متى رفعت لها بالغور نار

التفعيلة : البحر الوافر

متى رُفعتْ لها بالغور نارُ

وقرَّ بذي الأراكِ بها قَرارُ

فكلُّ دمٍ أراق السيرُ فيها

بحكم السير مطلولٌ جُبارُ

فهل بالطالعين بنا الثنايا

أَنُوقٌ ليلُ نظرتِهِ نهارُ

لعلَّك أنْ ترى عيناك قبلي

مواقدَ والزفيرُ لها شَرارُ

وبعضُ المصطلين وإن نآني

وأوحدني أخو ثقةٍ وجارُ

يريدُ عواذلي عنه التفاتي

بآية شطَّ أو بَعُدَ المزارُ

وما عَصْبُ النوى عيني عليه

بأوّل ما طوى القمرَ السّرارُ

أمنتُك يا فراقُ وربَّ يومٍ

حذرتُ لوَ انه نفع الحِذارُ

أخذتَ فلم تدع شيئاً عليه

يُخاف أسىً ولا يُرجى اصطبارُ

حبيبٌ خنتَني فيه ودارٌ

ولَلنَّاسُ الأحبةُ والديارُ

أمرتجَعٌ ويا نَفْسي عليه

برامة ذلك العيشُ المُعَارُ

وثَوْبُ شبيبةٍ ما فاض حتّى

تقلَّص منه وانشمر الإزارُ

لكلّ سليبةٍ بدلٌ وفوتٌ

لما سُلبَ المسائحُ والعذارُ

ظلامٌ هبّ فيه وليتها لم

تَلُحْ هذي الأدلَّة والمَنارُ

وربَّ سميرِ ليلٍ ودّ ألّا

يُضيءَ على جوانبه النهارُ

ألا يا صاحِبَيْ حُرَقِي نجاءً

يفوتكما بي اليومَ الوقارُ

خُذاني حيث لا النظر استراقٌ

لِريبتهِ ولا النجوَى سِرارُ

وزُمَّا بالمطامع أنفَ غيري

فبي عنها وإن خَدعَتْ نفارُ

كفَى بالحِرص عيباً أنّ أُولَى

جدَاه مُنىً وغايتَه انتظارُ

وما أُنسي بآمالٍ طِولٍ

تُناولهنَّ أيّامٌ قِصار

يقول المرءُ ما يهوَى ويرجُو

ويفعلُ فعلَه الفَلكُ المُدارُ

وإن ظمِئت ركابٌ أو أُجيعتْ

فأفرع شَعرَها الوبَرُ المطارُ

فخيرٌ من مراعيها بذلٍّ

عِضاضٌ بالحناجر واجترارُ

وإلا فابغيا شرفَ المعالي

بها إن كان للظُّلَم انسفارُ

وضمَّا بالخطير غريبتيها

فَثَمَّ العزُّ يَمَنعُ والجِوارُ

وماءٌ فاضلٌ عنها وبَقْلٌ

تَبزَّلُ في كمائمه البِكارُ

رِدَا المجدَ التليدَ بها وعُوذا

بأغلبَ حبلُ ذمّتهِ مُغارُ

ببحرِ ندىً يفيضُ وبدرِ نادٍ

وإن رُغِم البدورُ أو البحارُ

جَوادٌ لا يزلُّ به عِثار

وجارٍ لا يُشَقُّ له غُبارُ

تمنّى الناسُ أصغرَ همّتيْه

فماتت دونها الهممُ الكبارُ

وطار به فأنعله الثريّا

فؤادٌ لا يطير به الحِذارُ

ونفسٌ حرّةٌ لا يزدهيها

حُلَى الدنيا وزخرفُها المُعارُ

يبيت الحقُّ أصدقَ حاجتيْها

وكسبُ العزّ أطيبَ ما يُمارُ

إذا التفتت إلى الدنيا عيونٌ

فلفتتُها إباءٌ واحتقارُ

من الوافين أحلاماً وعهداً

إذا هفَت الحُبَا ووهى الذمارُ

كرامٌ لا يرون العُسرَ فقراً

وفي العرض الغنى والإِفتقارُ

