زر تربة في الحمى يا أيها المطر

التفعيلة : البحر البسيط

زُرْ تُربةً في الحِمَى يا أيُّها المَطَرُ

وقُلْ عليك سلامُ اللهِ يا عُمَرُ

إن كنتَ تُنبِتُ زَهراً حولَ مَضجَعِهِ

فليسَ تَكثُرُ فيهِ الأنجُمُ الزُهُرُ

هذا الذي كانَ رُكناً يُستعانُ بهِ

على الخُطوبِ ويُرجى عِندَهُ الظَفَرُ

وكانَ بحراً ولكنْ غيرَ مُضطربٍ

وكانَ فخراً ولكنْ ليسَ يَفتَخِرُ

في شَخصِهِ الدِّينُ والدُّنيا قدِ اجتَمَعا

وذاك يَندُرُ أنْ تحظَى بهِ البَشَرُ

يَرعَى إذا اتَّفقَا هذا وتِلكَ فإنْ

تَخالَفا فَلِهذا عِندَهُ النَّظَرُ

مُهذَّبُ الخُلقِ ما في خُلقِهِ أَوَدٌ

مُطهَّرُ القلبِ ما في قلبِهِ وَضَرُ

أرضَى الإلهَ فأرضاهُ بِمِنَّتِهِ

منذُ الحَداثةِ حتى مَسَّهُ الكِبَرُ

كانت مَنِيَّتُهُ للناسِ مَوعِظةً

إذ كانَ طَوْداً عظيماً دَكَّه القَدَرُ

لم يحْمِهِ الشَرَفُ الأعلى بجُرمتِهِ

والآلُ والصَّحْبُ والأملاكُ والبِدَرُ

ساروا بهِ فوقَ نعشٍ بلَّ حامِلَهُ

من ماءِ دَمعٍ عليهِ كانَ يَنحدِرُ

حتى أفاضوا إلى أرضٍ مباركةٍ

تُتْلَى بها فوقَهُ الأورادُ والسُّوَرُ

حديقةٌ طَبَّقَتْها النَّاسُ من بَلَدٍ

خلا فلم يبقَ في أبياتِهِ نَفَرُ

طافوا بتابوتِهِ مثلَ الحجيجِ بها

كأنَّها حَرَمٌ في وَسْطهِ الحَجَرُ

مضى إلى رَبِّهِ الغَفَّارِ مُعتصِماً

بلُطفِهِ تحتَ ذيلِ العَفْوِ يَستترُ

وأقفَرَتْ منهُ دارٌ أظلَمتْ كَمَداً

حتى استَوَى في ذَراها الليلُ والسَحرُ

يا أيُّها النَّاسُ قد طالَ الرُّقادُ على

عينٍ لَقد حانَ أنْ يَنتْابَها السَهَرُ

لا تَغفُلوا طَمَعَاً في العيشِ وانتَبِهوا

إنَّ المنايا على الأبوابِ تنتظِرُ

في كلِّ يومٍ منَ المَوتى لنا عِبَرٌ

تبدو ويا حَبَّذا لو تَنفْعُ العِبَرُ

قُمنا على سَكْرَةِ الدُّنيا الغَرُورِ فما

نُفيقُ إلاّ وداعي الموتِ يَنتهِرُ

كلٌّ منَ النَّاسِ يَهْواها فَتَخْدعُهُ

حتى يَموتَ ولا يُقضَى لهُ وَطَرُ

شابَ الزَّمانُ وشِبنا وَهْيَ يافعةٌ

لم يَبدُ للشَّيبِ في فَرْعٍ لها أثَرُ

يا مُغرَمينَ بها إن لم يكُنْ لكُمُ

خُبْرٌ فهل لم يأتِكم خَبَرُ

كلُّ الغَرامِ مُضِرٌّ قالَ مُزدَوجاً

تأريخُهُ هل غَرامٌ ما لهُ ضَرَرُ


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

خذوا حذركم من طرفه فهو قتال

المنشور التالي

قد مد خط عذاره فأجاده

اقرأ أيضاً