بك الإسلام قد لبس الشبابا

التفعيلة : البحر الوافر

بك الإسلامُ قد لبسَ الشبابا

وكان سناه قد ولّى فآبا

وهزّ الملكُ عطفَيهِ بمَلْك

تقلّد أمره وكفى ونابا

ومذْ لبِسَتْ به الدنيا حِلاها

جلاها حُسنُها خَوْداً كَعابا

وما عطُلَتْ رِقابُ الدهرِ إلا

وحلاّها عقوداً لا سِخابا

فلو أنّ اللياليَ عُدْنَ غيداً

شجَتْ ليلى وتيّمتِ الرّبابا

وأحسبُ أن أنجُمَها كؤوسٌ

تكونُ لها مجرّتُها شرابا

ومَنْ للشمس أن تُكسى سَناه

فتُغشي الناظرينَ لها التهابا

ولو حيّا محيّاها بنورٍ

لما كان الظلامُ لها حِجابا

صباحٌ يملأُ الآفاقَ نوراً

يقيم إذا سنا الإصباحِ غابا

وغيثٌ بات يُردي المحلَ طوعاً

وليثٌ ينزِعُ المهجَ اغتصابا

وسعدٌ من بني سعدٍ تجلّى

وقد جعل الدروعَ لها سَحابا

ولم يُرَ قبلَهُ بحرٌ خضمٌّ

أفاضَ على معاطِفِه سَرابا

رسا طَوْداً وأسفرَ بدرَ تِمٍّ

وجادَ غمامةً وسَطا شِهابا

مَروضُ الحِلمِ طمّاح المواضي

إذا ساموهُ عفواً أو عقابا

وما صابَتْ سماءُ الحربِ إلا

سقى أبطالَها شرْياً وصابا

وكم زهِرَتْ رياضُ دمٍ تغنّى

ذُبابُ حُسامه فيها ذُبابا

يواصلُ شُرْبَ كأسِ البأسِ صِرْفاً

ويجتنبُ المُدامةَ والرّضابا

ويبتعدُ الأعارِب ناعماتٍ

ويستَدْني المُضمّرةَ العِرابا

وقالوا أطولُ الأبطالِ باعاً

فقلت نعمْ وأعلاهُم رِكابا

وأفصَحُهُم إذا نطقوا لساناً

وأفسَحُهُم إذا طُرِقوا جَنابا

وقد سمعوا رُقاهُ وجرّبوها

فلا ينسابُ كيدُهُمُ حُبابا

ولا يغْرُرْهُمُ عفوٌ لديه

فربّ عذوبةٍ نتِجَتْ عَذابا

سَلوا عنه بَني رُزّيكَ لما

أفادَ الحربَ منهم والحِرابا

وأقدَمَ نحوهُم أسَداً مُشيحاً

فولّوا بين أيديه ذئابا

فإن عمرَتْ جموعُهُمُ الفيافي

فقد تركوا رُبوعَهمُ خرابا

أهابَ بهم لسانُ الخوفِ حتى

أقامَهُمُ لراحتِه نهابا

ومنّتْهُم ظنونُهُم نجاةً

ورُبّ حجًى رأيَ خطأَ صوابا

فإن جعلوا الظلام لهم مطايا

فقد جعلَ النجومَ له رِكابا

فلا يهْنِ الذين نجوا هروبٌ

فلو آبوا لكان الملك يابى

ولو شاءَتْ صوارِمُهُ المواضي

أقامَتْ دونَهُم سوراً وبابا

ولم يُرسِلْ شفارَ ظُباه إلا

غدَتْ قُلَلُ الملوكِ لها جوابا

إذاً لأزارَهُم تيّارَ حربٍ

تكون له جماجِمُهُمْ حَبابا

وساقَ إليهمُ غرْباً ورُعْباً

يسمّيها الكتيبةَ والكتابا

وصدّعَ شعبَهُمْ بوميضِ عزمٍ

يروّي من دمائِهمُ الشِّعابا

وكم فتحٍ أبو الفتحِ اجتناهُ

بقُبٍّ في العُلى رفعَتْ قِبابا

ولما لم يجدْ رُزّيكُ عنه

الى غير الملاذِ به ذَهابا

أتاهُ ورهطُه في الهَوْنِ سعياً

وقد سُلِبوا الحميّةَ والثيابا

وقد قادوا الصواهلَ مُقرَباتٍ

فقُلْنَ لهم الى الذُلِّ اقترابا

وكم ملؤوا الدروعَ وليس تُغني

وقد مُلئَتْ قلوبُهُمُ ارتِعابا

وكم شاموا ظُباً بأكُفِّ غُلْبٍ

قضَتْ شؤماً عليهم أو غِلابا

وكم ركَزوا رماحَهُمُ كِناساً

وسمّوها وما صدَقوا غيابا

وخالوا أنّ راحَهمُ غمامٌ

فغادرَها مؤمِّلُهُم ضَبابا

فجازَهُمُ إليه المُلْكُ طوعاً

ومَنْ وصلَ الرؤوسَ جَفا الذُنابى

فحسّن رُتبةً قبُحَتْ لديهمْ

وكان التاجُ في الأرساغِ غابا

ليَهْنِ المُلكَ أن أمسى مَصوناً

عشيةَ راحَ عزُّهُمُ مُصابا

بأنّ الله أكرمَهُ بمَلْكٍ

أذلّ له الغطارفةَ الصِّعابا


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

قد أغتدي والصبح خفاق العذب

المنشور التالي

در علم يلوح في فلك الفضل

اقرأ أيضاً

قفا بنجد نسلم

قِفا بنجدٍ نسلِّمْ على ديارِ سعادِ فَلي دموعٌ تروَّي بها الطُّلولُ الصَّوادي والنَّاجياتُ إِليها يخِدْنَ مِيلَ الهوادي لَها…