إذا عزّوا بأرض أَوْطَنوها

وإن ضِيموا بها ركبوا فساروا

كُفُوا بدلالة الكافي عليهم

بحرصٍ ما ادعى لهم الفخارُ

مضوا سلَفاً وجاء يزيد مجداً

كما أوفى على السُّحب القِطارُ

توحَّدَ من بني الدنيا رَكوبٌ

صعائبَها إذا كُرِه الخِطارُ

سعى فَحَوَى الكمالَ وهم قعودٌ

وأنجدَ يطلب الدنيا وغاروا

وأشرفُ شيمةٍ ظَلَفٌ وأمرٌ

يطاعُ وعفةٌ معها اقتدارُ

وعفَّ فبات يحلبهنّ مَذقاً

وأخلافُ الزمان له غِزارُ

حميتَ الملكَ مقتبلاً وكهلاً

يَخاف من الدنيّة أو يغارُ

ولم تُدخِلْ غريباً خارجيَّاً

له بسواه نهضٌ وانتصارُ

وقوّمتَ الأمورَ وهنَّ مِيلٌ

لها من كفّ جابرها انكِسارُ

وكلّ دعيِّ فضلٍ مستطِبٍّ

له بالعجز شغلٌ واعتذارُ

وسِعتَ الناسَ إحساناً وعَطفاً

كأنك رأفةً بهِمُ ظؤارُ

وصرتَ حُلَى الملوك وأيّ كفٍّ

لهم مُدَّت فأنت لها سوارُ

تشير بك العلا نصحاً عليهم

إذا ما خان رأيٌ مستشارُ

بك انتصرتْ يدي وعَلا لساني

وصمَّم ناظري وبه ازورارُ

وكنتُ أطيعُ مضطرَّاً زماني

فأصبح لي على الزمن الخِيارُ

بَرعيِك فِيَّ حقَّ الفضلِ صحّت

قناةٌ كلُّها وصْمٌ وعارُ

وُجدتَ فعدتُ بعد جُفوفِ عُودي

وفي أغصان أيكتيَ اخضرارُ

عرفتَ توحُّدي فغرستَ منّي

غصوناً ذا الثناءُ لها ثِمارُ

محاسنُ لا يراها فِيَّ إلّا

بصيرٌ كيف يُنْتَقَدُ النُّضارُ

ورَدتُ نداك عَذباً لم يُكدَّرْ

له حوضٌ ولم تُنزفْ غِمارُ

على الإعسار تعطيني كثيراً

ويُعطِي الناسُ ما بَلغَ اليَسارُ

ومن آياتِ جودك أن غَنينا

به وإلى القليلِ بك افتقارُ

فعِشْ يبلُغْك ما تجزِي القوافي

وما يُسدَى بهنَّ وما يُنارُ

بكلِّ غريبةِ المعنَى عَلوقٍ

إذا قرَّتْ فليس لها نفارُ

تسير بعرضك المجلوِّ فيها

مسيرَ الشمس مُهلَتُها بِدارُ

لها في الجوّ رافعةً صُعودٌ

وفي مَهوَى الرياح لها انحدارُ

كأنّ فتيقَ منشرها يَمانٍ

تنفَّس في حقائبه العِطارُ

يسوق المهرجانُ إليك منها

عرائسَ والنشيدُ لها نِثارُ

مبشِّرةً بأن اللّه عينٌ

عليك من الرَدى الجاري وجارُ

وأنك خالد لا الليلُ يُفني

مداك من البقاءِ ولا النهارُ


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

ما ليلتي على أقر

المنشور التالي

بالغور ما شاء المطايا والمطر

اقرأ أيضاً

ونحن نحب الحياة

وَنَحْنُ نُحِبُّ الحَيَاةَ إذَا مَا اسْتَطَعْنَا إِلَيْهَا سَبِيلاَ وَنَرْقُصُ بَيْنَ شَهِيدْينِ نَرْفَعُ مِئْذَنَةً لِلْبَنَفْسَجِ بَيْنَهُمَا أَوْ نَخِيلاَ نُحِبُّ…