في ذمة الله وفي عهده

التفعيلة : البحر السريع

فِي ذِمَّةِ اللهِ وَفِي عَهْدِهِ

شَبَابُهُ النَّاضِرُ فِي لَحْدِهِ

سَمَتْ بِهِ عَنْ مَوْقِفٍ عِزّةُ

تَخْرُجُ بِالَأرْشَدِ عَنْ رُشْدِهِ

زَانَتْ لَهُ حَوْضَ الرّدَى زِينَةً

تَظْمَأُ بِالرّاوِي إلى وِرْدِهِ

لَهْفِي عَلَيْهِ يَوْمَ جَاشَ الأَسَى

بِهِ وَفَاضَ الحُزْنُ عَنْ حَدِّهِ

فَطَمَّ كَالسَّيْلِ عَلَى صَبْرِهِ

وَعَالَجَ العَزْمَ إِلَى هَدِّهِ

وَاكْتَسَحَ الآمَالَ مَنْثُورَةً

كَالوَرَقِ السَّاقِطِ عَنْ وَرْدِهِ

وَدَارَ فِي الغَوْرِ بِمَا كَانَ مِنْ

هَوَاهُ أَوْ شَكْوَاهُ أَوْ وَجْدِهِ

فَرَاحَ لَا يَشْعُرُ إلّا وَقَدْ

أَلقَاهُ تَيارٌ إلى نِدهِ

بَاغَتَهُ اليَأْسُ وَأَيُّ امْرِيءٍ

يَقْدِرُ فِي حَالٍ عَلَى رَدِّهِ

وَاليَأْسُ إِنْ فَاجَأَ ذَا مَرَّةٍ

دَوَّخَ ذَا المِرَّةِ عَنْ قَصْدِهِ

طَيْفٌ بِلا ظِلٍّ كَتُومُ الخُطَى

مَنْ يَعْتَرِضْ مَسْلَكَهُ يُرْدِهِ

مُنْتَعِلُ البَرْقِ خَفِيُّ السُّرَى

يُصِمُّ بِالرَّعْدَةِ عَنْ رَعْدِهِ

مَهْلكَةُ الآسَادِ فِي نَابِهِ

وَصَرْعَةُ الأَطْوَادِ فِي زَنْدِهِ

كُلُّ قُوَى التَّشْتِيتِ فِي لِينِهِ

وَكُّلُّ بَطْشِ البَيْنِ فِي شَدِّهِ

يُلابِسُ الجِسْمَ وَيَغْشَى الحَشَى

وَيَمْلأُ الهَامَةَ مِنْ وَقْدِهِ

فَالمُبْتَلَى فِي حُلُمِ مُوهِنٍ

مُوهٍ يَكِلُّ العَزْمَ عَنْ صَدِّهِ

حُلْمٍ هُلامِيُّ اللَّظَى فَاجِعٍ

يَبْلُغُ مِنْهُ مُنْتَهَى جَهْدِهِ

حَتَّى إِذَا مَا امْتَصَّ مِنْهُ النُّهَى

فِي مُسْتَطِيلِ الجُنْحِ مُسْوَدِّهِ

أَطْلِقْهُ مِنْ حَالِقٍ ذَاهِلاً

فِي نِيلِهِ يَهْلِكُ أَوْ سِنْدِهِ

مُفَارِقاً غُرَّ أَمَانِيهِ

أَوْ مُوتِمَ الأَطْهَارِ مِنْ وَلْدِهِ

وَاهاً لِمَبْكِيٍّ عَلَى فَضْلِهِ

مُفْتَقِدِ الآدَابِ فِي فَقْدِهِ

صِيدَ مِنَ المَاءِ وَلَوْ أَنْصَفُوا

لَظَلَّ فِي المَاءِ عَلَى وُدِّهِ

يَهُزُّهُ المَوْجُ رَفِيقاً بِهِ

كَمَا يُهَزُّ الطِّفْلُ فِي مَهْدِهِ

مَضَى نَقِيَّ الجِسْمِ وَالبُرْدِ لا

فِي جِسْمِهِ لَوْثٌ وَلا بُرْدِهِ

مَا ضُرِّجَتْ بِالدَّمِ أَثْوَابُهُ

وَلا وَرَى الصَّادِعُ مِنْ زِنْدِهِ

