طهر فؤادك بالراحات تطهيرا

التفعيلة : البحر البسيط

طَهِّر فؤادك بالرَّاحات تطهيرا

ودمْ على نَهْبِكَ اللَّذَّات مَسرورا

بادر إلى أخذ صفو العيش مبتهجاً

فما أَوَدُّ لوقت الأُنس تأخيرا

فالوقت راقَ وقد راقت مَسَرَّتهُ

واليومَ أصبَحَ طيَّ الزهر منشورا

أما ترى الوُرْقَ بالأَوراق صادحة

كأَنَّها ضربت بالرُّوح صنطيرا

والبرق مثل انقضاض الصقر وامضه

تخاله من غراب اللَّيل مذعورا

يبدو فتحسبه في جنحِ داجيةٍ

بكفِّ حام حساماً لاحَ مشهورا

وربَّ ليلةِ أُنسٍ بتُّ أسهَرها

مستَّراً بظلام اللَّيل تستيرا

غصبت فيها الهنا من كأس غانيةٍ

فطاعني الدهر مغصوباً ومجبورا

مزجت بالرِّيق صرفاً من معتقة

فصرت من تلكما الخمرين مخمورا

وبتُّ ملتثماً وجنات ذي حور

وباتَ يلثم ليث الغيل يعفورا

فالواشي يعذلني والوجد يعذرني

والصَّبُّ غزال معذولاً ومعذورا

وعنبَر اللَّيل ما ولَّت عساكره

حتَّى رأى من جيوش الصبح كافورا

لله أحوى إذا صالت لواحظه

أمسى بصارمها المشتاق منذورا

إذا تجلى بأنوار الجبين على

عشَّاقه دكَّ من أحشائهم طورا

كأَنَّ صورته للعينِ إذ جُلِيَتْ

من فضةٍ قُدِّرت بالحسن تقديرا

قد خطَّ في خدِّه لامُ العذار به

مِسكاً فأصبَحَ تخطيطاً وتحريرا

يا أيُّها الرَّشأ المغري بناظره

قد عاد هاروتُ من جفنيك مسحورا

لقد نصرت على كسر القلوب به

ما لي أرى طرفك المنصور مكسورا

عهدي وعهدك لا زال اختلافهما

كانا كحظّي منسيًّا ومذكورا

صفا لي العيش مخضرًّا جوانبه

فما وَجَدْتُ بحمد الله تكديرا

لِمَ لا أُسَرُّ بأيَّام الهنا وأنا

إنْ سُرَّ محمود يوماً كنت مسرورا

هو المشار إذا أمَّت حوادثها

وأحسَنُ الرأي ما استخلصته شورى

الله ألهمَهُ في كلِّ معرفةٍ

فهماً وعلماً وأخلاقاً وتدبيرا

بالسَّعي لا بالمنى والعجز أدركها

قد ضلَّ من ظلَّ بالآمال مغرورا

هذا الإِمام شهاب الدِّين ثاقبه

أزال في نور صبح الحقِّ ديجورا

كم ملحدٍ هو بالبرهان أفحمه

من ينصر الله يوماً كانَ منصورا

إنَّ الشَّريعة باهت في بطل

حامي حماها وباني حولها سورا

لو لامست حجر الصمَّاء راحته

تفجَّرَتْ بزلال الماء تفجيرا

سعى إلى المجد في سيفٍ وفي قلمٍ

وعانقَ البيضَ حتَّى عانق الحورا

لو صُوِّر المجد تصويراً على رجلٍ

ما كانَ إلاّكَ أوصافاً وتصويرا

وكم نَثَرت على الأَسماع درّ فمٍ

فكان ذيالك المنثور منثورا

فأنتَ أدْرَكُ من فيها غوامضها

وأنتَ أفصَحُ أهل العلم تقريرا

حجَّت لبيتك أعل العلم أجمعُهُم

فكان حجّهمُ إذ ذاك مبرورا

لقد زهتْ بك دار العلم حيث غدت

داراً تفاخر في سكَّانها دورا

غمرتنا بأياديك الَّتي سلفت

لا زلت في نعماء الله مغمورا

أرى اجتماع الغنى لي والكمال إذا

رأيتني منك ملحوظاً ومنظورا

وإنْ أنختُ لدى علياك راحلتي

كنتُ الأَمير وكان الدهر مأمورا

ليهنك اليوم أبناءٌ لهم نسب

أضحى على جبهة الأيام مسطورا

إنَّ الرُّواة الَّتي تروي مناقبهم

عنهُمْ رَوَت خبراً بالمجد مأثورا

اليوم إنْ كنتَ مولانا مطهِّرهم

فالله طهَّرهم من قبل تطهيرا


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

زواج ابن ياسين زواج مبارك

المنشور التالي

ما لي أودع كل يوم صباحا

اقرأ أيضاً