ههنا في خمائل الغاب تحت الزا

التفعيلة : البحر المديد

هَهُنا في خمائل الغابِ تَحْتَ الزَّا

نِ والسِّنديان والزَّيتونِ

أَنتِ أَشهى من الحَيَاةِ وأَبهى

من جمالِ الطَّبيعَةِ الميمونِ

مَا أَرقَّ الشَّبابَ في جسمِكِ الغَضِّ

وفي جيدكِ البديعِ الثَّمينِ

وأَدقَّ الجمالَ في طرفكِ السَّاهي

وفي ثغرِكِ الجميلِ الحَزينِ

وأَلذَّ الحَيَاةَ حينَ تغنِّي

نَ فأُصْغي لصوتِكِ المحزونِ

وأَرى روحكِ الجميلَةَ عِطراً

ضايعاً في حلاوةِ التَّلحينِ

قَدْ تَغَنَّيْتِ منذُ حينٍ بصوتٍ

ناعمٍ حالمٍ شجيٍّ حنونِ

نغماً كالحَيَاةِ عذباً عميقاً

في حَنَانٍ ورقَّةٍ وحنينِ

فإذا الكونُ قطعةٌ من نشيدٍ

علويٍّ منغَّمٍ موزونِ

فلِمَنْ كنتِ تنشدين فقالتْ

للضياءِ البنفسجيِّ الحزينِ

للضَّبابِ المورّد المتلاشي

كخيالاتِ حالمٍ مفتونِ

للمساءِ المطلِّ للشَّفَقِ السَّا

جي لسِحْرِ الأَسى وسِحْرِ السُّكونِ

للعبيرِ الَّذي يرفرفُ في الأفْ

قِ ويفنى مِثْلَ المنى في سكونِ

للأغاني التي يُرَدِّدُها الرَّا

عي بمزمارِهِ الصَّغيرِ الأَمينِ

للرَّبيعِ الَّذي يؤجِّجُ في الدُّ

نيا حياةَ الهَوَى وروحَ الحنينِ

ويوشِّي الوُجُودَ بالسِّحْرِ والأَحلا

مِ والزَّهْرِ والشَّذى واللُّحونِ

للحياةِ التي تغنِّي حوالَيَّ

على السَّهْلِ والرُّبى والحُزُونِ

للينابيعِ للعصافيرِ للظِّلِّ

لهذا الثَّرى لتلكَ الغُصونِ

للنَّسيمِ الَّذي يضمِّخُ أَحلا

مي بعِطْرِ الأَقاحِ واللَّيمونِ

للجَمالِ الَّذي يفيضُ على الدُّ

نيا لأشواقِ قلبيَ المشجونِ

للزَّمانِ الَّذي يوشِّحُ أَيَّا

مي بضَوءِ المنى وظلِّ الشُّجونِ

للشَّبابِ السَّكرانِ للأَمَلِ المع

بود لليأْسِ للأَسى للمَنُونِ

فَتَنَهَّدْتُ ثمَّ قلتُ وقلبي

مَنْ يغنِّيهِ مَنْ يُبيدُ شُجوني

قالتِ الحُبُّ ثمَّ غنَّتْ لقلبي

قُبَلاً عبقريَّةَ التَّلحينِ

قُبَلاً علَّمتْ فؤادي الأغاني

وأَنارتْ لهُ ظلامَ السِّنينِ

قُبَلاً تَرقُصُ السَّعادَةُ والحبُّ

على لحنِها العميقِ الرَّصينِ

وأَفَقْنا فقلتُ كالحالمِ المس

حورِ قولي تَكَلَّمي خَبِّريني

أَيُّ دُنيا مسحورةٍ أَيُّ رؤيا

طالَعَتْني في ضوءِ هذا العيونِ

زُمَرٌ من ملائكِ الملأ الأع

لى يُغنُّونَ في حُنُوٍّ حَنُونِ

وصبايا رواقصٌ يتراشقْ

نَ بزهرِ التُّفَّاحِ والياسَمينِ

في فضاءٍ موَرَّدٍ حالمٍ سَا

هٍ أَطافتْ بهِ عَذارى الفُنونِ

وجحيمٍ تَؤُجُّ تَحْتَ فَرادِي

سَ كأَحلامِ شاعرٍ مجنونِ

أَيُّ خمرٍ مُؤَجَّجٍ ولهيبٍ

مُسكرٍ أَيُّ نشوَةٍ وجنونِ

أَيُّ خمرٍ رشفتُ بل أَيُّ نارٍ

في شفاهٍ بديعَةِ التَّكوينِ

