لك ما يروقه الغمام الهاطل

التفعيلة : البحر الكامل

لكَ ما يُرَوِّقُهُ الغَمامُ الهاطِلُ

إنْ ردَّ عَبْرَتهُ الجَموحَ السّائِلُ

وعليكَ يا طَلَلَ الجَميعِ تحيّةٌ

أصغى ليَسْمَعَها المَحَلُّ الآهِلُ

أمِنَ البِلى هذا النُّحولُ أمِ الضّنى

فالحُبُّ مِنْ شِيَمي وأنتَ النّاحِلُ

خلَعَ الرَّبيعُ منْ أنوارِهِ

حَلياً تَوَشَّحَهُ ثَراكَ العاطِلُ

والرّوضُ في أفوافِهِ مُتَبرِّجٌ

والزَّهْرُ في حُلَلِ السِّحائِبِ رافِلُ

وغَنِيتَ في حِجْرِ الحَيا مُستَرضَعاً

يَغْذوكَ واشِلُ طَلِّهِ والوابِلُ

كانت أيادي الدّهْرِ فيكَ كَثيرةً

لكنْ لَياليهِ لدَيكَ قَلائلُ

في حيثُ يَقتَنصُ الأسودَ ضَوارِياً

لَحْظٌ تُمَرِّضُهُ المَهاةُ الخاذِلُ

إذ لم يكنْ والليلُ يَسحَبُ ذَيلَهُ

لسُعادَ غيرَ يَدي وِشاحٌ جائِلُ

فكأنّنا غُصنانِ يَشكو منهُما

بَرْحَ الغَرام إِلى الرّطيبِ الذّابِلُ

هَيفاءُ إنْ خَطَرَتْ فقَدٌّ رامِحٌ

نَجلاءُ إنْ نظَرَتْ فطَرْفٌ نابِلُ

وكأنّ فاها بعدَما نَشَرَ الدُّجى

فَرْعاً يَلوحُ بهِ الخِضابُ النّاصِلُ

صَهباءُ تُعْشي النّاظِرينَ نَضَتْ بِها

عَذَبَ الفَدامِ عنِ اللّطيمَةِ بابِلُ

وأبي اللّوائِمِ لا أفَقْتُ منَ الهَوى

ولَئِنْ أفَقْتُ فأينَ قَلبٌ ذاهِلُ

حتّى يرُدَّ قِوامَ دولَةِ هاشِمٍ

مَنْ يَرتَجيهِ لِما يَقولُ العاذِلُ

مُرُّ الحَفيظَةِ والرِّماحُ يَشِفُّها

ظَمَأٌ ومَنْ ثُغَرِ النُّحورِ مَناهلُ

يَرمي العُدُوَّ ودِرْعُهُ مِنْ حِلْمِهِ

فيَقيهِ عاديةَ المَنون القاتِلُ

والرّايةُ السّوداءُ يخفُقُ ظِلُّها

والرُّعْبُ يَطلُعُ والتّجَلُّدُ آفِلُ

والقِرْنُ قَلقَلَ جأْشَهُ حَذَرُ الرّدى

فأُعيرَ نَفْرتَهُ النَّعامُ الجافِلُ

نامَ المُلوكُ وباتَ سرحانُ الغَضى

مَرعِيُّ سَرحِهِمُ لهُ والهامِلُ

فأعادَ أكْنافُ العِراقِ على العِدا

شَرَكاً يَدِبُّ بهِ الضَّراءَ الحابِلُ

ويَمُدُّ ساعِدَهُ الطِّعانُ كما لَوَتْ

للفَحْلِ مِنْ طَرَفِ العَسيبِ الشّائِلُ

وطَوى إِلى أمَدِ المَكارِمِ والعُلا

نَهْجاً تجَنَّبَ طُرَّتَيْهِ النّاعِلُ

ولهُ شَمائِلُ أُودِعَتْ مِنْ نَشْرِها

سِراً يَبوحُ بهِ النّسيمُ خَمائِلُ

ويَدٌ يَتيهُ بِها اليَراعُ على الظُّبا

ويُشابُ فيها بالنّجيعِ النّائِلُ

عَلِقَتْ بِكِلْتا راحتَيْهِ أربَعٌ

نفَضَ الأنامِلَ دونَهُنَّ الباخِلُ

نِعَمٌ يَشِفُّ وراءها نَيْلُ المُنى

وأعِنَّةٌ وأسِنّةٌ ومَناصِلُ

مِنْ مَعشَرٍ فرَعوا ذَوائِبَ سُؤْدَدٍ

أغصانُ دَوحَتِهِ الكَميُّ الباسِلُ

تُدْعى زُرارَةُ في أواخِرِ مَجدِهِمْ

يومَ الفَخارِ وفي الأوائِلِ وائِلُ

يا خَيرَهُمْ حَيثُ السّيوفُ تَزيدُها

طولاً وقَد قَصُرَتْ عليكَ حَمائِلُ

إنّ الصّيامَ يهُزُّ عِطفَيْ شَهرِهِ

