حببت العلا منذ الصبا حب شاعر

التفعيلة : البحر الطويل

حَبَبْت العلا منذ الصبا حبّ شاعر

وقمت إليها ساعياً سعيَ قادر

أأقدِر فيها أن أصيخ للأئم

وقد ملكت مني جميع المشاعر

تقول ابنة الأقوام وهي تلومني

وأدمعها رَقْراقة في المحاجر

إلى كم تُجدّ البَيْن عنّي مسافراً

أما تستلِذّ العيش غير مسافر

وأسكتها عنّي نشيج فلم تزل

تردّده منها بأقصى الحناجر

إلى أن تفاني الصبر فافترّ مَدمعي

كمدمعها عن لؤلؤ مُتناثر

ولا غروَ أن أبكي أسىً من بكائها

فأعظم ما يشجي بكاء الحرائر

وقلت لها أني امرؤ لي لُبانة

مَنوط مداها بالنجوم الزواهر

تعوّدت أن لا أستنيم إلى المني

وأن لا أرى إلاّ بهيئة ثائر

وأن أُمضِيَ الهمّ الذي هِو مُقلقي

بطيّ الفيافي أو بخَوْض الدياجر

أما تَرَيِنّ الوجه مني شاحباً

لكثرة ما عرّضته للهواجر

ولست أبالي أنني عادم الغنى

إذا كان جَدّي في العلا غير عائر

ذريني أزُرْ في هَضْب لُبنان أربعاً

تعالت بحيث العزّ مُرخَى الضفائر

بحيث أرى تلك الليوث خوادراً

تسارق ألحاظاً عيونَ الجآذر

ليوث إذا ما عَبَّست في مُلِمَّة

تبسّمَت الدنيا تبّسُم ناصر

وألقت جُيوش الفاخرين سلاحها

إذا خفقت راياتها بالمفاخر

فأكرم بلبنان مَقَرّاً لِنابهٍ

ومأوىً لمنكودٍ ومَهدىً لحائر

ألا إنما لبنان في الأرض عاهل

تَبّوَأ عرشاً من جليل المآثر

وزحلة في لبنان تاج لرأسه

قد أزدان من أبنائها بالجواهر

وما هي إلا روضةٌ أنبتت له

أزاهير من تلك الحسان الغرائر

أزحلة إني تارك فيك مهجتي

تُعاطيك منَ بعدي محبّة شاكر

فتشكرك الشكر الذي أنتِ أهله

طَوالَ الليالي خالداً في الدفاتر

وفاء أمرىء ما عوّد الغدرَ نفسه

ولا وَدّ إلاّ مخلصاً في الضمائر

ومن عجب أن الشُوَ يعر لامني

ببيروت لوم الشاتم المتجاسر

ومَن كان مثلي شاعراً لا تَسُوءُه

مقاذعةٌ جاءته من متشاعر

على أنني من عاذريه وأن يكن

لي الحق في عذري له غير عاذر

وكم في رُبا لبنان من ذي فصاحة

مُجيدٍ بيوم الحفل قَرْع المنابر

ومن أهل آداب كشارقة الضحى

ومن أهل علم كالبحار الزواخر


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

لهذا اليوم في التأريخ ذكر

المنشور التالي

أ تونس أن في بغداد قوما

اقرأ أيضاً

هنا تنتهي رحلة الطير

هنا تنتهي رحلة الطير هُنَا تَنْتَهِي رِحْلَةُ الطَّيْرِ, رِحْلَتُنَا، رِحْلَةُ الكَلِمَاتْ وَمِنْ بَعْدِنَا أُفُقٌ لِلطُّيُورِ الجَدِيدَةِ، مِنْ بَعْدِنَا…