رعى من أخي الوجد طيف ذماما

التفعيلة : البحر المتقارب

رَعى مِن أخي الوجدِ طيفٌ ذماما

فَحَلّلَ من وَصْلِ سلمى حرَاما

تَحَمّلَ منها بريّا العبير

ومنْ أرْضِها بأريجِ الخزامى

تَعَرّضَهُ سُورُ قَصْرٍ فَطارَ

وَسَاوَرَهُ مَوْجُ بَحْرٍ فَعاما

مَشى بالتواصلِ بَيْنَ الجُفونِ

وَداوَى السليمَ وأهدى السلاما

وَمَثّلَ للصّبّ في نومِهِ

ضجيعاً إذا أرّقَ الصّبَّ ناما

ومن صُوَرِ الفكر محبوبةً

يعودُ عليلاً بها مستهاما

لها عَنَمٌ في غُصُونِ البنان

يَعُلّ نَدى أُقحُوانٍ بشاما

ترى نَضْرَةَ الحُسْنِ في خَدّها

تَمَيّعُ ماءً وتُذْكى ضِرَاما

تَرَنّحُ بالبدرِ غُصْناً رطيباً

وترتجّ في السيرِ دِعْصاً ركاما

فأمسيتُ منها بماءِ اللمى

أُرَوّي أُواماً وأشْفي سقاما

حلا لي وأسكرني ريقها

فهل خامرَ الأرْيُ منْهُ المداما

تلاقتْ صواعِدُ أنْفاسِها

فمازَجَ منها السلوُّ الغراما

ولا عَجَبٌ أنّ ضَمّاتنا

جَبَرْنَ القلوبَ وَهِضْنَ العظاما

بأرضٍ دحاها الكرى بيننا

ننالُ الأمانيّ فيها احتكاما

فلا بَسَطَ الصبحُ فيها الضّياءَ

ولا قَبَضَ الليلُ عنها الظلاما

فلو عاينَ الأمرَ حلَّ الجوادَ

وشدّ الحزامَ وسلّ الحساما

وأقبلَ بالرّيحِ نحوَ السّحابِ

يظنّ سنَا البرق منها ابتساما

ولما أتانا من الإنتباهِ

دخلنا له بالوصال المناما

جعلنا تزاوُرَنا في الكَرى

فما نَتّقي من مَلومٍ مَلاما

وَمَرّتْ لطائفُ أرْواحِنا

بِلَغْوِ الهَوَى حيثُ مَرّتْ كراما

وطامٍ كجيشِ الوَغَى لا تخوضُ

به غمرةُ الموتِ إلا اقتحاما

تُباري عليه الدَّبورُ الصَّبا

مُنَاقَضَةً والشمالُ النعامى

إذا ما ارتمى فيه قَرْمُ الرّدَى

ركبنا له وهو يرغُو سناما

وردنا فُراتاً يُنيلُ الحياة

ومن كفّ يحيى انتجعنا الغماما

لدى مَلِكٍ جادَ بالمكرمات

تلاقيه في كلّ فَضْلٍ إماما

أشَمُّ قديمُ تراثِ العُلى

يراجِحُ بالحلم منه شَماما

إذا قَرّ في دَسْتِهِ جالساً

رأيتَ الملوكَ لديه قياما

بنادٍ تَرَى فيه سَمْتَ الوقارِ

يَزِينُ عظيماً أبيّاً هُماما

يقلل في الجفن عنه اللحاظَ

ويبعثُ بالوزن فيه الكلاما

تَعَلّمَ عِفّتَهُ سيفُهُ

فليس يُريقُ نجيعاً حراما

وما زالَ دينُ الهدى في الخطوبِ

يشدّ عليه يديه اعتصاما

ولا عَجَبٌ أنّ صَرْفَ الزّمان

تُصَرّفُ يُسْرَاهُ منه زماما

أما مَهّدَ الملكَ يحيى أما

أرَاكَ لكلّ اعوجاج قَوَاما

أما نَشَأتْ منه سُحْبُ النّدى

سواكبَ تهمي وكانت جهاما

أما ذِكْرُهُ ذِكْرُ من يُتّقى

يداً ويكون كلامٌ كِلاما

يبيد العدا بِلُهامٍ يريك

رداءً على منكبيه القَتاما

بعزْمٍ يُجَرّدُ منه السيوفَ

ورأيٍ يفوّقُ منه السهاما

يَعُدّ من الصِّيد آبائِهِ

كُفاةً حُفاةً وَغُرّاً كراما

مجالسُهُمْ في الحروبِ السروجُ

إذا قَعَدَ الموتُ فيها وقاما

تُحَمّرُ حِمْيَرُ أرْضَ الوَغَى

وَتَفْلُقُ بالبِيضِ بَيْضاً وهاما

تَكَهّلَ مُلكُهُمُ والزمانُ

يُصَرَّفُ بين يديه غلاما

وجيشٍ يجيشُ بأبطاله

كما ماجَ موجُ العباب التطاما

بنقعٍ يُريكَ نجومَ السماء

إذا الجوّ منه على الشمس غاما

إذا همّ بالفتكِ فيه الشجاعُ

وحامَ على نفسه الموتُ خاما

غدا ابن تميم به قَسْوَراً

وقد لَبِسَ البدْرُ منه التماما

فيا مَنْ تسامى بهمّاتِهِ

فنالَ بها للثريّا مَصَاما

ملأتَ الزمانَ على وُسْعِهِ

أناةً وبطشاً فراضا الأناما

وحلماً مفيداً وروعاً مبيداً

وعيشاً هنيئاً وموتاً زؤاما

وَقُضْباً بضربِ الطّلى مقطرات

وَقُبّاً على الهامِ تعدو هياما

جعلتَ لكلّ مقالٍ فَعَالاً

ولم تَحْتَقِبْ في صنيعٍ أثاما

ليهنك عودةُ عيدٍ مَشَى

إليك على جَمْرَةِ الشوْق عاما

وأوْدَعَ في كلّ لحظٍ رنا

إليك وفي كلّ لفظٍ سلاما

وحجّ بربعك بيتَ العلى

وطافَ به لا يملّ الزحاما

ومن لَثْمِ يمناك لولا النّدى

رأى حَجَرَ الركن يُغْشَى استلاما

حَمَيْتَ حِمى المُلْكِ بالمُرْهَفاتِ

وَدُمْتَ له في المعالي دواما


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

أوميض البرق في الليل البهيم

المنشور التالي

أعطيت حكمك في الأيام فاحتكم

اقرأ أيضاً

ويوم طوينا أبرديه بروضة

وَيَوْمٍ طَوَيْنا أَبْرَدَيْهِ بِرَوْضَةٍ يُنَشِّرُ فيها الأَتْحَمِيُّ المُعَضَّدُ وَنَحْنُ على أَطْرافِ نَهْرٍ تُظِلُّهُ أَزاهيرُها وَالشَّمسُ فيها تَوَقَّدُ وَتُظْهِرُهُ…