أجْرٌ بما زَعَمَ التّمَنّي كافِلُ

وافاكَ طَلقَ المُجْتَلى فثَوابُهُ

لكَ آجِلٌ ونَداكَ فيهِ عاجِلُ

وإذا السِّنونَ قَضى بِسَعْدِكَ حاضِرٌ

مِنها تَبَلّجَ عنهُ عامٌ قابِلُ

وحَمى بِكَ المُستَظْهِرُ الشَّرَفَ الذي

يزوَرُّ دونَ ثَنِيَّتَيْهِ الواقِلُ

وبِكَ استَفاضَ العَدْلُ واعتَجَرَ الوَرى

بالأمْنِ وانتَبَه الزّمانُ الغافِلُ

لمّا أرَحْتَ إليهِ عازِبَ سِربِهِمْ

هَدَأ الرّعيّةُ واستَقامَ الماثِلُ

ودَعاكَ للنّجْوى فكُنتَ لرَأْيِهِ

رِدْءاً كَما عَضَدَ السِّنانَ العامِلُ

وبَرَزْتَ في حُلَلِ الجَلالِ أنارَها

بأنامِلِ العِزِّ النّعيمُ الشّاملُ

متَوَشِّحاً بالمَشْرَفيِّ يُقِلُّهُ

أسَدٌ مَخالِبُهُ الحُسامُ القاصِلُ

فوقَ الأغرِّ يَلوحُ في أعطافِهِ

مِنْ آلِ أعوَجَ والصّريحِ شَمائِلُ

ومُعرَّسُ النُّعْمى دَواةٌ حلْيُها

حَسَبٌ تحُفُّ بهِ عُلاً وفضائِلُ

نَشَرَ الصّباحُ بِها الجَناحَ ورَقْرَقَتْ

فيها منَ الشَّفَقِ النُّضارَ أصائِلُ

وكأنما أقلامُها هِندِيّةٌ

بيضٌ أحدَّ مُتونَهُن الصّاقِلُ

والعِزُّ مُقتَبَلٌ بحيثُ صَريرُها

وصَليلُ سَيفِكَ والجَوادُ الصّاهِلُ

فَفداكَ منْ رَيْبِ الحَوادثِ ناقِصٌ

في المَكْرُماتِ وفي المَعايِبِ كامِلُ

بِيَدٍ يُشامُ لَها بُرَيْقٌ خُلَّبٌ

عَلِقَتْ بهِ ذَيلَ الجَهامِ مَحائِلُ

غُلَّتْ عن المَعروفِ فهْيَ بكِيَّةٌ

والضَّرْعُ تَغْمُرُهُ الأصِرَّةُ حافِلُ

قَسَماً بخُوصٍ شَفَّها عَقْبُ السُّرى

حتى رَثى لابنِ اللَّبونِ البازِلُ

وفَلَتْ بأيديهنَّ ناصِيةَ الفَلا

فشَكا الكَلالَ إِلى الأظَلِّ الكاهلُ

والليلُ بحرٌ والغَياهِبُ لُجّةٌ

والشُّهْبُ دُرٌ والصّباحُ السّاحِلُ

ومُرنَّحينَ سَقاهُمُ خَدَرُ الكَرى

نُطَفاً يَعافُ كُؤوسَهُنَّ الواغِلُ

نَزَلوا بمُعْتَلِجِ البِطاحِ وعِندَهُ

لُفَّت على الحَسَبِ الصّميمِ وَصائِلُ

لأُقلِّدَنّكَ مِدْحَةً أمَويَّةً

فانْظُرْ مَنِ المُهدي لَها والقائِلُ

فالوِرْدُ إلا في ذَراكَ مُرَنَّقٌ

والظِّلُّ إلا في جَنابِكَ زائلُ

والحقُّ أنتَ وكُلُّ ما نُثْني بهِ

إلا عَليكَ منَ المَدائِحِ باطِلُ


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

لك من غليل صبابتي ما أضمر

المنشور التالي

رنت إلي وظل النقع ممدود

اقرأ أيضاً

كانت عيون الريب الساهره

كَانَتْ عُيُونُ الرِّيَبِ السَّاهِرَهْ تَرْمُقُ تِلْكَ الطِّفْلَةَ الطَّاهِرَهْ مَنْ هِيَ بِنْتٌ مِنْ بَنَاتِ الأَسَى مَعْرُوضَةٌ لِلصَّفْقَةِ الخَاسِرَهْ يُطْمِعُ…

أرقت وصحبي بنجد هجود

أرِقْتُ وصَحْبي بنَجْدٍ هُجودُ وأيدِي الرّكائبِ وَهْناً ركودُ لبَرْقٍ تَبَسَّمَ فاستَعْبَرتْ جُفوني وحَنَّ الفؤادُ العَميد كأنّ تَلألُؤه في…