أصبحت لا بد لي أن أنفث الصدرا

التفعيلة : البحر البسيط

أصبحت لا بُدَّ لي أن أنفُثَ الصَّدرا

بنفثةٍ تبهج الأشعارَ للشُّعَرا

أصبحتُ لا بُدَّ لي من نفثَة وبها

أُحَصْحِصُ الحقَّ عن مكنون ما سُتِرا

أصبحتُ لا بدَّ لي من نَفْثَتَينِ ولا

مني أرى لهما الإبهام منتظرا

أصبحت لا أرض لي ولا سماءَ تُرى

غير الذي من هوى ميمون مُنتَثِرا

وَقِلْتُ لا جِسم لي ولا فؤادَ سوى

ما من هواي لميمونَ الذي اشتهرا

وَقِلْتُ قلبيَ فارغاً وليس له

غيرٌ عدا ذِكْرِهِ ميمونَ منتشرا

ورُحتُ لا سرَّ لي والقلب لي خلا

خلا إذا ذُكِرَتْ ميمونَ يدّكِرا

ورُحتُ حيران لا أدري الأنام ولا

شُغلاً لها غير ميمون الذي انتظرا

وبتُّ غير معَاهِدٍ لها حُصرت

ذكر المَعَاهِدِ عندي حُسنُه حُصرا

وبتُّ غير الذي من حُسنها نَظَرَتْ

نفسي فلا غيرَها نفسي له نَظَرا

وسائلي عنه لا تسمع سواي ولا

فليس يُسمع قولٌ غير ما اختبرا

هي الشفاء ولا مِثْلٌ لها بَصُرت

عيني ولا دهرنا غيري له بصُرا

هي الشفاء ذكاءً والجمال بهِ

ضاهت شموس الضحى وفاقت القمرا

هي التي أخذت قلبي حقيقتها

غَزْلي بها ليس من مجازِ مَن شَعرَا

تلوحُ ليلاً على صبح تُقِلّهما

غصنا لها خاتمٌ تفترُّه دُررا

لها مُحيّاً به جثمانها نُصرت

وقيهلٌ جثَّةٌ لها بها نُصرا

خودٌ وممكورة وغادة مكرت

قلبي بحبٍّ لها وغيرها مُكرا

هِرْكَوْلَةٌ ورداح طَفْلَةٌ صدرت

جسمي وروداً بحبٍّ لا يُرى صَدَرَا

رعبوبة وخبنداةٌ خدلّجةٌ

هيفاء مقبلةٌ عجزاء مدَّبرا

أُملودُ عطبولة رأدٌ بَرَهرَهَةٌ

غيداء بهنانةٌ خريدة خفرا

نوارُ غانيةٌ عَرُوبة نثرتْ

وُدَّاً لقلبي به عن غيرها نُثرا

أصبحتُ لولا شهودِ من لها خَلَقا

وصوَّر الخلقَ منها تاركاً صُورا

ربِّي جليلٌ جميلٌ قدرُهُ عظُما

عن أن يُقَدَّر وهو قدَّر القَدَرا

الله جلَّ جلالاً في الجمال وفي

جلاله من عظيم الوصف ما غَمَرَا

وانظر إلى وصفه ترى الصِّفات سوى

صفاته لَنْ تُرى نظْراً لمن نظرا

وكيف يظهر وصفٌ غيره معه

والغيرُ مع وصفه في الحقِّ ما ظهرا

وكيف وهو الذي في كثرة أحدٌ

وظاهرٌ باطنٌ في كلِّ ما كثُرا

وكيف وهو الذي في وَحْدَةٍ خَلَقا

مَنَّا ومن غيرنا الجَلِيْ وما استترا

فهو الذي يَعلَمُ الذي يكون وما

قدْ كان في أَزَلٍ جمعاً وما انتثرا

وهو المريد الذي له إرادته

وقادرٌ وعلى إرادة قَدَرا

له الكلامُ له الحياة مستمعاً

باقٍ قديماً بصيراً يبصر البَصَرا

له الإنيَّة والهُويَّة القَدِمَا

ولفظ أنت له عن كل ما ذُكرا

وُجُودُهُ لم يكن معه الوجود ولا

وليس ينكِرُ ذاك غيرُ مَن كَفَرا

من أين وهو الذي التصرف لا

سواه يفعل أمراً لو يرى أَمَرا

فالآمرون وكل من يُرَوا أمروا

ومن نَهَوا كُلُّهُم أمرٌ له أُمَرَا

يُعطي الجَزيلَ بلا مَنٍّ ولا سَبَبٍ

وشكرُهُ مُؤذنٌ زيداً لمن شَكرا

فالعَرشُ والفَرشُ والمَلَكُ الذي حملوا

له الذي منهُمُ سرّاً وما جَهَرا

أحاط علماً وأحصى علمه عدداً

كُلَّ الذي كان شيئاً أو يكون جرى

يسقي القلوبَ رحيقاً منه معرفةً

يشفي سرائرَهُم تكون مبتَصِرا

يسقيهمُ من كؤوس الحب أشربةً

تُخامر العقلَ بالعرفانِ تختمرا

إذا تجلَّى على القلوب خامرها

وُدٌ ينَسِّي وداد الخمر ما اختمرا

أحلى وأطيبُ من مسكٍ ومن عَسَلٍ

يُنسي الغواني على الفتيان لو حضرا

أجلى وأظهرُ من شمس الضُّحى وبما

جَلَى بلا حُجُبٍ من عينك القمرا

لوكان للحُسنِ يدري من رأى الحسنا

أنساه صنعُ الإله ما يرى ودرى

أو كان اسم الغواني من درى وسما

أسماءه لنسى منهنَّ ما ادَّكرا

سبحان مبدع ما يكون من جمدٍ

وما يُرى ذَوَباناً كان وانتشرا

سبحان مبدع ما فيه الحياة وما

فيه المماتُ وما في الحشرِ محتشرا

سبحان مبدعِ ذي الدنيا وضرَّتِها

وواهبٍ خيرَهُ ودافعٍ ضَررا

سبحانه ومنَزَّهٌ عن المثل

تنَزَّهَ الله أن يماثل البَشرا

تنَزَّه الله عن شبه الأنامِ وعن

دَرْكِ العُقُولِ وما في القلب قد خطرا

تنَزَّه الله عن إدراكِ مُعتَبِرٍ

اللهُ أعظمُ من دَرْكٍ لما اعتبرا

تنَزَّه الله في الأسرار والعَلَنِ

عن أن يضاهَى بما يُرى ويُنتَظرا

أُثني عليه بما قد جاء في الكُتُبِ

وما عن الكُتْب والأملاك مُدَّخرا

أُثني عليه بكل اسمٍ له وبما

من وصفه بثناءٍ ليس منحَصِرا

أُثني عليه ولا أُحصي الثناء كما

بنفسه قد ثنى عليه مُقتَدِرا

ومنه بالوصف والأسماء أطلبه

مطالبي كلها تكمل تكن خِيَرا


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

بالواسعات أرى الأشواق تنهمر

المنشور التالي

طربت وعناك الهوى والتطربُ

اقرأ أيضاً