أهلا بوجهك من صباح مقبل

التفعيلة : البحر الكامل

أَهْلاً بوَجْهِك من صَباحٍ مُقْبِلٍ

وبجُودِ كَفِّك من سَحابٍ مُسْبِلِ

وإذا الصّباحُ معَ السّحابِ تَرافَقا

مُتَسايرَيْنِ إلى مَعالمِ مَنْزلي

سَعِدَتْ فأشْرَق كُلُّ نادٍ مُظْلمٍ

منها وأخصَب كُلُّ وادٍ مُمْحِل

قُلْ للعيونِ وللشّفاهِ منَ الوَرى

لمّا بدا كالعارِضِ المُتَهلِّل

السّعْدُ في ذاك الجبينِ فطالعي

واليُمْنُ في تلكَ اليَمينِ فَقبِّلي

أرأيتَ بَرْقاً بين خَمْسِ سَحائبٍ

يَسْرينَ في عَرْضِ الفلاةِ المَجْهَل

إلاّ عِنانَ مُطَهَّمٍ ذي مَيْعةٍ

ألقاهُ منه بينَ تلك الأنْمُل

عالي المَواطيء بالنّجومِ مُسمَّرٍ

للنّاظِرين وبالأهِلّةِ مُنْعَل

فنأَى به ودنا بقاصيةِ المُنَى

إذ لم يكُنْ لِيَحُلَّ لو لم يَرْحَل

ما إن رَمَوْا بسديدِ دولةِ هاشمٍ

خَطْباً فأصبحَ منه مُخْطِئَ مَقْتَل

أضْحَى قرارَ الدَّولتَيْنِ بِسَعْيِهِ

وبعَزْمهِ الماضي مَضاءَ المُنْصُل

والأرضُ ساكنةٌ لدَورٍ دائمٍ

يَعتادُه فَلَكٌ عليها مُعْتَل

أمسَتْ لغيبتِك النّفوسُ وأصبحَتْ

للخَلْقِ وهْي قليلةُ المُتَعلَّل

وتَركْتَ بغداداً ومَشرِقُ شَمْسِها

في عَينِ ساكنها طَريقُ المَوْصِل

وقَدِمْتَ والصّومُ المباركُ قادمٌ

فاسعَدْ بصَوْمٍ عيدُه في الأوّل

حتّى طلَعْتَ معَ السُّعودِ فأصبحَتْ

تلك الخُطوبُ عن النَّواظرِ تَنْجَلي

حُيّيتَ من قَمرٍ تَجلّى والورَى

من حَيْرةٍ في مِثلِ لَيْلٍ ألْيل

طَلَعتْ مواكبُه وغُرّةُ وجَهْه

تَزدادُ نُوراً في ظَلام القَسْطَل

ورَمَوا بأبصارِ العُيونِ سَوامياً

منه إلى بَدْرٍ بدا مُسْتكْمِل

فرَشوا بديباجِ الخُدودِ طريقَه

حُبّاً له من قادمٍ مُستَقْبَل

وتناهبَ النّاسُ الثّرى بجباهِهمْ

إظهارَ شُكْرٍ للوَهوبِ المُجْزِل

ولو استطاعَ الخَلْقُ يومَ قُدومِه

من فَرْطِ شَوْقٍ بالقُلوبِ مُوكَّل

لمَشْوا إليهِ مِشْيةً قلَميَّةً

بالهامِ لا قَدمِيّةً بالأرْجُل

فَلْيَهْنِكَ العَوْدُ الحَميدُ ولا تَزلْ

يُكفَى الوَرى بك كُلَّ خَطْبٍ مُعْضِل

يا داعمَ البيتِ القديمِ بعِزّه

أشْرِفْ بمَجْدٍ قد بنَيْتَ مُؤَثَّل

ما سار في الآفاقِ ذِكْرُك فارساً

إلاّ على يَومٍ أغَرَّ مُحجَّل

بك قَرطَس الغَرَضَ الإمامُ وقد رمَى

فغَدا منَ الباغي مُصيبَ المَقْتَل

وجلَوْتَ وجْهَ الحقِّ غيرَ مُدافَعٍ

لمّا نطَقْتَ غداةَ ذاكَ المَحْفِل

مُلِئَ البلادُ مَيامِناً لمّا الْتَقى

يُمْنُ الرّسولِ لها ويُمْنُ المُرْسِل

قُلْ للّذي أَغفَلْتُ نَفْسي ضَجْرةً

لكنّه عن عَبْدِه لم يَغْفَل

نَفْسي فِداؤك من كريمٍ لم يَزَلْ

عالي ذُراهُ منَ الحوادِثِ مَوْئلي

وعلى البِعادِ خلالَ أكبرِ شُغْلِه

عن ذِكْرِ أصغَرْ خادمٍ لم يُشْغَل

يا باخِلاً بالعِرْضِ من كرَمٍ به

حتّى إذا سُئلَ اللُّها لم يَبْخَل

وذُراه مُزْدَحِمُ الوفودِ تَؤُمُّه

أبداً لأنّ نَداهُ عَذْبُ المَنْهَل

وتَراهُ يَسبِقُ بالعطاء سُؤالَهمْ

جُوداً كإلْثاثِ الغوادي الهُطَّل

وإذا أتَى المُمْتاحُ حَقَّق بالنّدى

كُلَّ الأماني ثُمَّ قال له سَل

لم أمتدِحْ طلَبَ النّوالِ وإنّما

أغْنَى وُصولٌ عن طِلابِ تَوَصُّل

لكنْ أَرى حادي المَطيّ وقد حدا

وأُثيرَ نِضْوُ الرّاكبِ المُستَعْجِل

ولقد تُجَدِّدُ للضّيوفِ كرامةً

عند ارْتحالِ الظّاعنِ المُتحمِّل

تلك البقيّةُ بعدُ باقيةٌ كما

كانَتْ وعُقْدَةُ أمرِها لم تُحْلَل

ولقد كفَلْتَ بها ورأْيُك وَحْدَه

حَسْبي لها سَبباً وإن لم تَكْفُل

فأعِدْ لها نظَر الكرامِ فليس في

تَحْصيلِها إلاّ عليكَ مُعوَّلى

وأنا الّذي ما لي سوِاكَ ذخيرةٌ

فلقد خبَرْتُك في الزّمانِ الأوّل

من أيِّ وجْهٍ كنتُ جئْتُك راغباً

لاقَيْتُ تَطْويلي بفَرْطِ تَطوُّل

فإذا أردتُ الجاهَ كنتَ مُناوِلي

وإذا أردْتُ المالَ كنتَ مُنوِّلي

ومتى اقتبَسْتُ رأيتُ أكبرَ فاضِلٍ

وإذا التمسْتُ رأيتُ أكرمَ مُفْضِل

أم كيف يُمكِنُ فَوتُ ما أنا آمِلٌ

ولكَمْ رجَعْتُ بنَيْلٍ ما لم آمُل

وإذا طلبتُ النّصْرَ يومَ حفيظةٍ

جَرَّدْتَ دوني كُلَّ عَضْبٍ مِصْقَل

لا زلتَ تَلبسُ من حِسانِ قلائدي

أشباهَ دُرٍّ في النّظامِ مُفَصَّل

وبَقِيتْ تَخْطِرُ في عِراصِ سعادةٍ

وتَجُرُّ أذيالَ البقاء الأَطْول


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

أرغمت آنف حاسديك بسفرة

المنشور التالي

قل للرئيس أبي نصر لقد نصرت

اقرأ أيضاً