فتحت سعودك كل باب مبهم

التفعيلة : البحر الكامل

فَتَحَتْ سُعُودُكَ كُلَّ بَابٍ مُبْهَمٍ

وَجَلا يَقينُكَ كُلَّ خَطْبٍ مُظْلِمِ

وَجَنَيْتَ غَضَّ الْفَتْحِ مِنْ وَرَقِ الظِّبَا

وَالنَّصْرَ مِنْ غَرْسِ الْقَنَا الْمُتَحَطِّمِ

فَانْهَدْ بِسَعْدِكَ قَبْلَ جُنْدِكَ لِلْعِدَى

وَابْعَثْ بِرُعْبِكَ قَبْلَ جَيْشِكَ تَهْزِمِ

وَاحْفَظْ بِحَزْمِكَ كُلَّ سِرْبٍ غَافِلٍ

وَاكْلأْ بِسُهْدِكَ جَفْنَ كُلِّ مُهَوِّمِ

فَالْحَتْفُ فَوْقَ غِرَارِ سَيْفِكَ يَلْتَظِي

وَالرِّزْقُ بَيْنَ بَنَانِ كَفِّكَ يَنْهَمِي

يَاعِصْمَةَ الثَّغْرِ الَّذِي دَارَتْ بِهِ

أَعْدَاؤُهُ دَوْرَ السِّوَارِ بِمِعْصَمِ

يَاقَائِدَ الْخَيْلِ الْمُغِيرَةِ بِالضُّحَى

وَمُزِيرَ رَبْعِ الْكُفْرِ كُلَّ مُطَهَّمِ

مِنْ كُلِّ بَرْقٍ بِالأَهِلَّةِ مُسْرَجٍ

قَيْدِ الأَوَابِدِ بِالثُّرَيَّا مُلْجَمِ

مِنْ أَخضَرٍ كالحِبْرِ أَوْ مِنْ أَشْقَرٍ

كَالتِّبْرِ أَوْ مِنْ أَحْمَرٍ كَالْعَنْدَمِ

أَوْ أَشْهَبٍ إِنْ لاَحَ فِي غَسَقِ الدُّجَى

فَكَأَنَّمَا هُوَ غُرَّةٌ فِي أَدْهَمِ

قَطَعَتْ سُيُوفَكَ كُلَّ حُكْمٍ قَاطِعٍ

وَقَضَتْ سُعُودُكَ قَبْلَ كُلَّ مُنَجِّمِ

وَإِذَا الْخُطُوبُ جَهِلْتَ لَحْنَ خِطَابِهَا

كَانَ الْحُسَامُ الصَّلْتُ خَيْرَ مُتَرْجِمِ

كَمْ فَتْكَةٍ لَكَ فِي الْعِدَى مَشْهُورَةٍ

يُزْرِي حَدِيثُ تَلِيدِهَا بِالأَقْدَمِ

وَكَتِيبَةٍ قَرَأَتْ ظُباكَ كِتَابَهَا

فَعَلِمْتَ مِنْهَا كُلَّ مَا لَمْ يُعْلَمِ

وَلَكَ الْجَوَارِي الْمُنْشَآتُ سَوَابِحاً

فِي الْيَمِّ أَمْثَالَ الصُّقُورِ الْحُوَّمِ

فَتْخُ الْقَواَدِمِ لِلْفَنَا قَدْ أَبْرَمَتْ

أَمْراً بِهَا كَفُّ الْقَضَاءِ الْمُبْرِمِ

مِنْ كُلِّ مُنْصَاعٍ كَأَنَّ شِرَاعَهُ

قِطَعُ السَّحَابِ سَرَتْ بِنَوْءِ المرْزَمِ

سَاحَ الْبَيَاضُ الْبَحْتُ تَحْتَ جَنَاحِهِ

فَتَراهُ فِي شِيَةِ الْغُرَابِ الأَعْصَمِ

تِلْكَ الْجَوَارِي الْمُنْشآتُ صَدَاقُهَا

مُهَجُ الْعِدَى وَخَلُوقُهُنَّ مِنَ الدَّمِ

وَحِجَالُهُنَّ مِنَ الْبُنُودِ فَلاَ تَرُمْ

وَصْلاً بِدِينَارٍ لَهُنَّ وَدِرْهَمِ

نَصَرَتْ عِبَادَ اللهِ جَلَّ جَلاَلُهُ

وَسَطَتْ بِعُبَّادِ الْمَسِيْحِ وَمَرْيَمِ

