لعمر الواشيات بأم عمرو

التفعيلة : البحر الوافر

لعمر الواشياتِ بأمّ عمرِو

لقد أَغريْن والتأنيبُ يُغري

حسدنَ مودةً فحملن إفكاً

وعِبنَ وعائبُ الحسناءِ يَفري

يُردنَ على الوفاء نُزوعَ خُلْقي

وما ساومنني شَطَطاً كغدري

وهل هيفاء إن غدرت وجارت

سوى غُصْنٍ من الأرواح يَجري

وقُلن تلوّنت لك حين ملَّت

وليس على الملالة كلُّ هجرِ

تُقلِّبها أصابيغُ الغواني

على الطعمين من حُلوٍ ومرِّ

وأين من الحِفاظِ لها فؤادي

إذا لم ألقَ زَلَّتَها بعذْرِ

ومن يُصبح هواكَ له أميراً

عليك فدارِهِ في كلّ أمرِ

وأبعدُ ما ظفرتَ به حبيبٌ

جِراحتُه تصحُّ بكلّ سَبْرِ

وإنَّ أحبَّتي لبنو زماني

كلا العودين من سِنْخٍ ونَجْرِ

فهبني مبدِلاً خِلّاً بخِلٍّ

فهل أنا مبدلٌ دهراً بدهرِ

سألبس ما كَسيتَ وربَّ كاسٍ

يُزخرفك الملابسَ وهو مُعرِي

وأحملهم وإيّاه بقلبٍ

يفي بالثِّقل لي إن خان ظهري

ولستُ بواجدٍ قلباً صحيحاً

إذا نُخِلتْ دفينةُ كلِّ صدرِ

فلا تتعنَّ لائمةٌ بعذلي

ولا تغمزْ فما تسطيعُ كسري

ولا يَخَفِ الصديقُ شَبا لساني

على عِرْضٍ ولا لَسعاتِ فكري

فلا ألقَى بغير الصبرِ قرناً

لعلّي أجتني ثمراتِ صبري

وإن ضعُفتْ أواصرُ من رجال

شددتُ بأسرة الكرماءِ أَسري

وفاءَ من الوزير علَيَّ ظِلٌّ

يقيني الضيمَ من حَرٍّ وقُرِّ

وأحجبُ نائباتِ الدهر منه

بخوصٍ لا تُحصِّلني وشُزْرِ

تراني أعينُ الأيّام منه

بوافي الظلِّ أخضرَ مسبَكِرِّ

وكيف يُريبني وحماه بابي

وهيبته عن الأبصار سِتري

ودوني من حمايته خميسٌ

أخو عرضين يُبْهم كلَّ ثَغرِ

تُزمجِرُ في جوانبه أسودٌ

على ألبادها أسلاتُ نصرِ

تُظفَّر باسمه الميمونِ أنَّى

سَرَت حتى الحوادثُ ليس تسري

نفذتُ برشدِهِ فنفضتُ طُرْقي

وصِلتُ بحدّه فقضيتُ نذري

وكيف يضلُّ أو يخشى ابنُ ليل

سطا بمهنّدٍ وسرى ببدرِ

أقول لمنفضين ترحّلوها

مطايا أَزمةٍ وركابَ ضُرِّ

تعسَّفَ عيشُهم فطوَى عليهم

وأيديهم على سَغَبٍ وفقرِ

يمنُّون الطَّوَى ليلاً بليلٍ

وتعريسَ السُّرَى فجراً بفجرِ

وراءَ الرزق مختبطين تَرمِي

بهم أصدارُها قفراً بقفر

وراءَكُم ارجعوا فتضيَّفوها

بيوتاً لا مجاعةَ وهي تَقْرِي

تصرَّفَ باليفاعِ مطنِّبوها

مع الكَرمين من حَلْبٍ ونحرِ

إذا ما احتلَّها الطُّرَّاقُ لاحتْ

لأيديهم عِصامة كلِّ عسرِ

بنو عبد الرحيم على حُباها

بنو الأبوين من لَسَن وفخرِ

وإنّ ببابلٍ منهم لطَوداً

يضعضع كلَّ أرعنَ مشمخِرِّ

وبحراً من بني سعدٍ عميقاً

بغير قَرارةٍ وبغير قَعرِ

حمى حرم الوزارةِ منه عاصٍ

على الأقرانِ في كرٍّ وفَرِّ

خضيب النابِ والأظفارِ ممّا

يقُدُّ على فريسته ويَفرِي

إذا ما هيج عنها ثارَ منه

