تأملت الورى جيلا فجيلا

التفعيلة : البحر الوافر

تأمّلْتُ الورى جِيلاً فجيلا

فكانَ كَثيرهُمْ عِندي قَليلا

لهُمْ صُوَرٌ تَروقُ ولا حُلومٌ

وأجسامٌ تَروعُ ولا عُقولا

وأُبْصِرُ خامِلاً يَجْفو نَبيهاً

وأسْمَعُ عالِماً يَشكو جَهولا

إذا ما شئْتَ أنْ يَلقاكَ فيهِمْ

عَدوٌّ فاتّخِذْ مِنهُمْ خَليلا

وإنْ تُؤثِرْ دُنُوَّهُمُ تُمارِسْ

أذىً تَجِدُ العَناءَ بهِ طَويلا

وإنْ ناوَلْتَهُم أطرافَ حَبْلٍ

وهَى فاهْجُرْهُمُ هَجْراً جَميلا

ولِنْ لهُم وخادِعْهُمْ أوِ اشْدُدْ

على صَفَحاتِهِمْ وَطْئاً ثَقيلا

فإما أن تُغالِبَهُمْ عَزيزاً

وإما أنْ تُداريَهُمْ ذَليلا

ومَن راقَتْهُ ضَجْعَتُهُ بِدارٍ

يُقِلُّ المَشْرَفيُّ بِها صَليلا

فلَسْتُ منَ الهَوانِ ولَيسَ منّي

فألْبَسَهُ وأدَّرِعَ الخُمولا

إذا الأُمَويُّ قَرَّبَ أعْوَجِيّاً

وضاجَعَ هِندُوانِيّاً صَقيلا

فذَرْهُ والمِصاعَ فسوفَ تُؤتَى

بهِ مَلِكاً مَهيباً أو قَتيلا

وطامِحَةِ العُيونِ على مَطاها

أُسودٌ يتّخِذْنَ السُّمْرَ غِيلا

أظُنُّ مِراحَها راحاً فمِنْهُ

بِها ثَمَلٌ وما شَرِبَتْ شَمولا

وأزْجُرُ منْ نَزائِعِها رَعيلاً

إذا وَقَذَ الوَجى منها رَعيلا

وأُورِدُها الوَغى والنّقُْ كابٍ

فتَسْحَبُ منْ وشائِعِهِ ذُيولا

وتَعْثُرُ بالكُماةِ الصِّيدِ صَرْعَى

فتَنْفِرُ وهْيَ تَحْسَبُهمْ نَخيلا

بحَيثُ النَّسْرُ لا يُلفِي لَدَيْهِمْ

سِوى الذّئبِ الأزَلِّ لهُ أكيلا

وتَخْطِرُ في نَجيعٍ غِبَّ طَعْنٍ

وَجيعٍ يَسْلُبُ البَطَلَ الشّليلا

كأنّ الشّمسَ قد نَضحَتْ جِيادي

بِذَوْبِ التّبْرِ إذ جَنَحَتْ أصيلا

وسَيفي تتّقيهِ الهَامُ حتَّى

تُفارِقَ قَبلَ سلّتِهِ المَقيلا

بهِ بَعدَ الإلهِ بَلَغْتُ شأواً

يُسارِقُهُ السُّها نَظَراً كَليلا

وطافَتْ بالعُلا هِمَمي وعافَتْ

غِنًى أرْعى بهِ كَلأً وَبِيلا

فلَمْ أحْمَدْ لِعارِفَةٍ جَواداً

ولم أذْمُمْ على مَنْعٍ بَخيلا

نَماني كُلُّ أبْيَضَ عَبْشَميٍّ

تُعَدُّ النّيِّراتُ لهُ قَبيلا

فآبائي مَعاقِلُهُمْ سُيوفٌ

بِها شَجّوا الحُزونَةَ والسُّهولا

وأرضى اللهَ نَصْرُهُمُ لِدِينٍ

بهِ بُعِثَ ابنُ عمّهِمُ رَسولا

وهُمْ غُرَرٌ أضاءَتْ في نِزارٍ

وكانَ بَنوهُ بَعْدَهُمُ حُجولا

متى هَذَرَ القَبائلُ في فَخارٍ

بألْسِنَةٍ تَهُزُّ بِها نُصولا

فنحنُ نكون أطْوَلَها فُروعاً

إذا نُسِبَتْ وأكرَمَها أُصولا


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

وله تشف وراءه الأشجان

المنشور التالي

من أغفل الحزم أدمى كفه ندما

اقرأ أيضاً

حصافة

حيـن رآنـي مهمـوماً، مُنكسِـر الهمَّـهْ قال حذائـي : هـل مازلتَ تؤمّـلُ حقّـاً أن توقِـظَ ميتـاً بالنأْمــهْ ؟! أو…