تحت عين الصباح والأنوار

التفعيلة : البحر الخفيف

تحت عين الصباح والأنوارِ

ورقيق الأنداء والأسحارِ

في حمى سنتريس شبَّ غلامٌ

شاعريُّ الكلام والأنظارِ

أزرق العين هادئ هدأة البحـ

ـر بعيد الرضى بعيد القرارِ

ساهم يلمح السحائب في الأفـ

ـقِ بعين عميقة الأغوارِ

شبَّ في جيرة النسائم والزهـ

ـر وفي صحبة الغدير الجاري

ونضيرِ الحقول والعشب المخضـ

ـل يكسو شواطئ الأنهارِ

ومصيخاً إلى غناء السواقي

شاكياتٍ سواخرَ الأقدارِ

باكياتٍ على الصبا والأماني

والهوى والنوى وبعدِ المزارِ

غير أن الذي شكا خطبه الأهـ

ـلُ وأمسى حديث جارٍ وجارِ

إنَّ ذاك الفتى الوديعَ الطهورَ الـ

ـقلب في رقة النسيم الساري

مغرمٌ بالعصا فلو خلف سورٍ

لتخطى شواهق الأسوار

ولأجل العصا سطا على الأفرع الخضـ

ـراء زانت بواسق الأشجارِ

ولأجل العصا سطا على خشب البيـ

ـتِ طموحاً حتى لباب الدارِ

ولو أنَّ العصيَّ عزَّت عليه

لتمنَّى حتى عصا التسيارِ

إن تلك العصا لرَمزٌ على القو

ة في قلب ماردٍ جبّارِ

لا يرى القرية الصغيرة كفؤاً

لكبار الآمال والأوطارِ

ساخراً من هدوئها مستعداً

لصراع الخطوب والأخطارِ

أين يمضي للأزهر الشامخ الرأ

س القويّ الباقي على الأدهارِ

مطلع عبده وسعداً ورهط الـ

ـمجد والبأس والعلى والفخارِ

فرح الأهلُ بالغلامِ الذي صا

رَ حديثاً في ندوة السُّمارِ

عمّموه وقفطنوه فأمسى

أمل القوم فارس المضمارِ

ومضى يطلب العلوم وحيداً

موحشاً قلبهُ غريبَ الدارِ

ناظراً في هوامشٍ تأكل العقـ

ـل وتبلي نواضر الأبصارِ

لا يبالي الطول ولا يحفل الأقدا

ر جاءت بكل أمرٍ ضاري

لا يبالي غداة يصغي إلى الشيـ

ـخ وللشيخ هالة من وقارِ

أحصيرٌ ممزقٌ أم حريرٌ

مقعد للمجاهد الصبَّارِ

آهِ من هاته الشدائد فهي الـ

ـنار تبلو القلوب في الأخيارِ

إنَّ قلب العظيم ياقوتةً تسـ

ـمو سمواً وتزدهي بالنارِ

أي شيء في الدهر كالألم الجـ

ـبار يجلو ضمائر الأحرارِ

عجبي من مجاور ضاق بالأز

هر واحيرة النفوس الكبارِ

ثم أمسى مطربشاً واكتسى البذ

لة ما بين ليلةٍ ونهارِ

ثم ضاقت بهمه مصر فاشتا

ق لغير الأوطان في الأمصارِ

ضمَّ أشياءه إليه وأضحى

في سفينٍ تجوب عرض البحارِ

ثم أمسى مبرنطاً يقصد السيـ

ـن ويغزو مدينة الأنوارِ

والذي يبعث السرور ويدعو

كلَّ نفس للزهو والإكبارِ

رجلٌ ما ازدهته فتنة باريـ

ـس وما في باريس من أسرارِ

ظلَّ في ذلك الحمى مصرياً

عربيَّ الحياة والأفكارِ

كلما هبَّت الغواني عليه

ضاق ذرعاً بالغادة المعطارِ

يزفر الزفرة العنيفة ترمي

من لظاها فحمَ الدُّجى بشرارِ

يذكر النيل والأحبة بالنيـ

ـل ويشدو برائع الأشعارِ

كرّموا نابغيكمو واعرفوهم

فضياع النبوغ في الإِنكارِ

فزكيّ مباركٌ شعلة في

مصر تهدي شبابها كالمنارِ

قسماً لو يُتاح لي الغارُ كللـ

ـت بكفي جبينُه بالغارِ


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

عجباً لقلبٍ هيض منك جناحه

المنشور التالي

هل أنت سامعة أنيني

اقرأ أيضاً