِ

فَصَبَّحتَ أَحياءَهُم بِالرَقِم

وَيَمِّم بِها مِن وَراءِ الدُروبِ

لِيَلحَقَ بِالمُستَذِمَّ المُذِمّ

فَسُمرُ الرِماحِ تَشَكّى الظَما

وَبيضُ الصِفاحِ تَشَكّى القَرَم

فَتِلكَ مَشارِبُها في الصُدورِ

وَهَذي مَطاعِمُها في القِمَم

وَقالوا بَغى القُطَّبانُ اللِقاءَ

وَأَوعَدَ بِالحَربِ فيما زَعَم

فَقُلتُ سَيَصرَعُهُ بَغيُهُ

كَذاكَ بَغى صالِحٌ فَاِختُرِم

وَعيدٌ تَبَيَّنَ فيمَن أَتاهُ

كَتَبيِينِ ريحِ الصَبا في إِضَم

وَما لِلخَصِيِّ وَما لِلِّقاءِ

وَكَيفَ تُلاقي الرِجالَ الحُرَم

وَأَنتَ قَتَلتَ أَعَزَّ الفُحولِ

فَما ذا يَظُنُّ أَذَلُّ الخَدَم

وَلا وَاِعتِزامِكَ لا رُوِّعَت

بِتِلكَ البَهائِمِ هَذي البُهَم

أَأَنصارَ مِلَّةِ خَيرِ الوَرى

أَتَرضَونَ لِلحَقِّ أَن يُهتَضَم

أَلا فَاِقتَضوا دَينَ دينِ الهُدى

لِيُنجِزَ رَبُّكُمُ وَعدَكُم

فَهَذي الطَريقُ إِلى جَنَّةِ ال

خُلودِ فَمَن حادَ عَنها نَدِم

وَقَد آنَ لِلحَقِّ أَن يُستَرَدَّ

كَما آنَ لِلداءِ أَن يَنحَسِم

فَأَبلوا أَمامَ إِمامِ الهُدى

بَلاءً يُؤَمَّلُ مِن مِثلِكُم

لِتَأتوا إِلَهَكُمُ في المَعادِ

بِأَعمالِكُم دونَ أَنسابِكُم

وَجودوا بِأَنفُسِكُم إِنَّما

يُصانُ الوَشيجُ لِكَي يَنحَطِم

وَكَيفَ يَخافُ الرَدى مَعشَرٌ

إِذا عَطَبَ المَرءُ مِنهُم سَلِم

فَلا بُدَّ مِن قَودِها شُزَّباً

طِوالٌ أَعِنَّتُها وَالحُزُم

جَوامِحُ مِن بَعدِ طولِ السُرى

تُجاذِبُ أُسدَ اللِقاءِ اللُجُم

فَكُلُّ طَريدٍ بِها مُدرَكٌ

وَكُلُّ بَعيدٍ عَلَيها أَمَم

كَأَنّي بِها مِن وَراءِ الخَليجِ

أَمامَ المُظَفَّرِ تَهوي زِيَم

وَقَد قابَلَ البَحرَ سَيفُ الإِمامِ

بِبَحرِ رَدىً مَوجُهُ مُرتَطِم

وَقَد غَصَّ بِالجَيشِ ذاكَ الفَضا

فَضاقَ عَلى الخائِفِ المُنهَزِم

فَما وَهدَةٌ ما بِها صَعدَةٌ

وَلا عَلَمٌ ما عَلَيهِ عَلَم

سَيُعطيكَ مَلكُهُمُ مُلكَهُ

وَعن ذِلَّةٍ ذاكَ لا عَن كَرَم

جَرى لَكَ في اللَوحِ أَلّا عَزيزَ

يَعِزُّ عَلَيكَ وَجَفَّ القَلَم

وَقَد حَكَّمَتكَ شِفارُ السُيوفِ

عَلى كُلِّ ذي عِزَّةٍ فَاِحتَكِم

أَبَيتَ فَنارُكَ لا يُصطَلى

لَظاها وَجارُكَ لا يُهتَضَم

وَقُمتَ بِفَرضِ جِهادِ العَدُوِّ

فَأَغنى قِيامُكَ مَن لَم يَقُم

فَلا تَحسَبِ الرومُ أَن قَد رَقَدتَ

فَمُذ نَبَّهَتكَ العُلى لَم تَنَم

عَزائِمُ تَمضي مَضاءَ الظُبى

وَتُربي عَلى كُلِّ نَجمٍ نَجَم

فَمِنها فَوادِحُ تُجلي العِدى

وَمِنها مَصابِحُ تَجلو الظُلَم

فَأَيُّ وَلِيٍّ بِها ما اِهتَدى

وَأَيُّ عَدُوٍّ بِها ما رُجِم

أَنَختُ لَدَيكَ مَطايا المُنى

وَهَل يَتَعَدّى زُهَيرٌ هَرِم

فَأَمَّنتِني بِالعُلُوِّ الغُلُوَّ

وَأَعدَمتَني بِالنَوالِ العَدَم

وَلَو كانَ ذا العيدُ ذا ناظِرٍ

لَأَعشَتهُ أَنوارُ هَذي الشِيَم

فَدُمتَ تُوَدِّعُهُ ما مَضى

وَتَلقاهُ مُستَقبِلاً ما قَدِم

فَلَسنا نُراعُ لِظُلمِ الخُطوبِ

وَعَدلُكَ عادٍ عَلى مَن ظَلَم

إِذا ما أَلَمَّ بِنا ما يَهولُ

فَأَنتَ المَليءُ بِدَفعِ المُلِمّ

فَأَمَّنَنا اللَهُ فيكَ المَخوفَ

وَأَلهَمَنا شُكرَ هَذي النِعَم


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

أما وسيفك في النفوس محكم

المنشور التالي

يا للرجال لنظرة سفكت دما

اقرأ أيضاً