أَلا صَنَعَ البَينُ الَّذي هُوَ صانِعُ
فَإِن تَكُ مِجزاعاً فَما البَينُ جازِعُ
هُوَ الرَبعُ مِن أَسماءَ وَالعامُ رابِعٌ
لَهُ بِلِوى خَبتٍ فَهَل أَنتَ رابِعُ
أَلا إِنَّ صَبري مِن عَزائي بَلاقِعٌ
عَشِيَّةَ شاقَتني الدِيارُ البَلاقِعُ
كَأَنَّ السَحابَ الغُرَّ غَيَّبنَ تَحتَها
حَبيباً فَما تَرقا لَهُنَّ مَدامِعُ
رُبىً شَفَعَت ريحُ الصَبا لِرِياضِها
إِلى الغَيثِ حَتّى جادَ وَهوَ هَوامِعُ
فَوَجهُ الضُحى غَدواً لَهُنَّ مُضاحِكٌ
وَجَنبُ النَدى لَيلاً لَهُنَّ مُضاجِعُ
كَساكِ مِنَ الأَنوارِ أَصفَرُ فاقِعٌ
وَأَبيَضُ ناصِعٌ وَأَحمَرُ ساطِعُ
لَئِن كانَ أَمسى شَملُ وَحشِكِ جامِعاً
لَقَد كانَ لي شَملٌ بِأُنسِكِ جامِعُ
أُسيءُ عَلى الدَهرِ الثَناءَ فَقَد قَضى
عَلَيَّ بِجَورٍ صَرفُهُ المُتَتابِعُ
أَيُرضِخُنا رَضخَ النَوى وَهوَ مُصمِتٌ
وَيَأكُلُنا أَكلَ الدَبا وَهوَ جائِعُ
وَإِنّي إِذا أَلقى بِرَبعِيَ رَحلَهُ
لِأُذعِرُهُ في سِربِهِ وَهوَ راتِعُ
أَبو مَنزِلِ الهَمِّ الَّذي لَو بَغى القِرى
لَدى حاتِمٍ لَم يُقرِهِ وَهوَ طائِعُ
إِذا شَرَعَت فيهِ اللَيالي بِنَكبَةٍ
تَمَزَّقَ عَنهُ وَهوَ في الشَرعِ شارِعُ
وَإِن أَقدَمَت يَوماً عَلَيهِ رَزِيَّةٌ
تَلَقّى شَباها وَهوَ بِالصَبرِ دارِعُ
لَهُ هِمَمٌ ما إِن تَزالُ سُيوفُها
قَواطِعَ لَو كانَت لَهُنَّ مَقاطِعُ
أَلا إِنَّ نَفسَ الشِعرِ ماتَت وَإِن يَكُن
عَداها حِمامُ المَوتِ فَهيَ تُنازِعُ
سَأَبكي القَوافي بِالقَوافي فَإِنَّها
عَلَيها وَلَم تَظلِم بِذاكَ جَوازِعُ
أَراعي ضَلالاتِ المُروءَةِ مُهمَلٌ
وَحافِظُ أَيّامِ المَكارِمِ ضائِعُ
وَعاوٍ عَوى وَالمَجدُ بَيني وَبَينَهُ
لَهُ حاجِزٌ دوني وَرُكنٌ مُدافِعُ
تَرَقَّت مُناهُ طَودَ عِزٍّ لَوِ اِرتَقَت
بِهِ الريحُ فِتراً لَاِنثَنَت وَهيَ ظالِعُ
أَنا اِبنُ الَّذينَ اِستُرضِعَ الجودُ فيهِمُ
وَسُمِّيَ فيهِم وَهوَ كَهلٌ وَيافِعُ
سَما بِيَ أَوسٌ في السَماءِ وَحاتِمٌ
وَزَيدُ القَنا وَالأَثرَمانِ وَرافِعُ
وَكانَ إِياسٌ ما إِياسٌ وَعارِقٌ