وَرَّدتْها الحَيَاةُ في لَهَبِ السِّح

رِ ونُور الهَوَى وظلِّ الشُّجونِ

أَيُّ إثْمٍ مقدَّسٍ قَدْ لبسنا

بُرْدَهُ في مسائنا الميمونِ

فَبَدَا طيفُ بسمةٍ سَاحِرٌ عَذْ

بٌ على ثَغرِها قوِيُّ الفتونِ

وأَجابتْ وكلّها فتنةٌ تُغ

وي وتُغري بالحبِّ بلْ بالجنونِ

أَبداً أَنْتَ حالمٌ فاسألِ اللَّيْ

لَ فعندَ الظَّلامِ عِلْمُ اليقينِ

وسكتنا وغرَّدَ الحبُّ في الغا

بِ فأصغى حتَّى حَفيفُ الغُصونِ

وبنى اللَّيلُ والرَّبيعُ حوالي

نا من السِّحْرِ والرُّؤى والسُّكُونِ

معبداً للجمالِ والحبِّ شِعْرِيًّا

مَشيداً على فِجاجِ السِّنينِ

تَحْتَهُ يزخرُ الزَّمانُ ويجري

صامتاً في مَسيلهِ المحزونِ

وتمرُّ الأَيَّامُ والحُزْنُ والمو

تُ بعيداً عن ظلِّهِ المأمونِ

معبداً ساحراً مباخِرُهُ الزَّه

رُ على الصَّخرِ والثَّرى والغُصونِ

كلُّ زهرٍ يَضُوعُ منهُ أَريجٌ

من بخُورِ الرَّبيعِ جَمُّ الفُتونِ

ونجومُ السَّماءِ فيهِ شموعٌ

أَوْقَدَتْها للحُبِّ روحُ القُرونِ

ومضتْ نسْمةٌ تُوَسْوِسُ للغا

بِ وتشدو في عمقِ ذاكَ السُّكونِ

وطغى السِّحْرُ والغرامُ بقلبي

فتوسَّلْتُ ضارعاً بجفوني

طهِّري يا شقيقَةَ الرُّوحِ ثَغري

بلهيبِ الحَيَاةِ بلْ قَبِّليني

إنَّ نارَ الحَيَاةِ والكوثرَ المن

شودَ في ثغرِكِ الشَّهيِّ الحزينِ

فهو كأسٌ سِحْرِيَّةٌ لرحيقِ ال

خُلْدِ قَدْ صاغَها إلهُ الفنونِ

قبِّليني وأَسْكِري ثغريَ الصَّا

دي وقلبي وفِتنتي وجنوني

علَّني أَستطيعُ أَنْ أَتغنَّى

لجمالِ الدُّجى بوحيِ العُيونِ

آه مَا أَجملَ الظَّلامَ وأَقوى

وحيَهُ في فؤاديَ المفتونِ

انظري اللَّيلَ فهو حلَّة الأَح

لامِ يمشي على الذُّرى والحُزُونِ

واسمعي الغابَ فهو قيثارَةُ الكو

نِ تغنِّي لحبّنا الميمونِ

إنَّ سِحْرَ الضَّبابِ واللَّيلِ والغا

بِ بعيدُ المدى قويُّ الفُتونِ

وجمالَ الظَّلامِ يعبقُ بالأَح

لامِ والحُبِّ فابْسِمِي والثُمِيني

آهِ مَا أَعذبَ الغَرامَ وأَحلى

رنَّةَ اللَّثْمِ في خُشوعِ السُّكونِ

وسَكِرْنا هناكَ في عالمِ الأَح

لامِ تَحْتَ السَّماءِ تَحْتَ الغصونِ

وتوارى الوُجُودُ عنَّا بما في

هِ وغبنا في عالمٍ مفتونِ

ونسينا الحياة والموتَ والسُّكو

نَ وما فيهِ مِنْ مُنًى ومَنُونِ


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

اسكني يا جراح

المنشور التالي

يا ربة الشعر والأحلام غنيني

اقرأ أيضاً

رأيت الوداع الأخير

رَأَيْتُ الوَدَاعَ الأخِيرَ: سَأْودعُ قَافِيَةً مِنْ خَشَبْ سَأْرْفَعُ فَوْقَ أَكُفّ الرِّجَال، سَأُرْفَعُ فَوْقَ عُيُونِ النِّسَاءْ سَأُرْزَمُ في عَلَمٍ,…