بُشْرَى تَقُومُ لَهَا الدُّنْيَا عَلَى قَدَمِ
حَتَّى بِهَا اللَّهُ حَيَّى النَّصْرِ فِي الْقِدَمِ
وَأَصْبَحَ الدِّينُ جَذْلاَناً بِمَوْقِعِهَا
يَثْنِي بِكُلِّ لِسَانٍ نَاطِقٍ وَفَمِ
وَاسْتَبْشَرَتْ دَوْلَةُ الإِسْلاَمِ حِينَ رأَتْ
سَيْفَاً مِنَ الْعُرْبِ مَسْلُولاً عَلَى الْعَجَمِ
خِلافَةَ اللَّهِ يَهْنِيكِ الدَّوَامُ فَلاَ
تَخْشَيْ نَفَاداً وَقَدْ قَالَ الإِلاَهُ دُم
وَيَا بَشِيراً بِنُعْمَى جَلَّ مَوْقِعُها
لَكَ الْبِشَارَةُ مِمَّا شِئْتَ فَاحْتَكِمِ
وَيَا أَمِيرَ الْهُدَى هُنِّيتَهَا نِعَماً
مَوْصُولَةَ العدِّ قَدْ جَلَّتْ عَنْ النِّعَمِ
أَجْدَى مِنَ الْغَيْثِ بَعْدَ الْجَدْبِ فِي بَلَدٍ
أَو الشَّبِيبَةِ بَعْدَ الشَّيْبِ وَالْهَرَمِ
شِهَابُ هَدْي تَجَلَّى فِي سَمَاءِ عُلىً
وَفَرْعُ مُلْكٍ نَمَا فِي دَوْحَةِ الْكَرَمِ
تَاهَتْ بهِ الْجُرْدُ وَاهْتَزَّتْ بِهِ طَرَباً
مَعَاطِفُ السُّمْرِ والْمَصْقُولَةِ الْحَذَمِ
وَلِلتَّنَافُسِ فِي تَقْبِيلِ رَاحَتِهِ
ظَلَّ التَّفَاخُرُ بَيْنَ السَّيْفِ وَالْقَلَمِ
فَاذْخَرْ لَهُ الْخَيْلَ تُزْهَى فِي مَرَابِطِهَا
شُوسَ اللِّحَاظِ لَهَا حِقْدٌ عَلَى اللُّجُمِ
وَاذْكُرْ بِمِسْمَعِهِ الأَنْدَى وَقَائِعَهَا
يَلُحْ لِوَجْهِكَ مِنْهُ وَجْهُ مُبْتَسِمِ
وَكُلَّمَا كَمُلَتْ فِيهِ الْقُوَى وَشَدَا
فَاجْعَلْ مُجَالِسَهُ فِي الْحَفْلِ كُلَّ كَمِي
وَلْيُكْثِرِ الْقَوْمُ ذِكْراً فِي مَجَالِسِهِ
مِنَ السِّيَاسَةِ والأَمْثَالِ وَالْحِكَمِ
حَتَّى إِذَا كَمُلَتْ فِيهِ الْقُوَى وَسَما
فَضْلاً وَرَاعَ أُسُودَ الْغَابِ فِي الأَجَمِ
فَاذْعَرْ بِهِ الْكُفْرَ فِي أَقْصَى مَآمِنِهِ
وَحُطْ بهِ الدِّينَ مِنْ خَلْفٍ وَمِنْ أَمَم
لِكَيْ تَلُوحَ عَلَيْهِ مِنْ شَمَائِلِه
شَمَائلٌ مِنْ أبيهِ الطَّاهِرِ الشِّيَمِ
وَمَنْ كيُوسُفَ فِي الأَمْلاَكِ مِنْ مَلكٍ
بِالْحِلْمِ مُتَّسِمٍ بالْحَزْمِ مُحْتَزِمِ
تَنْمِي عُلاَهَا مِنَ الأَنْصَارِ سَادَتُهَا
فِي مَعْشَرٍ ككُعُوبِ الرُّمْحِ مُنْتَظِمِ
خَلاَئِفٌ لَمْ تَزَلْ بِالْهَديِ صادعة
بالعدل في الظلم أو بالنور في الظلم
السابقون إلى الغايات إن ركضوا
والناطقون بفضل الحكم في الكلم
مِنْ كُلِّ أَرْوَعَ إِنْ ضَنَّتْ بَوابلهَا
سُحْبُ السَّمَاءِ وَشَحَّتْ سِحَّةُ الدِّيمِ
قَامَتْ يَدَاهُ مَقَامَ الْغَيْثِ وَانْتَجَعَتْ
نَدَاهُ زَاجِرَةُ الْوَخَّادَةِ الرُّسُمِ
وَأَصْبَحَ الْحَيُّ بَعْدَ الْجَهْدِ فِي دَعَةٍ
رَيَّانَ مِنْ زَفَرَاتِ الْخَيْلِ وَالنَّعَمِ
يَا أَيُّهَا الْمَلِكُ النَّدْبُ الَّذِي عُصِمَتْ
مِنْهُ الْبِلاَدُ بِدَفَّاعِ مِنَ الْعُصُمِ
هَفَا بِهَا الرَّوْعُ وَارْتَجَّتْ جَوَانِبُهَا
وَكَانَ سَاكِنُهَا لَحْماً عَلَى وَضَمِ
فَأَصْبَحَتْ بِكَ بَعْدَ الرَّوْعِ آمِنَةً
فِي ظِلِّ مُلْكِكَ أَمْنَ الطَّيْرِ فِي الْحَرَمِ
فَلَوْ رآكَ زُهَيْرٌ مَا تَخَلَّفَهَا
غُرّاً عَلَى مدَدَ الأَحْقَابِ فِي هَرِم
وَلَوْ تَنَاسَى الرّضِيَّى الدَّهْرُ ثُمَّ رَأَى
أَيّامَ سَلْمِكَ لَمْ يَحْفِلْ بِذِي سَلَمِ
فَأَهْنَأْ بِغُرَّةِ سَعْدٍ طَالِعٍ لِبَنِي
سَعْدٍ بِعِزٍّ جَدِيدٍ غَيْرِ مُنْصَرِمِ
بَقِيتَ فِي ظِلِّ مُلْكٍ لاَ نَفَادَ لَهُ
وَالدَّهْرُ طَوْعُكَ وَالأَيَّامُ كَالْخَدَمِ
وَدَامَ نَجْلُكَ لاَ تَنْفَكُّ تَحْرُسُهُ
عَيْنٌ مِنَ اللَّهِ لَمْ تَهْجَعْ وَلَمْ تَنَمِ
حَتَّى تَرَى الْجَيْشَ يَغْزُو تَحْتَ رَايَتِهِ
مُؤَيَّدَ الْعَزمِ مَنًصُوراً عَلَىالأُمَمِ
والرِّفْدُ مَا بَيْنَ مُرْفَضٍّ وَمُنْسَكِبٍ
وَالْوَفْدُ مَا بَيْنَ مُنْفَضٍّ وَمُنْزَحِمِ
مَوْلاَيَ لِي ذِمَمٌ فِي الْمُلْكِ سَابِقَةٌ
وَأَنْتَ أَكْرَمُ رَاعٍ حُرْمَةَ الذِّمَمِ
مَالِي لِسَانٌ بِمَا أَوْلَيْتَ مِنْ مِنَنٍ
وَلاَ كَفِئٌ لِمَا أَسْدَيْتَ مِنْ نِعَمِ