يَمَّمْتَهَا وَالْمَاءُ مُوْجُودٌ لَهَا

نَحْرَ الْعَدُوِّ فَكَانَ خَيْرَ تَيَمُّمِ

حَمَلَتْ رِجَالاً كَاللُّيُوثِ مَصَاعِباً

صُبُراً عَلَى لَفْحِ الْمِصَاعِ الْمُضْرَمِ

قَصَدَتْ بِهِمْ بَحْرَ الزُّقَاقِ عَزِيمَةٌ

قَدْ جَرَّدَتْ أَسْيَافَهَا لَمْ تَكْهَمِ

حَتَّى إِذَا طَلَعَتْ وُجُوهُ سُعُودِهَا

بِيضاً عَلَى ذَاكَ السَّوادِ الأَعْظَمِ

وَكَأَنَّ قَوْسَ الْغَيْمِ بَعْضَ قِسيِّهَا

وَذَوو الذَّوَائِبِ بَعْضَ تِلْكَ الأَسْهُمِ

نَادَى لِسَانُ النَّصْرِ يُفْصِحُ نَاطِقاً

يَا أُسْرَةَ الِّدينِ الْحَنِيفِ تَحَكَّمِي

كَمْ رَايَةٍ لِلْفَتْحِ فَوْقَ رُؤُوسِهِمْ

خَفَقَتْ وَكَمْ مَلْكٍ هُنَاكَ مُسَوَّمِ

فَتَرَكْنَ أَحْزَابَ الصَّلِيبِ كَأَنَّمَا

ثَمِلُوا بِمَخْتُومِ الرَّحِيقِ مُفَدَّمِ

تَفْلِي مَفَارِقَهَا الْمِيَاهُ كَأَنَّهَا

فِي الْبَحْرِ نَائِمَةٌ وَلَيْسَ بِنُوَّمِ

صَرْعَى عَلَى عَفْرِ الرِّمَالِ وَلِيمَةً

لِلْحُوتِ أَوْ لِلطَّيْرِ أَوْ لِلضَّيْغَمِ

نَادَيْتَهَا الْجَفْلاَءِ غَيْرَ عَجِيبَةٍ

هَذَا الصَّنِيعُ لِمِثْلِ ذَاكَ الْمَوْسِمِ

مِنْ كُلِّ مُنْسَحِبِ السَّوَابِغِ مُضْمِرٍ

سُمَّ الأَفَاعِي تَحْتَ جِلْدِ الأَرْقَمِ

وَمُلَفَّفِ فِي الْعَصْبِ أَعْرَتْ مَتْنَهُ

وَكَسَتْهُ حَاشِيَةَ الرِّدَاءِ الْمُعْلَمِ

أو بالسلاح لم يستطع عن نفسه

دَفْعاً فَمَدَّ لَهَا يَدَ الْمُسْتَسْلِمِ

أَقْفَرْتَ رَبْعَ الْكُفْرِ مِنْ سُكَّانِهِ

بِهَلاَكِهِمْ وَعَمَرْتَ رَبْعَ جَهَنَّمِ

وَسَقَيْتَهُمْ كَأْسَ الرَّدَى مَمْزُوجَةً

سُمَّ الأَسَاوِدِ فِي نَقِيعِ الْعَلْقَمِ

وَقَدَحْتَ فَوْقَ المَاءِ نَاراً تَلْتَظِي

وَسَفَحْتَ فَوْقَ البَحْرِ بَحْراً مِنْ دَمِ

فَكَأَنَّ صَفْحَ الْبَحْرِ مَدَّتْ فَوْقَهُ

أَيْدِي الرِّيَاحِ مَطَارِفاً مِنْ عَنْدَمِ

بُنْيَانُ كُفْرِ وُطِّدَتْ أَسَاسُهُ

لَوْلاَ دِفَاعُ اللَّهِ لَمْ يَتَهَدَّمِ

لِلَّهِ مِنْ يَوْمٍ تَعَاظَمَ قَدْرُهُ

فِي كُلِّ يَوْمٍ ذَاهِبٍ مُتَقَدِّمِ

نَعَشَ الْجَزِيرَةَ بَعْدَ شَدِّ وَثَاقِهَا

وَأَجَارَ مَنْ حَفَّتْ بِهِ مِنْ مُسْلِمِ

بِكْرُ الْفُتُوحِ نَضَتْ لَدَيْكَ نِقَابَهَا

