نحن النصارى آل عيسى المنتمي

التفعيلة : البحر الكامل

نَحْنُ النَّصارَى آلُ عِيسَى المُنتَمي

حَسَبَ التَّأَنُّسِ للبتولةِ مَريَمَ

وَهُوَ الإِلهُ ابنُ الإِلهِ وروحُهُ

فثلاثهٌ فِي واحدٍ لم تُقَسمِ

للآبِ لاهوتُ ابنهِ وَكذا ابنُهُ

وكذا هما والرُّوحُ تحتَ تَقنُّمِ

كالشَّمسِ يَظهَرُ جِرمُها بشُعاعها

وبحَرِّها والكُلُّ شُمسٌ فاعلَمِ

واللهُ يَشَهُد هكذ بالحقِّ في

سِفرٍ لتوراةِ الكليمِ مُسَلَّمِ

عن آدمٍ قد قالَ صارَ كواحدٍ

منَّا بلفظِ الجمعِ مِن ذاكَ الفمِ

خَلَقَ البسيطةَ واحداً في جوهرٍ

أَحَدٍ لخِدمةِ آدَمَ المُستَخدَمِ

لكنْ عَصاهُ بزَلَّةٍ لا تنمحي

إلَّا بإِرسال ابنِهِ المتُجسِّمِ

فأَتَى وخلَّصَهُ وخلَّصَ نَسلَهُ

ذاكَ المخلِّصُ من عَذابِ جهنَّمِ

وشَفَى من البَلوَى وفتَّحَ أَعيِناً

وأَقامَ مَيْتاً مثلَ بالي الأعظُمِ

هذا مسيحُ اللهِ فادينا الذي

صَلَبَتْهُ طائفةُ اليهودِ كمُجرِمِ

بطبيعةٍ بَشَريَّةٍ قد أُلِّمَتْ

وطبيعةُ اللاهوتِ لم تتأَلَّمِ

حَمَلَ الجِرَاحَ بنفسِهِ مُتَعمِّداً

حتَّى تكونَ لجُرْحِنا كالمرهمِ

قد كانَ ذلكَ منهُ طَوعاً وَهْوَ قد

وافَى لهُ يَفدِي بهِ الدَّمَ بالدَّمِ

مَن قالَ للأعدا أنا هُوَ فانهوَوا

صَرْعَى أَليسَ بقادرٍ أَن يحتمي

لو لم يُرِدْ لم يأْتِ قَطُّ فإنَّهُ

أَدرَى بذا في عِلمهِ المُتَقدِّمِ

لاهوتهُ المالي الوجودِ إذا اكتَسى

جسماً فهل ضَرَرٌ لهُ بتجسُّمِ

وإذا تأَلَّمَ هل عَلَى اللاهوتِ من

أَلَمِ فليس اللهُ بالمُتألِّمِ

لكنَّهُ قد شاءَ ذاكَ لحِكمةٍ

سَبَقَتْ بغامضِ علمهِ المستحكِمِ

فَأَتَى المسيحَ بأمرهِ مُتجسِّداً

من خيرِ سِبطٍ في اليهودِ مُكَّرمِ

مُتَنازِلاً مُتَذلِّلاً مُتَواضِعاً

مُتَصاغِراً رُغماً عَلَى المتُعَظِّمِ

وهُو الإِلهُ الأعظمُ الآتي لنا

من نَسْلِ داودَ النبيِّ المُلهَمِ

أعطتهُ توراةُ الكليمِ شَهادَةً

وشَهادةً وشَهادةً لم تُكتَمِ

وكتابُهُ الإِنجيلُ حقٌّ واضحٌ

لا ريبَ فيهِ ولا سبيلَ لمُتهِمِ

في كلِّ طائفةٍ وقُطرٍ واجدٌ

ما بين أَصل عندَهم ومتُرجَمِ

كم في النَّصارَى شيعةً قد ناقضَت

أُخَرى وقد حَكَمَتْ بِما لم تحكُمِ

سبعونَ أو مئةٌ من الأحزابِ في

خُلْفٍ عَلَى لَزَمٍ وما لم يَلَزَمِ

يا طالما اختَلَفوا فما اتَّفقوا عَلَى

شيءٍ سِواهُ فغيرُهُ لم يَسَلمِ

كم آيةٍ فيهِ تُخالفُ بعضَهم

لكن عَلَى تغييرها لم يُقدِمَ

ولئنْ أخلَّ بها فأَنَّى وافَقَتْ

نَقْلَ النقيضِ ونصُّها لم يُخرَمِ

ولو استُهينَ بضبطهِ لَرأَيتَهُ

نُسَخاً بهِنَّ النَّقلُ لم يَتَقوَّمِ

وإذا تعطَّلَ كُلُّهنَّ فقُلْ لنَا

كيفَ الصَّحيحُ وأينَ يُوجَدُ واُسلَمِ

والحالُ أَنَّ لهُ كذا ألفاً من الن

نُسَخِ التي اتَّفَقتْ بضبطٍ مُحَكمِ

يَرضَى النقيضُ نقيضَهُ كنظيرهِ

فيهنَّ وَهْوَ عليهِ غيرُ مُسَلِّمِ

وإذا افتَرَضناهُ حديثاً باطلاً

ضَبَطوهُ نقلاً كالطِّرازِ المُعَلَمِ

كحديثِ عنترةِ الفوارسِ وابنِ ذي

يَزَنٍ وبعضٍ من رجال الدَّيلَمِ

