علل حشاي بذكر ذاك المنزل

التفعيلة : البحر الكامل

عَلّل حَشاي بِذكر ذاكَ المَنزِلِ

وَأَعِد أَحاديثَ الزَمانِ الأَوَّلِ

وَأعذُر إِذا اِبتَدَرَت سَوابقُ أَدمُعِي

طَرَباً وَحَلَّ الوَجدُ عَقدَ تَجَمُّلي

زَمَنٌ بِهِ خَلّفتُ أَيَّام الصِّبى

وَتَرَكتُ طيبَ لَذاذَتي وَتَغَزُّلي

أَيامَ تَخدُمنا المُنى مَنقادةً

وَأَخو الهَوى في الرَّبعِ يَمرَحُ كَالخَلِي

يَجري عَلى مَتنِ الأَغرِّ وَكَم لَهُ

في الحَيِّ مِن يَومٍ أَغَرَّ محجَّلِ

في عُصبةٍ تَخِذُوا الصَبابةَ مَذهَباً

لَهُمُ وَعافوا مَذهَبَ المتَبَذِّلِ

وَرَدُوا الكُؤوسَ فَأَرْيَحِيٌّ لِلنَدى

مِنهُم وَمُهتَزٌّ لَذكرِ القَسطَلِ

يَفتَنُّ مُنشِدُهُم فَتَحسَبُ لَفطَهُ

مِن كَأسِهِ وَبَيانِهِ السحرَ الجَلِي

وَكَأَنَّما يُملي السَليم قَصيدةً

فَالقَومُ بَينَ مكبِّرٍ وَمُهَلِّلِ

النائم المَعنى الدَقيق كَأَنَّهُ

أَسلاك دُرٍّ بِالجُمانِ مفصَّلِ

ماضي الجَنان إِذا أَفاضَ حَسِبتَهُ

يَتلو عَلَيكَ صَحيفةَ المُتَرَسِّلِ

وَإِذا جَرى فَوقَ الطُّروسِ يَراعَهُ

فَوَميضُ بَرقٍ في سَحابٍ مُسبَلِ

مُتَوَقِّدُ الأفكارِ لَو بَرَزَتْ لَنا

في اللَيل أَغنَت عَن ضياءِ المَشعلِ

قَلبٌ مِن الأَشياخِ يَحمِلُهُ فَتىً

غَضُّ الشَبيبةِ مِثل حَدِّ المَنصلِ

وَلَرَبَّ قادِمَةٍ عَليَّ بِلُطفِها

أَحيَتْ فُؤادي حينَ مَسَّت أَنمُلِي

غَيداءُ مُرسَلةُ النِقابِ وَراءَهُ

وَأَمامَهُ نَفَحاتُ عُرفِ المَندَلِي

وافَت بِآثارِ الحَبيبِ وَطالَما

وافى إِليَّ بِها نَسيمُ الشَمأَلِ

حَسناءُ ناحِلَةُ القوامِ لقيتُه

مِن عَطف عاشِقِها السَقيمِ بِأَنحلِ

قابَلتُها فَرَدَدَتُ طَرفي بَعدَما

طَفَحَت عَليّ شُؤون دَمعي المُرسَلِ

شَكَتِ الفِراقَ فَهَيَّجَت عِندي شَجاً

أَمسى عَنِ الشكوى وَعَنها مُذهلي

يا مَن نَأى عَنِّي وَباتَ خَيالُهُ

في طَيِّ قَلبٍ عَنهُ لَم يَتَرَحّلِ

بَيني وَبَينَكَ لِلمَوَدّة ذمةٌ

قَطَعَت مِن الغَمَرات كُلَّ مُؤمَّلِ

فَصَلَت مَنازِلنا البِحار وَقَطرةٌ

مِنهُنَّ بَينَ قُلوبَنا لَم تَدخُلِ

وَلَقَد وَقَفتُ عَلى وَدادِكِ مُهجَتي

وَتَصُرُّفي في الوَقفِ غَير مَحَلَّلِ

وَعَذَرتُ نَفسي في هَواكِ لِأَنَّني

أَورَدتُها في الحُبِّ أَعذَبَ مَنهَلِ

وَأَنا الَّذي أَلِف الهَوى وَأَذاعَهُ

مِن حَيثُ باتَ عَن المَلامِ بِمَعزَلِ

أَسَأَلتَ ما قَد مَرَّ مِن أَيامُنا

عَما يَكونُ مِن الزَمانِ المُقبِلِ

اللَهُ أَكبَرُ كُلّ حالٍ دونَها

أَجَلٌ وَصَرفُ الدَهرِ غَيرَ مُؤجَّلِ

فَأَعَزُّ ما صادَفَتَ يَومَ مَسَرةٍ

وَاللَهُ يَعلَم بَعدَ ذَلِكَ مايَلي


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

لله عود إذا أوتاره اصطفت

المنشور التالي

أيها النائح المبكر مهلا

اقرأ أيضاً