يا دار مية بالخلصاء غيرها

التفعيلة : البحر البسيط

يا دارَ مَيَّةَ بِالخَلصاءِ غَيَّرَها

سَحُّ العِجاجِ عَلى جَرعائِها الكَدَرا

قَد هِجتِ يَومَ الِلوى شَوقاً طَرَفتِ بِهِ

عَيني فَلا تُعِجمي مِن دُونِيَ الخَبَرا

يَقولُ بِالزُرقِ صَخبي إِذ وَقَفتُ بِهِم

في دارٍ مَيَّةَ أَستَسقي لَها المَطَرا

لَو كَانَ قَلبُكَ مِن صَخرٍ لَصَدَّعَهُ

هَيجُ الدِيارِ لَكَ الأَحزانَ وَالذِكَرا

وَزَفرَةٌ تَعتَريهِ كُلَّما ذُكِرَت

مَيٌّ لَهُ أَو نَحا مِن نَحوِها البَصَرا

غَرّآءُ آنِسَةٌ تَبدو بِمَعقُلَةٍ

إِلى سُوَيقَةَ حَتّى تَحضُرً الحَفَرا

تَشتو إِلى عُجمَةِ الدَهنا وَمَربَعُها

رَوضٌ يُناصي أَعالي ميثِهِ العُقُرا

حَتّى إِذا هَزَّتِ البُهمى ذَوآئِبَها

في كُلِّ يَومٍ يُشَهّي البادِيَ الحَضَرا

وَرَفرَفَت لَلزُبانى مِن بَوارِحِها

هَيفٌ أَنَشَّت بِها الأَصناعَ وَالخَبِرا

رَدّوا لِأَحداجِهِم بُزلاً مُخَيَّسَة

قَد هَرمَلَ الصَيفُ عَن أَكتافِها الوَبَرا

تَقري العَلابِيَّ مُصفَرَّ العَصيمِ إِذا

غَبَّت أَخاديدُهُ جَوناً إِذا اِنعَصَرا

كَأَنَّهُ فِلفِلٌ جَعدٌ يُدَحرِجُهُ

نَضخُ الذَفارى إِذا جَولانُهُ اِنحَدَرا

شآفوا عَلَيهِنَّ أَنماطاً شآمِيَةً

عَلى قَناً أَلجَأَت أَظلالُهُ البَقَرا

شَبَّهتُها النَظرَةَ الأُولى وَبَهجَتَها

وَهُنَّ أَحَسَنُ مِنها بَعدَها صِوَرا

مِن كُلِّ عَجزآءَ في أَحشآئِها هَضَمٌ

كَأَنَّ حَليَ شَواها أُلبِسَ العُشَرا

لَميآءَ في شَفَتَيها حُوَّةٌ لَعَسٌ

كَالشَمسِ لَمّا بَدَت أَو تُشبِهُ القَمَرا

حُسّانَةُ الجيدِ تَحلو كُلَّما اِبتَسَمَت

عَن مَنِطقٍ لَم يَكُن غَثّاً وَلا هَذَرا

عَن واضِحٍ ثَغرُهُ حوٍّ مَراكِزُهُ

كَالأُقحُوانِ زَهَت أَحقافُهُ الزَهَرا

ثُمَّ اِستَقَلّوا فَبَتّوا البَينَ وَاِجتَذَبَت

حَبلَ الجِوارِ نَوىً عَوجآءُ فَاِنَبتَرا

ما زِلتُ أُتِبعُ في آثارِهِم بَصَري

وَالشَوقُ يَقتادُ مِن ذي الحاجَةِ البَصَرا

حَتّى أَتى فَلَكُ الخَلصآءِ دُونَهُمُ

وَاِعتَمَّ قورُ الضُحى بِالآلِ وَاِختَدَرا

يَبدونَ لِلعَينِ تاراتٍ وَيَستُرُهُم

رَيعُ السَرابِ إِذا ما خالَطوا الخَمَرا

كَأَنَّ أَظعانَ مَيٍّ إِذ رَفَعنَ لَنا

بوَاسِقُ النَخلِ مِن يَبرينَ أَو هَجَرا

يُعارِضُ الزُرقَ هاديهِم وَيَعدِلُهُ

حَتّى إِذا زاغَ عَن تِلقآئِهِ اِختَصَرا

إِذا يُعارِضُهُ وَعثٌ أَقامَ لَهُ