وَحارِثَةٌ أَوفى الوَرى وَالأَصامِعُ
نُجومٌ طَواليعٌ جِبالٌ فَوارِعُ
غُيوثٌ هَوامِيعٌ سُيولٌ دَوافِعُ
مَضَوا وَكَأَنَّ المَكرُماتِ لَدَيهِمُ
لِكَثرَةِ ما أَوصَوا بِهِنَّ شَرائِعُ
فَأَيُّ يَدٍ في المَجدِ مُدَّت فَلَم تَكُن
لَها راحَةٌ مِن جودِهِم وَأَصابِعُ
هُمُ اِستَودَعوا المَعروفَ مَحفوظَ مالِنا
فَضاعَ وَما ضاعَت لَدَينا الوَدائِعُ
بَهاليلُ لَو عايَنتَ فَضلَ أَكُفِّهِم
لَأَيقَنتَ أَنَّ الرِزقَ في الأَرضِ واسِعُ
إِذا خَفَقَت بالبَذلِ أَرواحُ جودِهِم
حَداها النَدى وَاِستَنشَقَتها المَطامِعُ
رِياحٌ كَريحِ العَنبَرِ المَحضِ في النَدى
وَلَكِنَّها يَومَ اللِقاءِ زَعازِعُ
إِذا طَيِّئٌ لَم تَطوِ مَنشورَ بَأسِها
فَأَنفُ الَّذي يُهدى لَها السُخطُ جادِعُ
هِيَ السُمُّ ما يَنفَكُّ في كُلِّ بَلدَةٍ
تَسيلُ بِهِ أَرماحُهُم وَهوَ ناقِعُ
أَصارَت لَهُم أَرضَ العَدُوِّ قَطائِعاً
نُفوسٌ لِحَدِّ المُرهَفاتِ قَطائِعُ
بِكُلِّ فَتىً ما شابَ مِن رَوعِ وَقعَةٍ
وَلَكِنَّهُ قَد شِبنَ مِنهُ الوَقائِعُ
إِذا ما أَغاروا فَاِحتَوَوا مالَ مَعشَرٍ
أَغارَت عَلَيهِم فَاِحتَوَتهُ الصَنائِعُ
فَتُعطي الَّذي تُعطيهِمُ الخَيلُ وَالقَنا
أَكُفٌّ لِإِرثِ المَكرُماتِ مَوانِعُ
هُمُ قَوَّموا دَرءَ الشَآمِ وَأَيقَظوا
بِنَجدٍ عُيونَ الحَربِ وَهيَ هَواجِعُ
يَمُدّونَ بِالبيضِ القَواطِعِ أَيدِياً
وَهُنَّ سَواءٌ وَالسُيوفُ القَواطِعُ
إِذا أَسَروا لَم يَأسِرِ البَأسُ عَفوَهُم
وَلَم يُمسِ عانٍ فيهِمُ وَهوَ كانِعُ
إِذا أَطلَقوا عَنهُ جَوامِعَ غُلِّهِ
تَيَقَّنَ أَنَّ المَنَّ أَيضاً جَوامِعُ
وَإِن صارَعوا في مَفخَرٍ قامَ دونَهُم
وَخَلفَهُمُ بِالجَدِّ جَدٌّ مُصارِعُ
عَلَوا بِجُنوبٍ موجِداتٍ كَأَنَّها
جُنوبُ فُيولٍ ما لَهُنَّ مَضاجِعُ
كَشَفتُ قِناعَ الشِعرِ عَن حُرِّ وَجهِهِ
وَطَيَّرتُهُ عَن وَكرِهِ وَهوَ واقِعُ
بِغُرٍّ يَراها مَن يَراها بِسَمعِهِ
فَيَدنو إِلَيها ذو الحِجى وَهوَ شاسِعُ
يَوَدُّ وِداداً أَنَّ أَعضاءَ جِسمِهِ
إِذا أُنشِدَت شَوقاً إِلَيها مَسامِعُ