قفا فاسألا مني زفيرا وأدمعا

التفعيلة : البحر الطويل

قِفا فاسأَلا مِنِّي زفيراً وأَدْمُعا

أَكانا لهم إِلاَّ مَصِيفاً ومَرْبَعَا

ولا تطلبا إِن هُمْ دَنَوْا أَوْ هُمُ نَأَوْا

بأَخبارِهِمْ إِلاَّ جُفوناً وأَضْلُعا

هُمُ عَمَروا قَلْبِي وطَرْفِي وغادَرُوا

منازِلَهُمْ فيما تَظُنَّان بَلْقَعا

وما البينُ من شكوى المحبِّينَ في الهوى

ولكنْ دَعَا من ضلَّ في الحب فادَّعى

فيا عاشقاً أوْلَى به غَيْرُ عاشِقٍ

أَقَمْتَ وسارُوا كيف لمْ تَرْفَعَا معا

يقول أَناسٌ بَطْنُ لَعْلَعَ هاجَهُ

أَكُلُّ مكانٍ عندَهُمْ بَطْنُ لعلعا

نَعَمْ أَنا أَهْوَى بَعْدَهُمْ كُلَّ موضعٍ

فذكرِي لهُمْ لم يُخْلِ في الأَرضِ مَوْضِعا

رعَى الله من لم يَرْعَ لي حْرْمَةَ الهوى

فَيَتْرُكَني أَشْدُو رَعَى اللُّه مَنْ رَعَى

غزالٌ وَشَى عنه تَضَوُّعُ نَشْرِهِ

ومن ذا يصُدُّ المِسْكَ أَن يَتَضَوَّعا

ترعرعَ في بُرْدَيْهِ غُصْنُ أَراكَةٍ

ذَوَي الغُصْنُ مِنِّي والتوى مذ تَرَعْرَعَا

خَدَعْتُ النَّوَى عنه غَدَاةَ فراقِهِ

إِلى أَن أَمالَتْ منه لِيتاً وأَخْدَعا

وقضّيتُ بالتَّقبيلِ فَرْضَ وَدَاعِهِ

فقالَ الهوى لا بُدَّ أَنْ تَتَطَوَّعا

فكم شَعْشَعَتْ خَدَّاهُ لي من مُدامةٍ

أَدَرْت عليها البابِلِيَّ المُشَعْشَعَا

أَأَقْلَعَ عن عَيْنِي وعندِي صبابَةٌ

نهاها النُّهَي أَنْ تستقِلَّ فتُقْلِعا

وقد مَلَكَتْ مِنِّي الثلاثِينَ عن يدٍ

محاسِنَ بدرٍ تَمَّ عَشْراً وأَربعا

ولى في البديعِ الحُسْنِ كلُّ بديعةٍ

ولولا البديعُ الحسنِ ما كنتُ مُبْدِعا

كلانا له الإِحسانُ أَمَّا جَمالُه

فَمَرْأَى وأَمَّا الشعرُ فيه فمَسْمَعا

ولولا صفاتُ المالِكِ العُلَى

تَنَوَّعْتُ في أَوصافِهِ ما تَنَوَّعا

أَفاضَ أَبو الفَيَّاضِ فيَّ نوالَهُ

ووسَّعْتُ مولىً في نَدَاهُ فَوَسَّعا

دَعا خاطري بالمكرُماتِ وإِنما

دعا خاطري بالمكرمات فأَسمعا

وقابلَ منِّي بارعاً في مقالِةِ

بمَنْ لَمْ يَزَلْ في فِعْلِهِ مُتَبَرِّعا

ركِبتُ إِليه زاخِرَ الموجِ طامِياً

وعاصِفَةَ الهَبَّابِ نَكْبَاءَ زَعْزَعا

وظامِئَةً تحتَ الشراعِ وإِن أَبَى

لها ممتطيها أَن تفارِقَ مَشْرَعا

تشقِّق شَيْبَ الماءِ أَبيضَ ناصِعاً

بمثلِ الشَّبابِ الغَضِّ أَسْوَدَ أَسْفَعا