وَجهَ الظَعائِنِ خَلٌّ يَعسِفُ الضَفِرا

حَتّى وَرَدنَ عِذابَ المآءِ ذا بُرَق

عِدّاً يواعِدنَهُ الأَصرامَ وَالعَكَرا

زارَ الخَيالُ لِمَيٍّ بَعدَ ما رَحَلَت

عَنّا رَحى جابِرٍ وَالصُبحُ قَد جَشَرا

بِنَفحَةٍ مِن خُزامى فايِحٍ سَهِلٍ

وَزَورَةٍ مِن حَبيبٍ طالَ ما هَجَرا

هَيهاتَ مَيَّةُ مِن رَكبٍ عَلى قُلُص

قَدِ اِجرَهَدَّ بِها الإِدلاجُ وَاِنشَمَرا

راحَت مِنَ الخُرجِ تَهجيراً فَما وَقَفَت

حَتّى اِنفَأَى الفَأَو عَن أَعناقِها سَحَرا

يَسمو إِلى الشَرَفِ الأَقصى كَما نَظَر

أُدمٌ أَحَنَّ لَهُنَّ القانِصُ الوَتَرا

وَمَنهَلٍ آجِنٍ قَفرٍ مَحاضِرُهُ

تُذري الرياحُ عَلى جَمّاتِهِ البَعَرا

أَورَدتُهُ قَلِقاتِ الضُفرِ قَد جَعَلَت

تُبدي الأَخِشَّةُ في أَعناقِها صَعَرا

فَاستَكمَشَ الوِردُ عَنها بَعدَ ما صَدَرَت

يَحوي الحَمامُ إِلى أَسارِها زُمَرا

تَرمي الفِجاجَ بِآذانٍ مُؤَلَّلَةٍ

وَأَعيُنٍ كُتُم ما تَشتَكي السَهَرا

أَقولُ لِلرَّكبِ إِذ مالَت عَمآئِمُهُم

شارَفتُمُ نَفَحاتِ الجودِ مِن عُمَرا

كَم جُبتُ دونَكَ مِن تَيهآءَ مُظِلمَةٍ

تيهٍ إِذا ما مُغَنّي جِنِّها سَمَرا

وَمُزبِدٍ مِثلِ عُرضِ الَليلِ لُجَّتُهُ

يُهِلُّ شُكراً عَلى شَطَّيهٍ مَن عَبَرا

أَنتَ الرَبيعُ إِذا ما لَم يَكُن مَطَرٌ

وَالسآئِسُ الحازِمُ المَفعولُ ما أَمَرا

ما زِلتَ في دَرَجاتِ الأَمرِ مُرتَفِعاً

تَسمو وَيَنمي بِكَ الفَرعانِ مِن مُضَرا

حَتّى بَهَرتَ فَما تَخفى عَلى أَحَدٍ

إِلّا عَلى أَحَد لا يَعرفُ القَمَرا

أَنا وَإِيّاكَ أَهلُ البَيتِ يَجمَعُنا

حَسّانُ في باذِخٍ فَخرٌ لِمَن فَخَرا

مَجدُ العَديَّينِ جَدّاكَ اللَّذانِ هُما

كانا مِنَ العَرَبِ الأَنفَينِ وَالغُرَرا

وَأَنتَ فَرعٌ إِلى عيصَينِ مِن كَرَمٍ

قَد اِستالا ذُرى الأَطوادِ وَالشَجَرا

حَلَلتَ مِن مُضَرَ الحَمرآءِ ذِرَوتَها

وَباذِخَ الِعزِّ مِن قَيسٍ إِذا هَدَرا

وَالحَيُّ قَيسٌ حُماةُ الناسِ مَكرُمَةً

إِذا القَنا بَينَ فَتقَي فِتيَةٍ خَطَرا

بَنو فَزارَةَ عَن آبآئِهِم وَرِثوا

دَعآئِمَ الشَرَفِ العاديَّةَ الكُبَرا

المانِعونَ فَلا يُسطاعُ ما مَنَعوا

وَالمُنبِتونَ بِجِلدِ الهامَةِ الشَعَرا


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

لقد جشأت نفسي عشية مشرف

المنشور التالي

فلو كان عمران بن موسى أتمها

اقرأ أيضاً