سنونو التتار

التفعيلة : حديث

على قَدْرِ خَيْلي تكونُ السماءُ. حَلُمْتُ

بما سوف يحدُثُ بعد الظهيرة. كان التتارُ
يسيرون تحتي وتحت السماء، ولا يحلمون
بشيء وراء الخيام التي نصبوها. ولا يعرفون
مصائرَ ماعِزِنا في مهبِّ الشتاء القريب.
على قدر خَيْلي ويكون المساء وكان التتارُ
يَدُسُّون أَسماءَهُمْ في سقوف القرى كالسنونو،
وكانوا ينامون بين سنابلنا آمنين،
ولا يحلمون بما سوف يحدث بعد الظهيرة، حين
تعودُ السماءُ، رُوَيْداً رُوَيْداً،
إلى أهلها في المساءْ

لنا حُلُمٌ واحدٌ: أَن يمرَّ الهواءْ
صديقاً، وينشُرَ رائحةَ القهوةِ العربيّةِ
فوق التلال المحيطة بالصيف والغرباءْ…

أَنا حُلُمي. كُلَّما ضاقت الأرضُ وَسَّعْتُها
بجناح سُنُونُوَّةٍ واتسعْتُ. أَنا حُلُمي…
في الزحام امتلأتُ بمرآة نفسي وأَسئلتي
عن كواكبَ تمشي على قَدَمَيْ مَنْ أُحبُّ…
وفي عزلتي طُرُقٌ للحجيج إلى أٌورشليم –
الكلام المُنَتَّف كالريش فوق الحجارة،
كَمْ مِنْ نَبِيّ تريد المدينةُ كي تحفظ اسم
أَبيها وتندم: “من غير حربٍ سَقَطْتُ”؟
وكم من سماءٍ تُبَدِّل، في كل شَعْبٍ،
ليعجبَها شالُها القرمزيُّ؟ فيا حُلُمي…
لا تُحدِّقْ بنا هكذا!
لا تَكُنْ آخِرَ الشُهَدَاء!

أَخافُ على حُلُمي من وضوح الفراشةْ
ومن بُقَعِ التوت فوق صهيل الحصان
أَخافُ عَلَيْهِ من الأب والابن والعابرينْ
على ساحل الأبيض المتوسِّط بحثاً عن الآلهة
وعن ذَهَب السابقين،
أَخاف على حُلُمي من يديَّ
ومن نجمةٍ واقفة
على كتفي في انتظار الغناء

لنا نحن أَهْلَ الليالي القديمة ، عاداتُنا
في الصعودِ إلى قَمَر القافيةْ
نُصَدِّقُ أحلامَنا ونكذِّبُ أيَّامَنا،
فأيَّامُنا لم تكن كُلُها معنا منذ جاء التتارُ،
وها هم يُعِدُّون أَنفسهم للرحيلِ
وينسون أَيَّامَنا خَلْفَهُمْ ، وسنهبط عما قليل
إلى عمرنا في الحقول . ونصنع أَعلامنا
من شراشِفَ بيضاءَ . إن كانَ لابُدَّ
من عَلَمٍ، فليكُنْ هكذا عارياً
من رُمُوزٍ تُجَعِّدُهُ… ولنكُنْ هادئين
لئلاّ نُطَيِّر أحلامَنا خلف قافلة الغرباء

لنا حُلُم واحد: أَن نَجِدْ
حُلُماً كان يحملنا
مثلما تحملُ النجمةُ الميتين!


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

حِبرالغراب

المنشور التالي

مَرّ القطار

اقرأ أيضاً

ألا حبذا صحبة المكتب

أَلا حَبَّذا صُحبَةَ المَكتَبِ وَأَحبِب بِأَيّامِهِ أَحبِبِ وَيا حَبَّذا صِبيَةٌ يَمرَحو نَ عِنانُ الحَياةِ عَلَيهِم صَبي كَأَنَّهُمو بَسَماتُ…