إلى الهَجهاجِ عاصفةٌ بقُرِّ

إذا الغاراتُ طُفنَ به كفتهُ

زماجرُ بين هَمهمةٍ وهمرِ

فما يمنعْ يبتْ ما بين نَسرٍ

مع العَيّوقِ مجنوبٍ وذُعرِ

رَبَى في حجرها وتداولتها

مناكحُ منه شفعاً بعد وَتر

فما نفرت من الغرباء إلا

أوت منه إلى ولدٍ وصهرِ

وإن تظفر بعُذرتها رجالٌ

حظَوا بطلاقةِ الزمن الأغرِّ

وأعقبهم على الأيّام ذكراً

فعصرك بالكفاية خيرُ عصر

براك اللّه سهماً دقَّ عمّا

تريش له بنو ثُعَلٍ وتبرِي

إذا الرامي ثُلاثاً أو رُباعاً

أصاب أصبت من عَشْرٍ بعَشرِ

فداؤك مغلق الجنبين يأوي

إلى صدرٍ يضيقُ بكلِّ سرِّ

إذا ثَقُلتْ وُسوق الرأي أقعَى

يَحُكُّ بظهره من غير عسرِ

ومعتلّ البنان على العطايا

يُظِلُّ البخلَ في عرض التحرّي

يجود وما عليه فضولُ حقٍّ

على عُدْمٍ ويمنعُ وهو مُثري

ومولى وهو حرٌّ عبَّدتْه

هباتُك في زمانٍ غيرِ حُرِّ

رعيتَ له أواصرَ محكماتٍ

عَلقنَك مَعلَق المَرسِ الممرِّ

تذكّرها بعهدٍ منك حيٍّ

وشكرُ الملك يقتُلُ كلَّ شُكرِ

ولكن ما لِشعري في هَناتٍ

تطارحني الظُّلامةَ ليتَ شعرِي

وما عتبٌ أسمّيه التجنّي

وتنبِزه الأعادي باسمِ غدرِ

أشكّاً في وفائي بعد علمٍ

وقدْحاً في حفاظي بعد خُبْرِ

وإعراضاً عن الشِّيَم اللواتي

عليها طينتي طُبعتْ وفَطري

أأعزِفُ عنكُمُ أبغي بصوني

لساني مع مُعاسرةٍ وفكرِ

وإني لا أرى الدنيا كفاءً

لشيء فيه مَنقصةٌ لقدري

وأحملُ ملءَ أضلاعي جراحاً

ولم أحمل لعيبٍ خدشَ ظُفْرِ

أبغضاً أم لأنَّ سِنيَّ مُدَّتْ

فدام عليكُمُ ردّي وكرّي

ولم يمللْ مديحكُمُ لساني

فكيف مللْتُمُ من طول عمري

وكيف وزنتُمُ بي من عساه

يودّ بباعِه لو قاس فِتري

فهل في الأرض أفسقُ في حديثٍ

من العازي إليَّ مقامَ شرِّ

وما أنا من وشايته وإنِّي ال

لذي رقَّاه من خَلِّي وخمري

مطارٌ لستُ منه وليس منّي

بعيد الشوط في نفعي وضرّي

فإن أُنصَفْ فإنّ يداً تولَّتْ

كسوري تهتدي لمكانِ جبري

وإن أُحرمْ قضاءَ العدل أرجِعْ

إلى كُفئين من هَجرٍ وصبرِ

وأعلمُ بعدُ أنك أنت باقٍ

على العهدين من صلتي وبِرّي

وأنك لو رأيتَ التُّربَ فوقي

لقمتَ بقُدرة فوليتَ نشري

تسمَّعها سمعتَ الخيرَ تُوعِ ال

فصاحةَ بين مَعتبةٍ وشكرِ

أنلها الودَّ واجتلِها هنيئاً

ولولا الودُّ لم تقنَع بمَهرِ

وغادِ صبيحةَ النيروز منها

بنشطةِ ثيِّبٍ وحياءِ بِكرِ

وطاولْ مدّة الأيام واسحب

ذيولَ المُلك من بِيضٍ وخُضرِ

إلى أن ترجعَ الغبراءُ ماءً

وتمشي الراسياتُ بها وتجري

أُناوِبُك المديح مدى حياتي

وأنشدهُ أمامك يومَ حشري


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

الليل بعد اليأس أطمع ناظري

المنشور التالي

نفرها عن وردها بحاجر

اقرأ أيضاً