أوجست من جمر بخدك ساطع

التفعيلة : البحر الكامل

أَوجستُ من جَمرٍ بخَدِّكِ ساطعٍ

خوفاً على بَرَدٍ بثَغرِك ناصعِ

فسلَبتُ هذا حَرَّه بأضالعي

ووَقَيْتُ ذلك ذَوبَه بمَدامعي

ورَضِيتُ إذ سَلِمتْ عليك مَحاسنٌ

مَفدِيّةٌ بمدامعي وأضالعي

لم أنسَ عهدَكَ يازَوردُ صبيحةً

زُرناك قبلَ نَوى الخليطِ الفاجع

وغصونُ بانِكَ في شُفوفِ غلائلٍ

وعيونُ وحشِك في خُروقِ بَراقع

حتّى إذا جَدَّ الوداعُ وبيننا

سِرٌّ إلى الواشينَ ليس بذائع

ما كان غيرَ إدارةٍ بحواجبٍ

تَسليمُنا وإشارةٍ بأصابع

وغداةَ يومِ الجِزعِ قَلّبَ صابرٌ

طرْفاً فأعربَ عن ضمائرِ جازع

وبدتْ بدورُ الحيِّ في أُفُقِ النَّوى

زُهْراً وهُنّ أوافلٌ كطوالع

حتّى إذا هجَم الرقيبُ مُعارِضاً

منّا على سَرْحِ الِلّحاظِ الرّاتع

غامتْ شموسُ وجوهِهمْ بأناملٍ

مطَرتْ غَمامتُها بدَمعٍ هامع

فبِكَمْ أَلَذُّ إذا رحيلٌ مانِحٌ

زاداً لِعينِكَ من مُقامٍ مانع

فَتكاتُ نابلةِ العيونِ عجيبةٌ

فاشْهَدْ وقائعَها بقلبٍ دارع

لمّا رأتْ سَلْمى ظلامَ مطالبي

ما إن يُجلِّيه ضياءُ ذَرائعي

وملوكُ أرضٍ حينَ عِفْتُ جِوارَهمْ

من جَورهمْ لم أُبْدِ صَفحةَ خاضع

وإذا فَسادُ العُضْوِ أصبحَ زائداً

لم يَشْفَ منه غيرُ كَفِّ القاطع

قالتْ لتُسمِعَني ولم أك مُرْعياً

لمُروِّعٍ يا صاح سَمْعَ الخاشع

صانِعْ عدوّكَ تُكْفَه ومَنِ الّذي

للأعداءِ غيرَ مُصانع

ودَعِ التّناهيَ في للعُلا

فلم أرَ مثْلَ عِزِّ القانع

فبسابعِ الأفلاكِ لم يَحلُلْ سوى

زُحَلٍ ومَجْرَى الشمسِ وَسْطَ الرّابع

فأَجَبْتُها ومن الخُطوبِ لَو أنّنِي

عند الخطوبِ أقولُ قولةَ ضارع

تأْبَى مُقاميَ يا أُميمُ حوادثٌ

للدّهْرِ يَهزأُ خَرقُها بالراقع

وأَلِيّتي مهما نَبا بي مَنزِلٌ

لا مَسَّ رَحْلَ مَطِيّتي يَدُ واضع

كم ليلةٍ فَتقَ الجفونَ ظلامُها

منّي وخاطَ من الخَلِيِّ الهاجع

ليلاءَ يُمسي النّجمُ وهْو مُسامري

في جُنحِها والنّصْلُ وهْو مُضاجعي

في فِتيةٍ مُتوسِّدينَ لأذرعٍ

من ناجياتٍ للفلاةِ ذَوارع

أبداً تَهاداني البلادُ تَهادِياً

كالنّجمِ بينَ مَغاربٍ ومَطالع

فكأنّما أنا بيتُ شِعْرٍ سائرٍ

وكأنّما هي مُصغياتُ مَسامع

مِمّا به مُدِحَ الوزيرُ فلم يزَلْ

يُهدِيه دانٍ في البلادِ الشاسع

ومَديحُنا لكَ تاجُ رأْسِ القائلِ الْ

مُثْنِي عليك وقُرْطُ أُذْنِ السّامع

نُعماكَ كالأطواقِ شاملةُ الوَرَى

والخَلْقُ فيها كالحمام السّاجع

تُسدَى إليهم لا تزالُ صنائعٌ

لجَلالِ دين اللهِ بعد صنائع

أمّا الوِزارةُ فهْي كانتْ عانِساً

طلَباً لكُفْؤٍ للمفاخرِ جامع

