سيدي القاضي!
أنا لست بجندي،
فماذا تطلبون الآن مني؟
وأنا لا شأن لي في ما تقول المحكمة,
ذهبت الماضي إلى الماضي سريعاً…
دون أن يسمع مني كلمة.
مضت الحرب إلى المقهى لترتاح…
وطياروك عادوا سالمين
والسماء انكسرت في لغتي, يا سيدي
القاضي – وهذا شأني الشخصي –
لكن رعاياك يجرون سمائي خلفهم … مبتهجين
ويطلون على قلبي, ويرمون قشور الموز
في البئر. ويمضون أمامي مسرعين
ويقولون: مساء الخير, أحياناً,
ويأتون إلى باحة بيتي… هادئين
وينامون على غيمة نومي … آمنين
ويقولون كلامي نفسه,
بلاً مني،
لشباكي, وللصيف الذي يعرق عطر الياسمين
ويعيدون منامي نفسه,
بدلاً مني,
ويبكون بعيني مزامير الحنين
ويغنون, كما غنيت للزيتون والتين
وللجزئي والكلي في المعنى الدفين.
ويعيشون حياتي مثلما تعجبهم,
بلاً مني,
ويمشون على اسمي حذرين ….
وأنا, يا سيدي القاضي هنا
في قاعة الماضي, سجين
مضت الحرب. وضباطك عادوا سالمين
والكروم انتشرت في لغتي, يا سيدي
القاضي – وهذا شأني الشخصي – إن
ضاقت بي الزنزانة امتدت بي الأرض،
ولكن رعاياك يجسون كلامي غاضبين
ويصيحون بآخاب وإيزابيل: قوما, ورثا
بستان نابوت الثمين!
ويقولون: لنا الله
وأرض الله
لا للآخرين!
ما ال1ي تطلبه, يا سيدي القاضي,
من العابر بين العابرين؟
في بلاد يطلب الجلاد فيها
من ضحاياه مديح الأوسمة!
آن لي أن أصرخ الآن
وأن أسقط عن صوتي قناع الكلمة:
هذه زنزانة, يا سيدي, لا محكمة
وأنا الشاهد والقاضي. وأنت الهيئة المتهمة
فاترك المقعد, واذهب: أنت حر أنت حر,
أيها القاضي السجين
إن طياريك عادوا سالمين
والسماء انكسرت في لغتي الأولى –
وهذا شأني الشخصي – كي يرجع
موتانا إلينا – سالمين!
اقرأ أيضاً
فررت من الفقر الذي هو مدركي
فَرَرْتُ مِنَ الفَقْرِ الذي هُو مُدْرِكي إِلى بُخْلِ مَحْظورِ النَّوال مَنُوعِ فَأَعْقَبَني الحِرمانُ غِبَّ مَطامِعي كذلكَ مَن تَلْقاهُ…
ما أطول الليل على الساهر
ما أطولَ الليلَ على الساهرِ لولا التفاتُ القمرِ الزاهرِ حُلَّ نقاب الجوّ عن واصلٍ يفقُدُ تيهاً صلفَ الهاجرِ…
ضحكت عبيلة إذ رأتني عارياَ
ضَحِكَت عُبَيلَةُ إِذ رَأَتني عارِياَ خَلَقَ القَميصِ وَساعِدي مَخدوشُ لا تَضحَكي مِنّي عُبَيلَةُ وَاِعجَبي مِنّي إِذا اِلتَفَّت عَلَيَّ…
عهد الشباب سقى أيامك الأولا
عهْدَ الشّبابِ سَقَى أيّامَكَ الأُوَلا سحٌّ منَ الدّمْعِ إنْ شحَّ الحَيا هطَلا وإنْ حَيا اللهُ حيّاها مُزَيْناتِهِ يوْماً…
هذا كتاب مذ بدا سره
هَذا كِتابٌ مَذ بَدا سِرُّهُ لِلناسِ قالوا مُعجِزٌ ثاني أَثابَكَ اللَهُ عَلى جَمعِهِ ثَوابَ عُثمانَ بنِ عَفّانِ
أجزاء دهر ينقضين ولم يكن
أَجزاءُ دَهرٍ يَنقَضينَ وَلَم يَكُن بَيني وَبَينَ جَميعِهِنَّ جِوارُ يَمضي كَإِيماضِ البُروقِ وَما لَها مُكثٌ فَيُسمَعَ أَو يُقالَ…
تستروا بأمور في ديانتهم
تَسَتَّروا بِأُمورٍ في دِيانَتِهِم وَإِنَّما دينُهُم دينُ الزَناديقِ نُكَذِّبُ العَقلَ في تَصديقِ كاذِبِهِم وَالعَقلُ أَولى بِإِكرامٍ وَتَصديقِ
كنت الممزق مرة
كَنتُ المُمَزِّقَ مَرَّةً فَاليَومَ قَد صِرتُ المُمَزَّقُ لَمّا جَرَيتُ مَعَ الضِلالِ غَرِقَت في بَحرِ الشَمَقمَقُ