الليل بعد اليأس أطمع ناظري

التفعيلة : البحر الكامل

الليلُ بعدَ اليأس أطمعَ ناظري

في عطفةِ السالي ووصل الهاجرِ

غلِطَ الكرى بزيارةٍ لم أرضَها

مخلوسةً جاءت بكره الزائرِ

هاجَ الرقادُ بها غراماً كامناً

فذممته وحمدتُ ليلَ الساهرِ

ما كان إلا لمحةً من بارقٍ

منه تَقارُبُ أوّلٍ من آخرِ

ملَّتْ فكان الغادرُ الناسي بها

أحظَى لديَّ من الوفيِّ الذاكرِ

والوصلُ ما بَرَد الغليلَ وشرُّه

ما عاد يوقد في الغليلِ الفاترِ

هل رفدُ ذاتِ الطوق يوماً عائدٌ

بسوى الخديعةِ من سحابٍ عابرِ

أم عند ليلاتي الطِّوالِ ببابلٍ

من ردّ أيّامي القصارِ بحاجرِ

راميتُ من خنساء من لا يتَّقي

بحشىً تذوب ولا بجفنٍ قاطرِ

وصبَرتُ لكن ما صبَرتُ جَلادةً

عنها ولم أظفر بأجرِ الصابرِ

قدَرتْ على قتل النفوس ضعيفة

يا لَلرجالِ من الضعيفِ القادرِ

من منصفي من ظالمٍ لم أنتصر

منه على أني كثيرُ الناصرِ

عاصيتُ حكم العاذلين وسامني

فأطعتُه حكمَ العسوف الجائرِ

ومن البليّة أن تَنكَّرَ عهدُهُ

إذ أنكرتْ قَصَبي بنانُ الضافرِ

لم أبك يوماً نَضرةً بوصاله

حتى بكيتُ على الشباب الناضرِ

أعدَى إلى شَعَرِي حؤول وفائه

بالغدر حتى حال لونُ غدائري

فاليومَ أوراقي لأوّلِ جاردٍ

خَوَراً وعيداني لأوّلِ كاسرِ

قد كنتُ أشوسَ لا تَهُزُّ خصائلي

كفُّ المهجهج بالحسامِ الباترِ

آوي إلى حِصن الشبابِ يجود لي

ما لا يحوط قبائلي وعشائري

فالآن قلبي في ضلوعِ حمامةٍ

حصَّاء سرَّبها صفيرُ الصافرِ

لكنني ألقَى الحوادثَ من بني

عبد الرحيم بباطشٍ وبقاهرِ

هم خيرُ ما حملتْ فقامت حرّةٌ

حصناءُ عن كرمٍ وذيلٍ طاهرِ

ولدتهُمُ أمّ الفضائل إخوةً

متشابيهن أصاغراً كأكابرِ

كالراح كلُّ بنانها منها وإن

بان اختلافُ أباهمٍ وخناصرِ

وتنجَّلتْ لتجيء بعد بمثلهم

فأبت على الميلاد بطنُ العاقرِ

أبناءُ تيجانِ الأسرَّة قوبلوا

في الفخر بين مَرازبٍ وأكاسرِ

فإذا انتضَوها ألسناً عربيَّةً

فسيوفُ أندية وقُضْبُ منابرِ

وإذا الروايةُ في السيادة ضُعِّفَتْ

نَقلوا الرياسةَ كابراً عن كابرِ

كانوا الرؤوس قديمَها وحديثَها

في مؤمنٍ من دهره أو كافرِ

وعلى كمال الملك منهم مسحةٌ

فعليك صورة غائبٍ في حاضرِ

قِفْ في شمائل فخره متفرِّساً

وخذ الخفيَّ على قياس الظاهرِ

جمعَ الغرائبَ في السيادة رأيُهُ

حتى التأمنَ وهنَّ غيرُ نظائرِ

ورمى صدورَ الحادثات بعزمةٍ

فأصابَهنَّ بقاصدٍ وبعائرِ

