متى يشفى بك الصب العميد

التفعيلة : البحر الوافر

متى يَشفى بكَ الصبُّ العَميد

ويبلُغُ من دُنُوُّكَ ما يُريدُ

شجٍ يُحييه وصلٌ من حَبيبٍ

ويقتلُهُ التَجَنُّبُ والصُّدود

وما أنسى لنا ساعاتِ لهوٍ

مَضَتْ والعيشُ يومئذٍ حميد

ونحنُ من المسرَّةِ في رياضٍ

تُحاكُ من الرَّبيع لها برود

وبنتُ الكرم قد طَلَعت علينا

يُكلّل تاجَها الدرُّ النضيد

معتَّقَةً تُسَرُّ النفسُ فيها

وقد طافت بها حسناءُ رُود

وقد صَدَحَتْ على الأَغصان وُرقٌ

فأغصانُ النقا إذ ذاكَ ميد

تُعيدُ عليَّ ما تُبدي غَرَاماً

فكم تُبدي الغرامَ وكم تُعيدُ

تجاوبها الغواني بالأَغاني

فيُطربنا لها نايٌ وعُود

فحينئذٍ يدارُ على الندامى

مُذابُ التبر والماء الجَمود

ويُرجَمُ كلُّ شيطانٍ مريدٍ

بحيث الهمُّ شيطانٌ مريد

سقى أيَّام لهوٍ في زَرود

وما ضَمَّتْ معانيها زَرود

نُجَدِّدُ ذكرها في كلِّ يومٍ

وهل يبقى مع الذكر الجديد

فقد مَرَّتْ لنا فيها ليالٍ

كما نظمت قلائدها العقود

ليالٍ لم نكنْ نُصْغي للاحٍ

أينقص بالملامة أم يزيد

فكم في الحبِّ من لاح لصبٍّ

يفيد بزعمه ما لا يفيد

أحِبَّتَنا لقد طالَ التنائي

وحالت بيننا بيدٌ فبيد

فيا زمنَ الصِّبا هَلْ من رجوعٍ

ويا عهدَ الشباب متى يعود

سلامُ الله أحبابي عليكم

إلى بغداد يحملها البريد

يُهَيِّجُ لوعتي وَجْدٌ طريفٌ

لكم ويشوقُني وَجْد تليد

فهل أخبِرْتم أنِّي بحالٍ

يساءُ بها من الناس الحسود

تَقُرُّ البصرةَ الفيحاء عَيني

بما يولي محمَّدها السعيد

فتًى لا يزالُ يُوليني نداه

ويغمُرني له كرم وجود

تدفَّقَ منهلاً عذباً فراتاً

فلي من عذب منهله ورود

ولولا برّه طِبت نفساً

ولم يخضرّ لي في الدهر عود

أُشاهدُ منه إذ يبدو هلالاً

وبدراً من مطالعه السعود

وغيثاً كلّما ينهلُّ جَوٌّ

وليثاً كلّما خفَقَتْ بنود

فَدَتْه الناسُ من رجلٍ كريمٍ

تنبَّه للجميل وهم رقود

وشيَّد ما بَنَتْه من المعالي

له الآباء قِدماً والجدود

فتىً من هاشمٍ بيضِ الأيادي

بحيثُ حوادثُ الأيّام سودُ

رؤوفٌ بالمُلِمِّ له رحيمٌ

صديقٌ صادقٌ بَرٌّ وَدود

ومَن آوى إليه وحلَّ منه

بأكرم ما تحلُّ به الوفود

فقد آوى إلى ركنٍ شديد

وليس كمثله ركن شديد

همُ آلُ النبيّ وكلُّ فضلٍ

لديهم يستفيد المستفيد

هُمُ يوم النوال بحارُ جود

وفي يوم النزال هم الأُسود

فمن جودٍ تَصوبُ به الغوادي

ومن بأسٍ يلين له الحديد

هُمُ الأقطاب والأنجاب فينا

إذا دارت دوائرها الوجود

وإنْ عُرِضَت كرامتهم علينا

فما للمنكرين لها جحود

وما احتاج النهار إلى دليل

وقد شَهِدَتْ به منه شهود

فمنها ما نشاهده عياناً

إذا ما النار أضرمها الوقود

وللأكفاء يومئذٍ عَلَيْهم

هبوطٌ في الحضيض ولا صعود

رجال كالجبال إذا اشمَخرَّتْ

تَبيدُ الراسياتُ ولا تبيد

يخلّدُ ذكرهم في كلِّ عصر

وما للمرءِ في الدنيا خلود

فيا بيت القصيد إليك تهدى

من العبد الرقيق لك القصيد

فيطربك النشيد وكلَّ حرٍّ

كريم الطبع يطربه النشيد

فإنَّك والثناءُ عليك منِّي

وما أملَيته طوق وجيد

لقد سُدْتَ الكرامَ ولا عجيبٌ

فمثلك في الأكارم من يسود

وما استغنيتُ عنك بكلِّ حال

وهل يغني عن الماء الصعيد

خدمتك بالقريض فطال باعي

كما خَدَمَتْ مواليها العبيد

ونِلْتُ بك المرادَ من الأماني

فَنِلْتَ من المهيمنِ ما تريد


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

لقد خفقت في النحر ألوية النصر

المنشور التالي

إلى شعبان مولاي المفدى

اقرأ أيضاً