كم رُمِّلتْ من أنْفِ خاطبِ مَعشرٍ

بدَمٍ ولم تُغْرَرْ بخِدْعةِ خادع

قُدعَتْ أُنوفُ الخاطبِينَ لها إلى

أنْ عنَّ فَحْلٌ لا يَذِلٌ لقادع

فاستَشْفَعوا فأبَتْ وأنت أبَيْتَها

حتّى أتتْكَ لها بأوجَهِ شافع

إنّ الزّمانَ لباخلٌ فإذا سخَا

يوماً أتَى من جُودِه ببدائع

خَلُّوا الفلا لأبي عَليٍّ فالعُلا

حَقٌّ له من دونِ كُلِّ مُنازع

خُتِمَتْ به الوزراءُ خَتْم جَلالةٍ

من كُلِّ ذي سَبْقٍ بذِكْرٍ شائع

وأتَى عظيمُ غِنائه من بَعدِهمْ

وكذا أمامَ الجيشِ بَعْثُ طلائع

ولَئنْ تأخَّر وارداً وتَقدَّموا

فَرَطاً له من مُبْطئٍ ومُسارع

فالفَجرُ يَطلُع كاذباً أو صادِقاً

ما زال قُدّامَ النّهارِ الماتع

هولُجّةُ الكَرمِ الّذي مِن قَبلِه

كانوا أوائلَ مَوجِها المُتَدافع

فَلْيَهْنِ آفاقَ السِّيادة أنّها

نَجَمتْ ثَنيّتُها ببَدْرٍ طالع

في حُسنِه أبداً وفي إحسانِه

نُزَهٌ تَلَذُّ لِمُبْصِرٍ ولسامع

وصَل العلاءَ له بدولةِ هاشمٍ

سَببانِ لا عَلِقَتْهُما يَدُ قاطع

شَرفانِ من قُرْبٍ ومن قُرْبَى له

جُمِعا كنَظْمِ اللُّؤْلُؤِ المُتَتابع

أُفُقٌ سِماكاه ونَسْراه عُلاً

ما منهما مِن أَعزَلٍ أَو واقع

قُلْ للأفاضلِ غِثْتُمُ ما شئتُمُ

فثِقوا لِغُلّتِكمْ بِرِىٍّ ناقع

مُتفيِّئينَ ظلالَ أَبيضَ ماجدٍ

عن رِفْدِه بالعُذْرِ غَيرِ مُمانع

خِرْقٌ مواهبُ كفِّه ولسانهِ

تأْتي بغيْرِ وسائلٍ وشوافع

ثَبْتٌ إذا طاشَ الحُلومُ كأنّما

في عَقْدِ حُبْوتهِ جُنوبُ مُتالع

لمّا غدا وَزَرَ الخِلافةِ رأْيُه

مدَّ الزّمانُ إليه كفَّ مُبايع

وأطاعَه الدهرُ العَصيُّ ولم يكُنْ

من قبْلِه الدَّهرُ العصِيُّ بطائع

توقيعُه في الكُتْبِ من أقلامِه

يُغْنِى الكتائبَ عن شهودِ وَقائع

في مأْزِقٍ قد جَنّ ليلُ قَتامِه

فالخيلُ فيه ناصِباتُ سوامع

وسرَتْ تَهاوىَ بينهمْ شُهُبُ الظُّبَي

رَجْماً بهِنّ لنَحْرِ كلِّ مُقارع

يَرْدِى به نَهْدٌ كأنّ لَبانَه

في الرَّوعِ قِبلةُ كلِّ رمحٍ راكع

ويَهزُّ مَصقولَ الحديدةِ ماضياً

كوَميضِ بَرقٍ في الغمامةِ لامع

أعميدَ دولةِ هاشمٍ ما عُدَّتي

إلاّ رَجاؤك والخُطوبُ روائعي

لولاك يا بَحْرَ المكارمِ لم يكُنْ

عَهْدُ النّدى أبدَ الزّمانِ براجع

يا ماجداً عمَّ الورَى إفضالُه

وازدادَ في الفُضَلاءِ حُسْنَ مَواقع

دُمْ للمكارمِ والمعالي باسِطاً

يَدَ ضائرٍ لذوي العِنادِ ونافع

واسْعَدْ بدَهْرٍ قد عَلِمتَ بأنّه

ما الحُرُّ فيه إذا سَلِمْتَ بضائع


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

ألا طرقتنا والثريا كقرطها

المنشور التالي

لما تراءت راية الربيع

اقرأ أيضاً