ما تعيف اليوم في الطير الروح

التفعيلة : بحر الرمل

ما تَعيفُ اليَومَ في الطَيرِ الرَوَح

مِن غُرابِ البَينِ أَو تَيسٍ بَرَح

جالِساً في نَفَرٍ قَد يَئِسوا

مِن مُحيلِ القِدِّ مِن صَحبِ قُزَح

عِندَ ذي مُلكٍ إِذا قيلَ لَهُ

فادِ بِالمالِ تَراخى وَمَزَح

فَلَئِن رَبُّكَ مِن رَحمَتِهِ

كَشَفَ الضيقَةَ عَنّا وَفَسَح

أَو لَئِن كُنّا كَقَومٍ هَلَكوا

ما لِحَيٍّ يا لَقَومي مِن فَلَح

لَيَعودَن لِمَعَدٍّ عَكرُها

دَلَجُ اللَيلِ وَتَأخاذُ المِنَح

إِنَّما نَحنُ كَشَيءٍ فاسِدٍ

فَإِذا أَصلَحَهُ اللَهُ صَلَح

كَم رَأَينا مِن أُناسٍ هَلَكوا

وَرَأَينا المَرءَ عَمراً بِطَلَح

آفِقاً يُجبى إِلَيهِ خَرجُهُ

كُلَّ ما بَينَ عُمانٍ فَمَلَح

وَهِرَقلاً يَومَ سا آتيدَمى

مِن بَني بُرجانَ في البَأسِ رَجَح

وَرِثَ السُؤدَدَ عَن آبائِهِ

وَغَزا فيهِم غُلاماً ما نَكَح

صَبَّحوا فارِسَ في رَأدِ الضُحى

بِطَحونٍ فَخمَةٍ ذاتِ صَبَح

ثُمَّ ما كاؤوا وَلَكِن قَدَّموا

كَبشَ غاراتٍ إِذا لاقى نَطَح

فَتَفانَوا بِضِرابٍ صائِبٍ

مَلَأَ الأَرضَ نَجيعاً فَسَفَح

مِثلَ ما لاقَوا مِنَ المَوتِ ضُحىً

هَرَبَ الهارِبُ مِنهُم وَاِمتَضَح

أَم عَلى العَهدِ فَعِلمي أَنَّهُ

خَيرُ مَن رَوَّحَ مالاً وَسَرَح

وَإِذا حُمِّلَ عِبئاً بَعضُهُم

فَاِشتَكى الأَوصالَ مِنهُ وَأَنَح

كانَ ذا الطاقَةِ بِالثِقلِ إِذا

ضَنَّ مَولى المَرءِ عَنهُ وَصَفَح

وَهُوَ الدافِعُ عَن ذي كُربَةٍ

أَيدِيَ القَومِ إِذا الجاني اِجتَرَح

تَشتَري الحَمدَ بِأَغلى بَيعِهِ

وَاِشتِراءُ الحَمدِ أَدنى لِلرَبَح

تَبتَني المَجدَ وَتَجتازُ النُهى

وَتُرى نارُكَ مِن ناءٍ طَرَح

أَو كَما قالوا سَقيمٌ فَلَئِن

نَفَضَ الأَسقامَ عَنهُ وَاِستَصَح

لَيُعيدَن لِمَعَدٍّ عِكرَها

دَلَجَ اللَيلِ وَإِكفاءَ المِنَح

مِثلَ أَيّامٍ لَهُ نَعرِفُها

هَرَّ كَلبُ الناسِ فيها وَنَبَح

وَلَهُ المُقدَمُ في الحَربِ إِذا

ساعَةُ الشِدقِ عَنِ النابِ كَلَح

أَيُّ نارِ الحَربِ لا أَوقَدَها

حَطَباً جَزلاً فَأَورى وَقَدَح

وَلَقَد أَجذِمُ حَبلي عامِداً

بِعَفَرناةٍ إِذا الآلُ مَصَح

تَقطَعُ الخَرقَ إِذا ما هَجَّرَت

بِهِبابٍ وَإِرانٍ وَمَرَح

وَتُوَلّي الأَرضَ خُفّاً مُجمَراً

فَإِذا ما صادَفَ المَروَ رَضَح

فَثَداهُ رَيَمانُ خُفِّها

ذا رَنينٍ صَحِلَ الصَوتِ أَبَح

