للنقص من أعمارنا ما يكمل

التفعيلة : البحر الكامل

للنقص من أعمارنا ما يَكملُ

والدهر يؤيسُنا ونحن نؤمِّلُ

تمشي المنونُ رويدَها لتغرَّنا

أبدا فتُدركنا ونحنُ نهرولُ

يا معجباً بالعيش طال بقاؤه

نظراً بقاؤك في المنيّةِ أطولُ

عن جانبي دنياك فارغبْ آبقا

ودِيَ الحريصُ وما نجا المتوكّلُ

وإذا الجفون تخلَّصت من مَجهل ال

شُبُهات خلّص نفسَه من يعقِلُ

مَنْ هالكٌ دَرَست عَشيّةَ هُلكه

سُبُلُ الصلاح وكلُّ نهجٍ مشكلُ

من كان في الغفلاتِ أعلمَ نفسَهُ

أنَّ المنية طالبٌ لا يغفُلُ

أبكيك للحسناتِ مِتَّ فطُلِّقت

وابنِ السبيل ثويت فهو مُسَبَّلُ

حملوك والبركاتُ حولك والهدى

مَيْتٌ بموتك فوق نعشِك يُحمَلُ

ونزلتَ حيث تقرُّ عينُك لا كما

كانت عيون الحزن حولك تهمِلُ

يا قبره النَضِرَ المروَّضَ بعدما

قد كان قبل القَطر وهو الممحِلُ

بلِّغه عن حزني السلامَ وقل له

جَلَدي وإن أظهرتُهُ متعمَّلُ

أوحشتَ هذا المنزلَ البالي الرُّبى

فهل استفاد الأنسَ ذاك المنزلُ

هيهات صمَّ فليس يوصِلُ مفصِحٌ

قولا إليه ولا يبلِّغُ مرسِلُ

قل لابنه والخير قولُك لابنه

من كان مسعوداً فمثلكَ ينسُلُ

لو ردَّ بالجودِ المنَّيةَ باذلٌ

نجىَّ أباك من الردى ما تبذلُ

أو كان طالبه يقاتل دونه

ملأ البسيطة دونه من تقتلُ

أو كان داءٌ يُستطَبُّ شفيتَهُ

لكنّه الداءُ العياءُ المعضلُ

دُنْيا تسرُّ بما تضرُّ بمثله

فاسمٌ لها شهدٌ ومعنىً حنظلُ

صبراً ومن عجب الرزايا أنّه

فيها يُبصَّرُ كيف يصبرُ يَذبُلُ

واعلم بِأنّ أباً فداك بنفسه

لَتهونَ مِيتَتُه عليه وتسهُلُ

فوْزاً له إذ كان قبلك يومُهُ

كم موتةٍ هي من حياةٍ أفضلُ

ولئن رمته يدُ المنونِ فسهمُه

وقد اتقتك بما رمته المخصِلُ

يسليك عنه أن ملأتَ فؤادَه

من كلّ فائدةٍ تقالُ وتُفعَلُ

وأريته قدميك وهو بمعزِلٍ

متودِّعٌ حيث السِّماك الأعزلُ

لا يظفرنّ الحزنُ منك بمهجةٍ

لم تلق يوما ما له تتذلّلُ

حاشاك يجمعنا بدارِك مُفزِعٌ

أبدا ويُعقَد للمساءة محفِلُ

وورِثت عمرَ الدهر سَوْمَك عيشةً

في العزّ تسحَبُ ما تشاءُ وترفُلُ

فإذا سلمتَ عليه حيّاً مقبلاً

فأبوك تحتَ الترب مَيْتٌ مقبلُ


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

إذا لم يقرب منك إلا التذلل

المنشور التالي

لا لنوازي كبد هاجها

اقرأ أيضاً