مَن عَفَّ عَن ظُلمِ العِبادِ تَوَرُّعا
جاءَتهُ أَلطافُ الإِلَهِ تَبَرُّعا
إِنّا تَوَقَّعنا السَلامَةَ وَحدَها
فَاِستَحلَقَت ما لَم يَكُن مُتَوَقَّعا
ما قيلَ أَصبَحَ مُفرِقاً مِن دائِهِ
ذا اللَيثُ حَتّى قيلَ أَصبَحَ مُتبَعا
خَبَرٌ تَضَوَّعَتِ البِلادُ بِنَشرِهِ
طيباً فَأَغنى سائِفاً أَن يَسمَعا
ما إِن إِتى فَهمَ القَريبِ عِبارَةً
حَتّى لَقَد فَهِمَ البَعيدُ تَضَوُّعا
قَدَمَتهُ قَبلَ قُدومِهِ النُعمى الَّتي
جَلَتِ المَخافَةَ وَالمُحولَ فَأَقشَعا
يَومَ اِمتَطَيتَ قَرى جَوادٍ وَقعُهُ
مِن وَقعِ ذاكَ الغَيثِ أَحسَنُ مَوقِعا
الغَيثُ يَهمي ثُمَّ يُقلِعُ صَوبُهُ
حيناً وَلَيسَ نَداكَ عَنّا مُقلِعا
إِن سُمِّيَ الإِثنَينُ مَغرِبَ هَمِّنا
فَالسَبتُ يُدعى لِلمَسَرَّةِ مَطلِعا
يَومانِ إِن يَتَفَرَّقا فَلَقَد غَدا
سَهمُ السَعادَةِ فيهِما مُستَجمِعا
قَد أَدرَكَ الإِسلامُ فيكَ مُرادَهُ
فَليَهنِكَ الفَرعُ الَّذي لَن يُفرَعا
سَبَقَتهُ عَينُ الشَمسِ عِلماً أَنَّهُ
يُزري بِبَهجَتِها إِذا طَلَعا مَعا
لَو فَتَّرَت حَتّى يَجيءَ أَمامَها
فِتراً لَما أَمِنَ الوَرى أَن تَرجِعا
ما غَضَّ مِنهُ طُلوعُها مِن قَبلِهِ
إِذ كانَ أَبهى في العُيونِ وَأَرفَعا
وَلَئِن سُقينا الغَيثَ مِن بَرَكاتِهِ
فَلَقَد سَقى الأَعداءَ سُمّاً مُنقَعا
وَهوَ اِبنُ أَروَعَ مُذ رَأَينا وَجهَهُ
لَم نَلقَ مِن صَرفِ الزَمانِ مُرَوِّعا
قَد ظَلَّ قَصرُكَ مُشبِلاً مِنهُ فَعِش
حَتّى تَراهُ مِن بَنيهِ مُسبِعا
فَهوَ الَّذي كَفَلَت لَهُ آلاؤُهُ
أَلّا يُصيبَ الحَمدُ عَنهُ مَدفَعا
وَدَعا القُلوبَ إِلى هَواهُ فَأَصبَحَت
فَأَجابَ فيهِ اللَهُ دَعوَةَ مَن دَعا
عَمَّت فَواضِلُهُ فَأَنجَحَ سَعيُ مَن
يَبغي مَآرِبَهُ بِهِ مُستَشفِعا
سَيَكونُ في كَسبِ المَعالي شافِعاً
لَكَ مِثلَما أَضحى إِلَيكَ مُشَفَّعا
ريعَت لَهُ الأَملاكُ قَبلَ رَضاعِهِ
وَتَزَعزَعَت مِن قَبلِ أَن يَتَرَعرَعا
سامٍ وَلَمّا يُسمَ نَفّاعٌ وَلَم
يَأمُر وَساعٍ في العَلاءِ وَما سَعا
وَإِخالُهُ يَأبى الثَدِيَّ بِعِزَّةٍ
حَتّى تَدُرَّ لَهُ الثَناءَ فَيَرضَعا
فَتَمَلَّ داراً بَلَّغَتكَ سُعودُها
أَقصى المُنى وَإِخالُها لَن تَقنَعا
حَتّى تَرى هَذا الهِلالَ وَقَد بَدا
بَدراً وَذا الغُصنَ الأَنيقَ مُفَرِّعا
مُتِّعتَ ما مَتَعَ النَهارُ بِقُربِهِ
أَبَداً وَدامَ بِكَ الزَمانُ مُمَتَّعا
وَرَأَيتَ مِنهُ ما رَأى مِنكَ الوَرى