مُبْتَرِداً بِالمَاءِ فِي نَفْسِهِ

شُغْلٌ عَنِ المَاءِ وَعَنْ بَرْدِهِ

مَاتَ مُرَجًّى فِي اقْتِبَالِ الصِّبَا

يَا خَيْبَةَ الدُّنْيَا وَلَمْ تَفْدِهِ

طَلَّقَهَا زَلاَّءَ لَمْ تَرْعَ مَا

آثَرَ أَنْ تَرْعَاهُ مِنْ عَهْدِهِ

وَلَمْ يُفَارِقْ بِمُنَاءاتِهَا

سِوَى أَذَاهَا وَسِوَى سُهْدِهِ

مَا كَانَ أَدْنَى العَيْشَ عَنْ رَأْيِهِ

وَأَضْيَقَ الأَرْضِ عَلَى جُهْدِهِ

وَكَانَ أَوْفَاهُ لِمَحْبُوبِهِ

لَوْلا انْحِطَاطُ العُمْرِ عَنْ قَصْدِهِ

فَرُبَّ رَسْمٍ بَاتَ فِي جَيْبِهِ

وَعَنْ ذَاكَ الرَّسْمِ فِي كِبْدِهِ

هَوَى أَبَى دَارَ التَّنَاهِي لَهُ

دَاراً فَرَقَّاهُ إِلَى خُلْدِهِ

مَا مَاتَ بَلْ نَام أَلَمْ تَنْظُرُوا

إِلي احْمِرَارِ الوَرْدِ فِي خَدِّهِ

مَا مَاتَ بَلْ نَام أَلَمْ تُبْصِرُوا

لَيَانَةَ المَعطِفِ فِي قَدِّهِ

نَامَ عَنِ الدَّهْرِ الخَؤُونِ الَّذِي

فِي هَزْلِهِ الغَدْرُ وَفِي جِدِّهِ

عَنْ قَاتِلِ النُّبْلِ عَدُوِّ الحِجَى

مُظْمِيءِ نصْلِ السَّيْفِ فِي غِمْدِهِ

عَنْ صَادِقِ الرَّمْزِ بِإِبْعَادِهِ

وَكَاذَبَ الإَيْمَانِ فِي وَعْدِهِ

عَنْ مُغْرِقِ العَالِمِ فِي بُؤْسِهِ

وَمُغْرِقِ الجَاهِلِ فِي سَعْدِهِ

عَنْ ظَالِمِ القَاصِدِ فِي حُكْمِهِ

وَفَاطِمِ المَاجِدِ عَنْ مَجْدِهِ

بِنْتَ حَكِيماً فَاسْتَرِحْ نَاسِياً

مَا نِلْتَ مِنْ خَيْرٍ وَمِنْ ضِدِّهِ

لا سُبَّةً تَخْشَى وَلا شُبْهَةً

مِنْ سُقْمَاءِ الرَّأْيِ أَوْ رُمْدِهِ

أَقَالَكَ الحَقُّ فَمَا عَاثِرٌ

مَنْ كَانَتْ العَثْرَةُ فِي جِدِّهِ

مَنْ ذَلَّ فَلْيُولِكَ مِنْ عُذْرِهِ

أَوْ عَزَّ فَلْيُولِكَ مِنْ حَمْدِهِ

سَقَاكَ دَمْعِي نَضْحَةً صُنْتُهَا

إِلاَّ عَنِ الوَافِي وَعَنْ وُدِّهِ

وَعَنْ عَظِيمِ الخُلْقِ مُسْتَنِّهِ

وَعَنْ قَوِيمِ الفِكْرِ مُسْتَدِّهِ

وَاللهُ رَاعِيكَ أَلَيْسَ الَّذِي

جَاءَكَ فِي الحَالَيْنِ مِنْ عِنْدِهِ


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

ألطائر العالي مراده

المنشور التالي

هذي عكاظ وذاك معهدها

اقرأ أيضاً

تفاؤل

دق بابي كائن يحمل أغلال العبيد بشع في فمه عدوى وفي كفه نعيٌ وبعينيه وعيد رأسه ما بين…