ملأ الوسائد من سُطاهُ وبشرِه

قمرٌ يُناط بصدرِ ليثٍ خادرِ

وورَى له زَندَ العواقب رأيُهُ

فأراه واردُها طريقَ الصادرِ

شَدَّ الوزارة منه كفٌّ فاتلٌ

من بعد ما انتقضت بكفِّ الناسرِ

وسطت يمينُ أخيه منه بمثلها

فهُمَا يمينَا قوّةٍ وتآزُرِ

كالنيّرين متى تغبْ شمسُ الضحى

تُخلَفْ ببدرٍ في الدُّجُنَّة باهرِ

بأبي المعالي رِيضَ كلُّ مُحارنٍ

ونمى الكسيرُ على عِصابِ الجابرِ

من كان مقهورَ الرجاءِ مخيَّبَ ال

مسعَى فراجيه شريكُ القاهرِ

يا من يَسُدُّ فروجَ كلِّ ثنيَّةٍ

فُتِقَتْ ويَكعَم كلَّ خطبٍ فاغرِ

ويُتمُّ كلَّ نقيصةٍِ بكماله

كالرمح متموماً بباعٍ عاشرِ

لا تهتدي طُرُقُ الصلاح بغيركم

والناسُ بين مضلَّلٍ أو حائرِ

والمُلكُ ما لم تقدَحوه دُجُنَّةٌ

يَقتافُ سائرها بنجم غائرِ

فإن اعترتكم هفوةٌ أو صدّكم

غضبُ المنيل على الغَموطِ الكافرِ

ورأيتُمُ نعماءكم وصنيعَكم

لا في المُقرِّ لكم ولا في الشاكرِ

فلكُم غداً أيّامُ وصلٍ طولُها

موفٍ على اليوم القصير الهاجرِ

لا غرَّني هذا الصدودُ فإنه

صدُّ المدِلِّ وليس صدَّ الغادرِ

كانت لكم وغَداً تصير إليكُمُ

طوعاً بخيرِ عواقبٍ ومَصادرِ

ولربَّ معتزلٍ تعطَّل فاغتدى

سببَ البلاء على المولِّي الناظرِ

ومقلَّدٍ أمراً يكون بجيده

حلْيَ الذبيحةِ سُوِّمت للجازرِ

خُلِّدتَ للحسناتِ تنثُرها يدا

فيداً وينظِمُها لسانُ الشاعرِ

بك ذدتُ عن ظهري فلم أربَعْ على

ظلعٍ ولم أصفُقْ بكفِّ الخاسرِ

إما حضرتَ فجُنَّتي أو بنت عَن

وطني فجودُك خيرُ زادِ مسافرِ

ما غاب وجهُك لا يغبْ عن ناظري

إلا ذكرتُك بالهلال الزاهرِ

فإذا عدمتُ ندَى يديك تعلَّلت

خَلَّاتُ حالي بالغمام الماطرِ

عوضاً وهل شيءٌ يحلُّ بعائضٍ

من بعد وجهك أو نداك الغامرِ

فاذهب على كرمٍ شَرعتَ طريقَهُ

والناسُ فيه على مَدَقِّ الحافرِ

واذكر نسايا الشعرِ عندك إنها

لا تنفعُ الذكرى لغير الذاكرِ

وتلَقَّ يوم المهرجان بأوّلٍ

من عمرِ عزّك لا يُراع بآخرِ

يومٌ يَمُتُّ إليه طالعُ سعدهِ

بوشائجٍ في سعدِهِ وأواصرِ

ويقومُ مفتخراً بأنك وهو من

بيت العلا فيبذُّ كلَّ مفاخرِ

ولعمرُ من نَسك الحجيجُ لبيته

دأباً وخاطرَ فيه كلُّ مخاطرِ

لأحقُّ يومٍ أن يكون معظماً

يومٌ يضمُّك وهو طينُ الفاطرِ


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

بلوت هذا الدهر أطواره

المنشور التالي

لعمر الواشيات بأم عمرو

اقرأ أيضاً