لِتَطيبَ مَرأىً في البِلادِ وَمَسمَعا
وَليَهنِ بَيتاً نِعمَةٌ وَهَبَت لَهُ
شَرَفاً أَعَزَّ مِنَ السِماكَ وَأَمنَعا
أُزري بِها إِن قُلتُ خَصَّت عامِراً
فَأَقولُ بَل عَمَّت نِزاراً أَجمَعا
خَضَعَت لِعِزَّتِكَ القَبائِلُ رَهبَةً
وَمِنَ الصَوابِ لِمُرهِبٍ أَن يُخضَعا
ظَلَّت تَخِرُّ مُلوكُها لَكَ سُجَّداً
وَيَعِزُّ أَن تُلغى لِغَيرِكَ رُكَّعا
عَرَفوا مِصالَكَ في الحُروبِ فَأَذعَنوا
فَرَجَعتَ بِالفَضلِ الَّذي لَن يُدفَعا
وَكَسَوتَهُم في السِلمِ غَيرَ مُدافِعٍ
أَضعافَ ما سَلَبَت سُيوفُكَ في الوَعا
فَأَبَدتَهُم عِندَ التَبارُزِ قاطِعاً
وَأَفَدتَهُم عِندَ التَجاوُزِ مُقطِعا
وَجَعَلتَ شِقوَتَهُم بِعَفوِكَ نِعمَةً
وَأَحَلتَ مَشتاهُم بِفَضلِكَ مَربَعا
تَرَكوا اِنتِجاعَ المُعصِراتِ وَيَمَّموا
ظِلّاً إِذا ما العامُ أَمعَرَ أَمرَعا
وَمَتى يُشاطِرُكَ العَلاءَ مُشاطِرٌ
تَرَكَ البَطيءَ وَرائَهُ مَن أَسرَعا
تَرقى إِلَيهِ كُلَّ يَومٍ فَرسَخاً
وَسِواكَ يَرقى كُلَّ يَومٍ إِصبَعا
يا عُدَّةَ الخُلَفاءِ كَم لَكَ مِن يَدٍ
قامَ الزَمانُ بِها خَطيباً مِصقَعا
خَوَّلتَهُ النِعَمَ الجِسامَ فَجاهِلٌ
مَن ظَنَّهُ يُثني عَلَيكَ تَطَوُّعا
بِنَداكَ واصَلَ حَمدَهُ مَن ذَمَّهُ
وَسُطاكَ قَد حَفِظَت لَهُ ما ضَيَّعا
تَتَقاصَرُ الآمالُ عَمّا نِلتَهُ
وَلَوَ اِنَّها أَمَّتهُ عادَت ظُلَّعا
لَأَبَيتَ أَن تَجتابَ ثَوبَ مَناقِبٍ
حَتّى تَراهُ بِالثَناءِ مُرَصَّعا
فَأَتاكَ أَهلُ الأَرضِ مِن آفاقِها
رَغَباً لَقَد نادى نَداكَ فَأَسمَعا
يا اِبنَ الَّذينَ إِذا تَقاصَرَتِ الخُطى
طالوا خُطىً وَظُبىً هُناكَ وَأَذرُعا
أَحلَلتَ قَومَكَ رُتبَةً لا تُرتَقى
إِنَّ المَجَرَّةَ رَوضَةٌ لَن تُرتَعا
فَليَعلُ قَدرُ التُركِ أَنَّكَ مِنهُمُ
فَلَهُم بِكَ الشَرَفُ الَّذي لا يُدَّعا
قَد دانَتِ الدُنيا لِحُكمِكَ هَيبَةً
فَحَكَمتَ في أَقطارِها مُتَرَبِّعا
مُذ سارَ في الآفاقِ ذِكرُكَ موضِعاً
لَم يُخلِ مِن خَوفِ اِنتِقامِكَ مَوضِعا
يَفديكَ مُنكَمِشٌ بَعيدٌ شَأوُهُ
وَمُضَجِّعٌ جَعَلَ الهُوَينا مَضجَعا
وَمُؤَمَّلٌ أَلفاكَ مُنتَجِعاً لَهُ
وَمُرَوَّعٌ لَم يَلقَ غَيرَكَ مَفزَعا
غَمَرَت ثَنائي مِن لَدُنكَ مَواهِبٌ
ما غادَرَت فيهِ لِغَيرِكَ مَطمَعا
قَد كانَ أَشكَلَ نَهجُهُ فيما مَضى
فَجَعَلتَهُ بِنَداكَ نَهجاً مَهيَعا
وَالحَمدُ عَنكَ مُقَصِّرٌ مَعَ أَنَّني
لَم أُبقِ في قَوسِ المَحامِدِ مَنزِعا