أَمِن بَعدِ أَن حَلَّت نُضَيرة في الرَمسِ
تَطيبُ حَياتي أَو تَلَذُّ بِها نَفسِي
فَتاةٌ عَراها نَحوَ سِتَةِ أَشهرٍ
سُقامٌ غَريبٌ جاءَ مُختَلِف الجِنسِ
فحبنٌ وَحُمّى ثُمَ سُلٌّ وَسَعلَة
وَسَكبٌ فَمَن يَقوى عَلى عِللٍ خَمسِ
وَكانَت رَأَت رُؤيا مِراراً وَأَنَّها
تَروح مِن الدُنيا إِلى حَضرَةِ القُدسِ
فَقرَّ حَشاها وَاِطمَأَنَّت لما رَأَت
جِنانا وَكانَت مِن حَياةٍ عَلى يَأسِ
فَما ضجِرَت يَوماً وَلا اِشتَكَت الضَنى
وَلا ذَكَرَت ماذا تُقاسِي مِن اليأسِ
قَضَت نَحبَها في يَوم الاثنينِ بَعدَما
تبدّى لَنا قرنُ الغَزالَةِ كَالوَرسِ
فَصَلّى عَلَيها الناسُ يثنونَ وَاِنثَنَوا
بِها لضريحٍ مُظلمٍ موحشِ الطَمسِ
يُونِّسها في رَمسِها العمل الَّذي
تَقدَّمَها أَعظِم بِهِ ثُمَّ من أُنسِ
وَراحَت إلى رَبٍّ كَريمٍ نَظيفَةً
مبرأةً مِن كُلِّ ذام وَمِن رِجسِ
وَما وَلَد النسوانُ أُنثى شَبيهها
وَأَنّى يُقاسُ الأَنجمُ الزهرُ بِالشَمسِ
وَكانَت نضارُ نِعمَت الخَودُ لَم تَزَل
على طاعَةِ الرَحمنِ تُضحي كَما تُمسي
نَجيةُ قُرآن تُردِّدُ آيَهُ
مُقسمةً بَينَ التَدَبُّرِ وَالدَرسِ
وَحامِلَةُ الآثارِ عَن سَيِّدِ الوَرى
مُحمدٍ المَبعوثِ للجِنِّ وَالإِنسِ
رَوَتها بِمصر وَالحِجازِ وَجاوَرَت
بِمَكةَ تَسخو بِالدَنانيرِ لا الفلسِ
وَزارَت رَسولَ اللَهِ أَفضَلَ مَن مَشى
بِطيبَةَ وَاِحتَلَّت بِأَربُعِها الدرسِ
مصلِّيَة حيناً عَلَيهِ وَتارَة
مُسلمةً في الجَهرِ مِنها وَفي الهَمسِ
وَحازَت جَمالاً بارِعاً وَفَصاحة
فَأَوضَحُ مِن شَمس وَأَفصَحُ مِن قسِّ
وَقَد عنيت بِالنَحو عُظمَ زَمانِها
وَتَكتُب خَطاً نادِراً ذا بَراعَةٍ
يُريك اِزدِهاءَ الرَوضِ في أَبهَجِ اللَبسِ
فَما الرَوضُ مَطلولاً تفتَّحَ زَهرُهُ
فراقَ لذي عَينٍ وَشاقَ لذي حِسِّ
بِأَبهَجَ مِما قَد وَشَتهُ أَنامِلٌ
لَها بِسَوادِ النَفسِ في أَبيَضِ الطُرسِ
فَلَو أَبصَرتهُ لابنِ مُقلَةَ مقلَةٌ
لأَغضَت حَياءً وَهوَ قَد عَضَّ في الخَمسِ
وَنَجلُ هِلالٍ لا يُساوي قُلامَةً
لظُفر نُضار
سَقى رَوضَةً حَلَّت نضار بتربها
مِن المُزنِ وَبلٌ دائمُ السحِّ وَالبَجسِ
وَلا زالَ تَسقيهِ سَحائبُ رَحمَةٍ
تواليهِ في آتٍ وَحالٍ يَلي أَمسِ