أعطيت حكمك في الأيام فاحتكم

التفعيلة : البحر البسيط

أُعطيتَ حُكمكَ في الأيام فاحْتكمِ

وإن تملّكتَ رقّ المجد والكرمِ

وحالفتك سعودٌ لو يُخَصّ بها

عصرُ الشبابِ لما أفْضى إلى الهرمِ

إنّ الزّمانَ ليجري في تصرّفِهِ

على مُرادك منه غيرَ مُتّهمِ

فما هممتَ بأمْرٍ أو أشرتَ به

إلا وقامتْ له الدنيا على قدمِ

إنّ القسنطينة الكبرى مُمَلَّكُها

قد اتّقى منك حدّ السيفِ بالقلمِ

وخاف قَدْحَ زنادٍ أمره عجبٌ

يَرميه في الماءِ ذي التيّار بالضرمِ

ورام حَقْنَ دماءِ الرّومِ معتمداً

على وفاءِ وفيّ منك بالذممِ

فكفَّ عزم كفاة صدقُ بأسِهِمُ

مستأصلٌ نِعَمَ الأعداءِ بالنقمِ

وأقبلتْ مع رُسْلٍ منه مألكةٌ

تأسو كلومك في الأعلاج بالكلمِ

رآك بالقلب لا بالعين من جَزَعٍ

في دَسْتِ مُلْكِ عليه هَيْبةُ العِظَمِ

مُطَيَّبُ الذكرِ في الدنْيا مُوَاصِلُهُ

كأنّما عَرْفُهُ مسكٌ بكلّ فمِ

مشى إليك بتدريج على شفةٍ

من لثم أرضِ عظيم الملك ذي هممِ

مقدِّماً كلّ علقٍ من هديّته

كروضَةٍ فَوّفَتها راحةُ الدّيمِ

في زاخرٍ من بحورِ الروم عادتُهُ

ألا يزال مشوباً منهمُ بدمِ

لولا النواتي وأثقالٌ لها حُمِلَتْ

من البطاريق إجلالاً على القممِ

فعاد بالسلم من حرب سلاهبها

دُهْمٌ بأرجلها تَغْنَى عن اللجمِ

ومنشآتٌ إذا ريحٌ لها نشأتْ

جرين في زاخرٍ بالموت ملتطمِ

راحتْ من الشحْم فوق القار لابسةً

فيه تأزُّرَ أنوارٍ على ظُلَمِ

تبدي سواعدَ أكمامٍ تُريكَ بها

مَشْيَ العقارب في ألوانها السخمِ

من كلّ مدَّرعٍ بالحزْم ذي جَلَدٍ

لا يشتكي في أليم الضرب من أَلمِ

وما رأيْتُ أُسوداً قبلهم فَتَحَتْ

مدائناً نازَلَتْها وهي في الأجُمِ

سُدْتم وجدْتم فأوطان النجوم لكم

مراتبٌ من علوّ القدر والهممِ

وأرْضُ بُنْصُرَ قد أهْدى غرائبها

لملكهم مَلْكُهَا في سالف القدمِ

قل للعفاة أديموا قصد ساحته

إن نمتمُ عن نداه الغمرِ لم ينمِ

لولا مكارمُ يحيى والحياةُ بها

ما رُدّ روحُ الغنى في ميّتِ العدمِ

مَلْكٌ إذا جادَ جادَ الغيثُ من يده

فَمَسْقَطُ القطر منه مَنْبِتُ النعمِ

إذا أثار عجاجَ الحرب ألحفها

ليلاً بهيماً بكرّ الخيل بالبُهَمِ

أنسيتنا بأيادٍ منك نذكرها

خصيبَ مصرٍ وما أسداه للحكمي

وقد طويتَ من الطّائيّ ما نَشَرَتْ

من المفاخرِ عنه ألسنُ الأممِ

هدَيْتَ من ضلّ عن مجدٍ وعن كرَمٍ

بما تجاوَزَ قَدْرَ النار والعلمِ

خُصِصْتَ بالجود والبأس المنوط به

والجودُ والبأسُ مولودان في الشيمِ

ولو رآك زهيرٌ في العلى لثنى

لسانَهُ في كريمِ المدح عن هرمِ

فاشرَبْ خبيئةَ دنّ أظْهَرَتْ حبباً

للثم منه ثغر مبتسمِ

لها تألقُ برقٍ كيف قَيّدَهُ

في الكأسِ ساقٍ يُنيلُ الوَرْدَ في عنَمِ

وكيف تُسْمِعُ في هامٍ تُفَلّقها

صهيلَ صمصامك الماضي لذي الصممِ


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

رعى من أخي الوجد طيف ذماما

المنشور التالي

قالوا صبا يا من رأى مستهام

اقرأ أيضاً

الظل

الظلُّ، لا ذَكَرٌ ولا أُنثى رماديٌّ، ولو أَشْعَلْتُ فيه النارَ… يتبعُني، ويكبرُ ثُمَّ يصغرُ كُنت أَمشي. كان يمشي…