فتُرَى لَوَ أنَّ الأَصمعيَّ رَوَى الذي

نجدٌ رَواهُ من الحديثِ المُتْهَمِ

وأَبا عُبَيْدَةَ مثلَهُ وجهُيَنةً

وسِواهما من كاتبٍ ومتُرجِمِ

هل يستوي النَّقلُ الذي أَودَى بهِ

نقضُ الرُّواةِ فصارَ كالمتهدِّمِ

ولَوِ الحَواريُّونَ نَصُّوهُ عَلَى

قَدَرٍ بمجتمعٍ لهم ومخُيَّمِ

جعلوهُ في التعبيرِ لفظاً واحداً

لا فرقَ فيه لناظرِ المتُوسِّمِ

ولَوَ أَنَّهم كتبوا كما شاءَ الهوى

شُقَّ الكتابُ لِكذْبهِ وبهِ رُمِي

ولكانَ في التأْريخِ ما هُوَ ضِدُّهم

دَحضاً وضِدُّ مسيحهم كمُسَيْلِمِ

أو كانَ سُطِّرَ بعدَ حينٍ مثلما

قد ظَنَّ بعضُ النَّاسِ ظَنَّ مُرَجِّمِ

هل مَنْ يُصدِّقهُ ويترُكُ دينَهُ

بسَماعهِ عن حادثٍ مُترَدِّمِ

وإذا تقرَّر بعدَ ذلك أَنَّهُ

هذا الصحيحُ وأَنَّهُ لم يُثلَمِ

لزِمَتْ بهِ ثِقَةُ الجميعِ بأَنَّهُ

حقٌّ وغيرَ الحقِّ لم يَتَكَلَّمِ

واستلزَمَ التَّصحيحُ إِقراراً بما

في طيِّهِ كاللاّزمِ المُستلْزِمِ

فتعيَّنَ الإيمانُ فيهِ بكلِّ ما

يَرويهِ تصديقاً بغيرِ توَهُّمِ

وغدَا المُماري في المسيحِ كأَنَّهُ

في الشَّمس مارَى في الضُّحَى المُتبسِّمِ

وتَعطَّلَت آرآءُ كلِّ مكذِّبٍ

ومفُنِّدٍ ومُرجِّمٍ ومنُجِّمِ

شَهِدَتْ عجائبُهُ لهُ في عصرِهِ

فدَرَى الحكيمُ وتاهَ مَن لم يَفَهمِ

ولنا عليهِ أَدِلَّةٌ قَطْعيَّةٌ

عقلاً ونقلاً ليسَ قطعَ تحكُّمِ

قد جاءَ لا بيتٌ ولا مالٌ ولا

فَرَسٌ ولا شيءٌ يُباعُ بدِرْهَمِ

يأْوي المغارةَ مثلَ راعي الضأْنِ لا

راعي الممالكِ في السَّريرِالأَعظَمِ

وهوَ ابنُ يُوسُفَ لا ابنُ قيصرَ عندَهم

يغزو بجيشٍ في البلادِ عَرَمرَمِ

فأَتاهُ من شعبِ اليهودِ جماعةٌ

كانوا عَلَى الدِّينِ التليدِ الأَقدَمِ

وتَبرَّأُوا من دِينِ موسى صاحب ال

طُّورِ المكلَّمِ في الغَمامِ الأَدهمِ

وتَباعَدوا من قومهِم بمذَلَّةٍ

يأْبونَ كلَّ كَرامةٍ وتَنعُّمِ

وتعلَّقُوا بحبِالِ مسكينٍ أَتَى

بالذُّلِّ مثلَ السَّائلِ المُسترحِمِ

قالوا هُوَ ابنُ اللهِ جهراً والعِدَى

من حولهم مثلُ الذِّئابِ الحُوَّمِ

والناسُ بينَ عَواذِلٍ وعَواذِرٍ

لهمُ وبينَ مُحَلِّلٍ ومُحَرِّمِ

ما غرَّكم يا قومُ فيهِ أَسَيفُهُ

أم جاهُهُ أم مالُهُ في الأنعمِ

هُوَ ساحرٌ يُطغي فقالوا لم نَجِدْ

من ساحرٍ يُحيي الرَّميمَ بطَلْسَمِ

كانت رِجالُ اللهِ تُحيي ميِّتاً

بصَلاتها ودُعائها المُتقدِّمِ

ونَراهُ يُحيي المائتينَ بأَمرِهِ

فهوَ الإِلهُ ومَنْ تَشكَّكَ يَندَمِ

ولَئِنْ همُ انخَدَعوا لغَفْلتِهم فقد

ضَعُفتْ عُقولهُمُ كَمَنْ لم يَحلُمِ

فتُرَى بما خَدَعوا البِلاَدِ ومَن بها

من عالِمٍ يفتي ومن مُتعلِّمِ

فإذا اعتَبرْنا ما ذكرتُ بدا لنا

بالحقِّ وجهُ الحقِّ غيرَ مُلثَّمِ

وهُوَ الدَّليلُ لنا عَلَى إِثباتهِ

كالشَّمسِ تَطلُعُ فِي سماءِ الأَنُجمِ

ولكُلِّ معُتَرِضٍ علينا مِنَّهٌ

إن كانَ يدَحضُهُ بقولٍ مُلزِمِ


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

بروق قد تخللها رعود

المنشور التالي

اذا أعيت مكأفأة الجميل

اقرأ أيضاً