وَشَمولٍ تَحسِبُ العَينُ إِذا

صُفَّقَت وَردَتَها نَورَ الذُبَح

مِثلُ ذَكيِ المِسكِ ذاكٍ ريحُها

صَبَّها الساقي إِذا قيلَ تَوَح

مِن زِقاقِ التَجرِ في باطِيَةٍ

جَونَةٍ حارِيَّةٍ ذاتِ رَوَح

ذاتِ غَورٍ ما تُبالي يَومَها

غَرَفَ الإِبريقِ مِنها وَالقَدَح

وَإِذا ما الراحُ فيها أَزبَدَت

أَفَلَ الإِزبادُ فيها وَاِمتَصَح

وَإِذا مَكّوكُها صادَمَهُ

جانِباهُ كَرَّ فيها فَسَبَح

فَتَرامَت بِزُجاجٍ مُعمَلٍ

يُخلِفُ النازِحُ مِنها ما نَزَح

وَإِذا غاضَت رَفَعنا زِقَّنا

طُلُقَ الأَوداجِ فيها فَاِنسَفَح

وَنُسيحُ سَيَلانَ صَوبِهِ

وَهوَ تَسياحٌ مِنَ الراحِ مِسَح

تَحسِبُ الزِقَّ لَدَيها مُسنَداً

حَبَشِيّاً نامَ عَمداً فَاِنبَطَح

وَلَقَد أَغدو عَلى نَدمانِها

وَغَدا عِندي عَلَيها وَاِصطَبَح

وَمُغَنٍّ كُلَّما قيلَ لَهُ

أَسمَعِ الشَربَ فَغَنّى فَصَدَح

وَثَنى الكَفَّ عَلى ذي عَتَبٍ

يَصِلُ الصَوتَ بِذي زيرٍ أَبَح

في شَبابٍ كَمَصابيحِ الدُجى

ظاهِرُ النِعمَةِ فيهِم وَالفَرَح

رُجُحُ الأَحلامِ في مَجلِسِهِم

كُلَّما كَلبٌ مِنَ الناسِ نَبَح

لا يَشِحّونَ عَلى المالِ وَما

عُوُّدوا في الحَيِّ تَصرارا اللِقَح

فَتَرى الشَربَ نَشاوى كُلَّهُم

مِثلَ ما مُدَّت نِصاحاتُ الرُبَح

بَينَ مَغلوبٍ تَليلٍ خَدُّهُ

وَخَذولِ الرِجلِ مِن غَيرِ كَسَح

وَشَغاميمَ جِسامٍ بُدَّنٍ

ناعِماتٍ مِن هَوانٍ لَم تُلَح

كَالتَماثيلِ عَلَيها حُلَلٌ

ما يُوارينَ بُطونَ المُكتَشَح

قَد تَفَتَّقنَ مِنَ الغُسنِ إِذا

قامَ ذو الضُرِّ هُزالاً وَرَزَح

ذاكَ دَهرٌ لِأُناسٍ قَد مَضَوا

وَلِهَذا الناسِ دَهرٌ قَد سَنَح

وَلَقَد أَمنَحُ مَن عادَيتُهُ

كُلَّ ما يَحسِمُ مِن داءِ الكَشَح

وَقَطَعتُ ناظِرَيهِ ظاهِراً

لا يَكونُ مِثلَ لَطمٍ وَكَمَح

ذا جُبارٍ مُنضِجاً ميسَمُهُ

يُذكِرُ الجارِمَ ما كانَ اِجتَرَح

وَتَرى الأَعداءَ حَولي شُزُّراً

خاضِعي الأَعناقِ أَمثالَ الوَذَح

قَد بَنى اللُؤمُ عَلَيهِم بَيتَهُ

وَفَشا فيهِم مَعَ اللُؤمِ القَلَح

فَهُمُ سودٌ قِصارٌ سَعيُهُم

كَالخُصى أَشعَلَ فيهِنَّ المَذَح

يَضرِبُ الأَدنى إِلَيهِم وَجهَهُ

لا يُبالي أَيَّ عَينَيهِ كَفَح


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

أجدك ودعت الصبى والولائدا

المنشور التالي

رياحا لا تهنه إن تمنى

اقرأ أيضاً