غدا الملك معمور الحمى والمنازل

التفعيلة : البحر الطويل

غَدا المُلكُ مَعمورَ الحِمى وَالمَنازِلِ

مُنَوِّرَ وَحفِ الرَوضِ عَذبَ المَناهِلِ

بِمُعتَصِمٍ بِاللَهِ أَصبَحَ مَلجَأً

وَمُعتَصَماً حِرزاً لِكُلِّ مُوائِلِ

لَقَد أَلبَسَ اللَهُ الإِمامَ فَضائِلاً

وَتابَعَ فيها بِاللُهى وَالفَواضِلِ

فَأَضحَت عَطاياهُ نَوازِعَ شُرَّداً

تُسائِلُ في الآفاقِ عَن كُلِّ سائِلِ

مَواهِبُ جُدنَ الأَرضَ حَتّى كَأَنَّما

أَخَذنَ بِآدابِ السَحابِ الهَواطِلِ

إِذا كانَ فَخراً لِلمُمَدَّحِ وَصفُهُ

بِيَومِ عِقابٍ أَو نَدىً مِنهُ هامِلِ

فَكَم لَحظَةٍ أَهدَيتَها لِاِبنِ نَكبَةٍ

فَأَصبَحَ مِنها ذا عِقابٍ وَنائِلِ

شَهِدتُ أَميرَ المُؤمِنينَ شَهادَةً

كَثيرٌ ذَوو تَصديقِها في المَحافِلِ

لَقَد لَبِسَ الأَفشينُ قَسطَلَةَ الوَغى

مِحَشّاً بِنَصلِ السَيفِ غَيرَ مُواكِلِ

وَسارَت بِهِ بَينَ القَنابِلِ وَالقَنا

عَزائِمُ كانَت كَالقَنا وَالقَنابِلِ

وَجَرَّدَ مِن آرائِهِ حينَ أُضرِمَت

بِهِ الحَربُ حَدّاً مِثلَ حَدِّ المَناصِلِ

رَأى بابَكٌ مِنهُ الَّتي لا شَوى لَها

فَتُرجى سِوى نَزعِ الشَوى وَالمَفاصِلِ

تَراهُ إِلى الهَيجاءِ أَوَّلَ راكِبٍ

وَتَحتَ صَبيرِ المَوتِ أَوَّلَ نازِلِ

تَسَربَلَ سِربالاً مِنَ الصَبرِ وَاِرتَدى

عَلَيهِ بعَضبٍ في الكَريهَةِ قاصِلِ

وَقَد ظُلِّلَت عِقبانُ أَعلامِهِ ضُحىً

بِعِقبانِ طَيرٍ في الدِماءِ نَواهِلِ

أَقامَت مَعَ الراياتِ حَتّى كَأَنَّها

مِنَ الجَيشِ إِلّا أَنَّها لَم تُقاتِلِ

فَلَمّا رَآهُ الخُرَّمِيّونَ وَالقَنا

بِوَبلٍ أَعاليهِ مُغيثَ الأَسافِلِ

رَأَوا مِنهُ لَيثاً فَاِبذَعَرَّت حُماتُهُم

وَقَد حَكَمَت فيهِ حُماةُ العَوامِلِ

عَشِيَّةَ صَدَّ البابَكِيُّ عَنِ القَنا

صُدودَ المُقالي لا صُدودَ المُجامِلِ

تَحَدَّرَ مِن لِهبَيهِ يَرجو غَنيمَةً

بِساحَةِ لا الواني وَلا المُتَخاذِلِ

فَكانَ كَشاةِ الرَملِ قَيَّضَهُ الرَدى

لِقانِصِهِ مِن قَبلِ نَصبِ الحَبائِلِ

وَفي سَنَةٍ قَد أَنفَدَ الدَهرُ عُظمَها

فَلَم يُرجَ مِنها مُفرَجٌ دونَ قابِلِ

فَكانَت كَنابٍ شارِفِ السِنِّ طَرَّقَت

بِسَقبٍ وَكانَت في مَخيلَةِ حائِلِ

وَعاذَ بِإِطرافِ المَعاقِلِ مُعصِماً

وَأُنسِيَ أَنَّ اللَهَ فَوقَ المَعاقِلِ

فَوَلّى وَما أَبقى الرَدى مِن حُماتِهِ

لَهُ غَيرَ أَسآرِ الرِماحِ الذَوابِلِ

أَما وَأَبيهِ وَهوَ مَن لا أَبا لَهُ

يُعَدُّ لَقَد أَمسى مُضيءَ المَقاتِلِ

فُتوحُ أَميرِ المُؤمِنينَ تَفَتَّحَت

لَهُنَّ أَزاهيرُ الرُبا وَالخَمائِلِ

وَعاداتُ نَصرٍ لَم تَزَل تَستَعيدُها

عِصابَةُ حَقٍّ في عِصابَةِ باطِلِ

وَما هُوَ إِلّا الوَحيُ أَو حَدُّ مُرهَفٍ

تُميلُ ظُباهُ أَخدَعَي كُلِّ مائِلِ

فَهَذا دَواءُ الداءِ مِن كُلِّ عالِمٍ

وَهَذا دَواءُ الداءِ مِن كُلِّ جاهِلِ

فَيَأَيُّها النُوّامُ عَن رَيِّقِ الهُدى

وَقَد جادَكُم مِن ديمَةٍ بَعدَ وابِلِ

هُوَ الحَقُّ إِن تَستَيقِظوا فيهِ تَغنَموا

وَإِن تَغفُلوا فَالسَيفُ لَيسَ بِغافِلِ


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

كفي وغاك فإنني لك قالي

المنشور التالي

ما لي بعادية الأيام من قبل

اقرأ أيضاً