لي سمع صد عن قول اللواح

التفعيلة : بحر الرمل

ليَ سَمْعٌ صدّ عن قَوْلِ اللّواحْ

وفؤادٌ هامَ بالغيدِ الملاحْ

أحْدَقَ الوَجْدُ بهِ مِنْ حَدَقٍ

كَحَلَتْ بالحسنِ مرضاها الصّحاح

وَيح قلبٍ ضاقَ من أسهمها

عن جراحٍ وقعها فوق جراح

ما أرَى دمعيَ إلّا دَمَها

ربَّما احمَرّ على خَدّي وَساح

كم أسيرٍ من أُسارى قَيدِهِ

في وَثَاقِ الحبّ لا يرجو سَرَاح

وعليلٍ لا يداوى قَرْحُهُ

من جنيّ الرشفِ بالعذبِ القراح

والغواني لا غنىً عن وَصلها

أبِغَيرِ الماء يَرْوَى ذو التِياح

صَفِرَتْ كَفّايَ من صِفْرِ الوشاح

وهَفا حلمي بِهَيفاء رداح

طَفْلَةٌ تسرَحُ في أعطافِها

لِلأَظانين وللدَلِّ مراح

لَوْ هَفَا من أُذْنِها القُرْطُ على

حبلِها من بُعْدِ مَهْوَاهُ لطاح

تُورِدُ المِسْواكَ عذباً خَصِراً

كمُجاجِ النّحلِ قد شِيبَ براح

وإذا ما لاثِمٌ قَبّلَها

شقّ باللّثمِ شقيقاً عن أقاح

طارَ قلبي نَحوَها لمّا مَشَى

حسنُها نحويَ للقلبِ جناح

ما رأتْ عَينٌ قطاةً قبلها

تتَهادى في قلوبٍ لا بطاح

لا ولا شمساً بَدَتْ في غُصُنٍ

وهو في حقف يُنَدّى ويَراح

وكأنّ الحُسْنَ منها قائِلٌ

ما على من عَبَدَ الحُسْنَ جُنَاح

في اقترابِ الدّارِ أَشكو بُعدها

واقترابُ الدّارِ بالهَجرِ انتِزاح

وكَأَنّي لعبةٌ في يَدها

ما لها تُتلفُ جِدّي بالمزاح

أوَ هذا كلّه من لِمّةٍ

أبْصَرَتْ فيها بياضَ الشيبِ لاح

ما تريدُ الخود من شيخٍ غدا

في مدى السّبْعينَ بالعُمْر وراح

كان مِسْكُ اللّيلِ في مفرِقِه

فانجَلى عنهُ بِكَافورِ الصّباح

يا بَني الأَمجادِ هذا زَمَنٌ

رَفعَ الآدابَ من بعدِ اطّراح

فَسحابُ الجودِ وكّافُ الحيا

ومَراد العيش مُخْضَرّ النّواح

ويمينُ ابنِ تميمٍ عَلّمَتْ

صنعةَ المعروفِ أيْمانَ الشّحاح

مَلكٌ في البَهو منه أسَدٌ

يضعُ التّاجَ على البدر اللّياح

حالفَ النّصرَ منَ اللّه فإن

لقيَ الأعداءَ لاقاهُ النّجاح

كلّما هَمَّ بأمْرٍ جَلَلٍ

أتعبَ الأيّامَ فيه واستراح

يهبُ الآلافَ هذي هِمّةٌ

ضاقَ عنه دهرهُ وهي فياح

لَستُ أَدري نشوَةً في عِطفه

للقاءِ الوفد أم هزّ ارتياح

لو غَدت جَدوَى يَدَيه قَهوةً

ما مَشى مِن سُكرِها في الأَرض صاح

من ملوكٍ شُنّفَتْ آذانُهُمْ

بأغاريدَ من المدح فِصَاح

تَكحُلُ الأَبصارُ مِنهُم بِسنا

أوجهٍ مثلِ الدّنانير صِباح

قرّ طبعُ الجود في شيمَتِه

ما لِطَبعِ المَرءِ عَنهُ مِن بَراح

بَعضُ ما يُسديهِ مِن إِحسانِهِ

جلّ عن كلّ تَمَنٍّ واقتِراح

مِحْرَبٌ يَخرُجُ مِن أَغمَادِهِ

خُلُجاً توقدُ نِيرانَ الكِفاح

يَتحَفُ الحَربَ جناحَيْ جَحْفَلٍ

يَقذِفُ الأَعداءَ بالمَوتِ الذّباح

كُسِيَتْ قُمْصَ الأفاعي أُسُدٌ

تُوِّجَتْ فيه بِبيضات الأدَاح

تحسبُ الورد نثيراً حَوْلَهُ

وهو مُحْمَرّ مُجاجاتِ الرّماح

بَطَلٌ تَشْهَقُ مَنْ لهذمِهِ

في جباهِ الرّوعِ أفواهُ الجراح

جاعِلٌ للقِرْنِ إنْ عانَقَهُ

سَيْفَهُ طوقاً وكفَّيْهِ وِشاح

يا وَهُوبَ العيدِ في بَعضِ النّدى

والغنى والجودِ والكُومِ اللّقاح

إنَّ بَحرَيْك عَلى عَظمِهِما

حَسَدا كفَّيك في فيضِ السّماح

فإذا مُوّجَ هذا وطَما

برياحٍ جاشَ هذا برياح

حكيا جُودكَ جَهْلاً فهما

لا يزيدانِ به إلّا افتضاح

كَثُرَ الخُلْفُ ومن دانَ به

وعلى فضلِكَ للنّاسِ اصطلاح

وإذا الفخرُ تسمّى أهلُهُ

كنتَ منهم في فمِ الفخر افتتاح


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

ومهند عجن الحديد لقينه

المنشور التالي

من شاء أن تسكر راح براح

اقرأ أيضاً

لمن طلل هاج الفؤاد المتيما

لِمَن طَلَلٌ هاجَ الفُؤادَ المُتَيَّما وَهَمَّ بِسَلمانينَ أَن يَتَكَلَّما أَمَنزِلَتي هِندٍ بِناظِرَةَ اسلَما وَما راجَعَ العِرفانَ إِلّا تَوَهُّما…