مِنْ بَعْدِ طُولٍ تَقَنُّعٍ وَتَلَثُّمِ

سَمَرُ الرِّكَابِ إِذَا تَعَاوَرَهَا السُّرَى

مِنْ مُنْجِدٍ فِي الأَرْضِ أَوْ مِنْ مُتْهِمِ

وَغَريبَةٍ الزَّمَنِ الَّتِي آثَارُهَا

مَتْلُوَّةٌ بَيْنَ الْحَطِيمِ وَزَمْزَمِ

فَاهْنَأ بِهِ صُنْعاً جَمِيلاً وَارْتَقِبْ

مِنْ بَعْدِهِ إِتْيَانَ صُنْعٍ أَعْظَمِ

جَمَعَ الإِلَهُ بِيُوسُفٍ شَمْلَ الْوَرى

وَثَنَى النَّوَائِبِ وَهْيَ فَاغِرَةُ الْفَمِ

ثَبْت الْجَنَانِ إِذَا الْخُطُوبُ تَعَاظَمَتْ

مُتَبَسِّمٌ فِي الْحَادِثِ الْمُتَجَهِّمَ

يُمْضِي رِيَاحَ الْعَزْمِ غَيْرَ مُسَوِّفٍ

وَيُلاَحِظُ الآرَاءَ بَعْدَ تَلَوُّم

فَتَرَاهُ يَوْمَ الْحَزْمِ آخِرَ مُرْتَئٍ

وَتَرَاهُ يَوْمَ الْعَزْمِ أَوَّلَ مُقْدِمِ

تَنْمِيهِ مِنْ أَبْنَاءِ سَعْدٍ أُسْرَةٌ

كَرُمَتْ فَنِعْمَ الْمُنْتَمَى وَالْمُنْتَمِي

الطَّاعِنُونَ وَمَا بِهَا مِنْ طَاعِنٍ

وَالْمُطْعِمُونَ وَمَا بِهَا مِنْ مُطْعِمِ

كَلِفٌ بإِدْرَاكِ الْمَعَالِي هَائِمٍ

صَبٍّ بِأَبْكَارِ الْمَكَارِمِ مُغْرَمِ

فَتَرَاهُ بَيْنَ عَزِيمَةٍ تَفْرِي الطُّلَى

يَوْماً وَعَفْوٍ عَنْ جَرِيمَةِ مُجْرِمِ

قَسَماً بِجُودِكَ وَهْوَ أَيُّ أَلِيَّةٍ

وَبِعِزِّ مُلْكِكَ وَهْوَ أَسْمَى مُقْسَمِ

مَا ذِكْرُ أَيَّامِ الشَّبَابِ وَقَدْ مَضَى

أَوْ مَا الْغِنَى عِنْدَ الْفَقِيرِ الْمُعْدِمِ

بِأَجَلَّ مِنْ نَظَرِي لِوَجْهِكَ سَاعَةً

عِنْدِي وَأَحْلَى مِنْ ثَنَائِكَ فِي فَمِي

مَوْلاَيَ خُذْهَا غَادَةً عَرَبِيَّةً

تُزْهَى بِعِقْدٍ مِنْ عُلاَكَ مُنَظَّمِ

لَمَّا اعْتَزَيْتُ إِلَى ثَنَائِكَ بَانَ لِي

فِي الْعَقْلِ كَيْفَ وُجُوبُ شُكْرِ الْمُنْعِمِ

لَوْ قَالَ فِي هَرِمٍ زُهَيْرٌ مِثْلَهَا

هَرِمَ الزَّمَانُ وَذِكْرُهُ لَمْ يَهْرَمِ

أَو مَرَّ عَنْتَرَةٌ عَلَيْهَا لَمْ يَقُلْ

هَلْ غَادَرَ الشُّعَرَاءُ مِنْ مُتَرَدَّمِ


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

أما لو علمنا أنه ينطق الرسم

المنشور التالي

قلدت من نصر الإلاه حساما

اقرأ أيضاً

ألا قولا لحمدان

أَلا قولا لِحَمدانِ أَيا فاسِقَ مُردانِ وَيا بَطبَطَ صينِيٍّ وَيا سَوسَنَ بُستانِ لَقَد أُنبِئتُ تَهديدَ كَ إِيّايَ فَأَشجاني…