وصُغْتُ له تاجَ المديحِ ولم أَكُنْ

لأَترُكَه حتى يكونَ مُرَصَّعا

فإِنْ قُلْتُ زرنا أَكرمَ النَاسِ راعنا

بفتكته حتى نقولَ وأَشْجَعا

سَمَاحٌ يُرَوِّي الإِلْفَ لا مُتَهَجِّماً

وباْسٌ يُردُّ الأَلْفَ لا مُتَدرِّعا

تَصَدَّى لصَخْرِ المَنْجَنِيقِ بعزمةٍ

زجاجِيَّةٍ لا غَرْوَ أَنْ تَتَصَدَّعا

وجَمَّع مَنْ فرَّقْت بالسَّعْدِ جَمْعَهُ

وما جَمَّع المغرورُ إِلا ليُجْمَعا

فلم يُبْقِ في عينَيْهِ نحوَكَ مَطْمَحاً

ولم تُبْقِ في جَنْبَيْهِ عندَكَ مَطْمَعَا

رأَى لك عزماً محتويا نَعَى له

أَباهُ فَوَلَّى مُدْبِراً عندما نَعَى

ونَهْضَةَ مَنْ راعَ الأَعادِيَ ناشِئاً

بفتكاته مِنْ قبلِ أَن يَتَرَعْرَعَا

مُصِيبٍ سِهامَ الظَّنِّ في كُلِّ مَنْزِعٍ

إِصابَةَ مَنْ لم يُبْقِ في القَوْسِ مَنْزِعا

فكم وَقَفَ العافِي فقالَ له هَلاَ

وكم عَثَرَ الجانِي فقالَ له لَعَا

سَجِيَّةُ ميمونِ النَّقيبةِ ماجدٍ

أَعادَ وأَبْدَى في المعالِي فأَبْدَعا

خَدَمْتُ بأَشعارِي محاسِنَ مَجْدِهِ

وأَخْدَمَنِي الدَّهْرَ الأَبِيَّ المُمَنَّعا

وأَصْفَى مياهَ الفِكْرِ مِنِّي فصفَّقَتْ

وأَرْوَى نباتَ الشُّكْرِ منِّي فأَمْرَعا

وقابَلَني بالأَهْلِ والمالِ عِنْدَما

تركتُ إِليهِ الأَهْلَ والمالَ أَجمعا

وخصَّص مني بالصّنيعةِ أَهْلَها

على شيمةٍ لم يأْتِها مُتَصَنِّعا

وما زلتُ زَوَّارَ الملوكِ الملوكِ مُبَجَّلاً

لديها عزيزاً عندها مُتَرَفِّعا

يَمُجُّ لها شُهْدَ المدائِحِ مَنْطِقِي

وتَنْفُثُ في أَعدائِها السُّمَّ مُنْقَعا

بكُلِّ بديعِ الطُّرَّتَيْنِ مُرَصَّعاً

بدُرِّ الكلامِ المُنْتَقَى ومُصَرَّعا

تشابَهَ أُولاهُ وأُخْراهُ بهجةً

فَوَشَّحَ في اللَّفظِ الرّقيقِ ووَشَّعا

فإِن راقَ أَسماعَ المصيخِينَ مطلعاً

فقد راقَ أسماعَ المُصِيخِينَ مَقْطَعَا

كما فاح عَرْفُ الوردِ في الزَّهْرِ قادماً

وفي الماءِ من بَعْدِ القُدومِ مُوَدِّعا


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

آيات جدك لم تزل تتلى

المنشور التالي

يروع الذئب حيث سواك راع

اقرأ أيضاً

ستكفيك أمثال المجادل جلة

سَتَكفيكَ أَمثالُ المَجادِلِ جَلَّةٌ مَهاريسُ يُغني المُعتَفينَ شَكيرُها عِظامُ الجُثى غُلبُ الرِقابِ كَأَنَّها أَكاريعُ ظَبيٍ مُدفَآتٌ ظُهورُها عَطاءُ…