تَشُطُّ غَداً دارُ جيرانِنا
وَلَلَدّارُ بَعدَ غَدٍ أَبعَدُ
إِذا سَلَكَت غَمرَ ذي كِندَةِ
مَعَ الرَكبِ قَصدٌ لَها الفَرقَدُ
وَحَثَّ الحُداةُ بِها عَيرَها
سِراعاً إِذا ما وَنَت تُطرَدُ
هُنالِكَ إِمّا تُعَزّي الفُؤادَ
وَإِمّا عَلى إِثرِهِم يَكمَدُ
فَلَستُ بِبِدعٍ لَئِن دارُها
نَأَت فَالعَزاءُ إِذاً أَجلَدُ
صَرَمتُ وَواصَلتُ حَتّى عَلِم
تُ أَينَ المَصادِرُ وَالمَورِدُ
وَجَرَّبتُ مِن ذاكَ حَتّى عَرَف
تُ ما أَتَوَقّى وَما أَحمَدُ
دَعانِيَ مِن بَعدِ شَيبِ القَذا
لِ رِئمٌ لَهُ عُنُقٌ أَغيَدُ
وَعَينٌ تُصابي وَتَدعو الفَتى
لِما تَركُهُ لِلفَتى أَرشَدُ
فَتِلكَ الَّتي شَيَّعَتها الفَتاةُ
إِلى الخِدرِ قَلبي بِها مُقصَدُ
تَقولُ وَقَد جَدَّ مِن بَينِها
غَداةَ غَدٍ عاجِلٌ موفَدُ
أَلَستَ مُشَيِّعَنا لَيلَةً
تُقَضّي اللُبانَةَ أَو تَعهَدُ
فَقُلتُ بَلى قَلَّ عِندي لَكُم
كَلالُ المَطِيِّ إِذا تُجهَدُ
فَعودي إِلَيها فَقولي لَها
مَساءُ غَدٍ لَكُمُ مَوعِدُ
وَآيَةُ ذَلِكَ أَن تَسمَعي
إِذا جِئتُكُم ناشِداً يَنشُدُ
فَرُحنا سِراعاً وَراحَ الهَوى
إِلَيها دَليلاً بِنا يَقصِدُ
فَلَمّا دَنونا لِجَرسِ النِباحِ
إِذا الضَوءُ وَالحَيُّ لَم يَرقُدوا
نَأَينا عَنِ الحَيِّ حَتّى إِذا
تَوَدَّعَ مِن نارِها المَوقِدُ
وَناموا بَعَثنا لَنا ناشِداً
وَفي الحَيِّ بِغيَةُ مَن يَنشُدُ
فَقامَت فَقُلتُ بَدَت صورَةٌ
مِنَ الشَمسِ شَيَّعَها الأَسعَدُ
فَجاءَت تَهادى عَلى رِقبَةٍ
مِنَ الخَوفِ أَحشاؤُها تُرعَدُ
وَكَفَّت سَوابِقَ مِن عَبرَةٍ
عَلى الخَدِّ جالَ بِها الإِثمِدُ
تَقولُ وَتُظهِرُ وَجداً بِنا
وَوَجدي وَإِن أَظهَرَت أَوجَدُ
لَمِمّا شَقائي تَعَلَّقتُكُم
وَقَد كانَ لي عِندَكُم مَقعَدُ
عِراقِيَّةٌ وَتَهامى الهَوى
يَغورُ بِمَكَّةَ أَو يُنجِدُ